جريدة عنب بلدي – العدد 38 – الاحد – 11-11-2012
مازال نظام الأسد وذراعه العسكرية والامنية تزيد من وتيرة وحشيتها ودمويتها وتقدم في كل يوم الدليل تلو الآخر أنها لا تتقن سوى سياسة القتل والتدمير وليس ذلك فقط بل أنها مستعدة دوما لتقديم أكثر الأمثلة بشاعة وفظاعة على ذلك من قصف مركز على المدنيين وحرق المنازل والممتلكات إلا ما استطاعوا سرقته والاعدامات الميدانية والتنكيل بالجثث وكل ما من شأنه تحقير الكرامة الإنسانية وبث الرعب والذعر في قلوب الناس الامر الذي يعبر عن مدى الحقد والكراهية التي تسكن ضلوع هذا النظام وجنوده .
هذه الوحشية والبربرية وبحكم الطبيعة الإنسانية خلقت في نفوس المقاتليين وحتى المدنيين الرغبة في الانتقام والثأر ولاغرابة في أن تدفعنا جرائم النظام إلى المطالبة بالقصاص منه والقصاص مختلف كليًا عن الرد على هذه الجرائم بمثلها باستهداف المدنيين مثلًا ولو كانوا من أنصاره، وهو ما يدعوا إلى معرفة موقف كل من الإسلام والقانون الدولي من المعاملة بالمثل وحدود هذا المبدأ .
أما في الاسلام فان قاعدة ((من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)) مؤطرة بالقصاص الشرعي المعروف الحدود والضوابط ففي قتل المدنيين يعتدي المحارب على المدنيين المسلمين والقصاص يكون بقتل المحارب لا بقتل المدني لأننا نكون بذلك قد خالفنا قاعدة: (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) وفي هذا السياق نذكر أنه أتوا إلى أبو بكر الصديق رضي الله عنه برأس أمير قد قتلوه فغضب أبو بكر رضي الله عنه
قالوا له: ولكنهم يحملون الرؤوس، (أي معاملة بالمثل) فقال لهم: فاستنان بفارس والروم !!! اي رفض الاقتداء بهم.
وفي القانون الدولي الإنساني فإنه ينص ويشدد على واجب كل طرف بالتزام قانون النزاعات المسلحة وإن كان الطرف الآخر ينتهك قواعد هذا القانون، وعليه فإنه من المحظور القيام بعمليات الانتقام والثأر، وقد استند في ذلك إلى عدم جدوى إعمال الثأر في وقف انتهاك القانون واللجوء إلى الدموية والوحشية التي يمارسها لنظام لن تردعه عن نهج القتل والتنكيل الذي يمارسه بل على العكس فقد تكون مبررًا له بالاستمرار في هذا النهج وزيادة وتيرته.
كما أن قانون النزاعات المسلحة يحظر عمليات الانتقام التي تنطوي على استهداف مباشر للمدنيين وبث الذعر بينهم ومعاملة معتقلي الخصم معاملة لا إنسانية .
مقتضى ذلك أنه إذا كانت سياسة النظام تدعوه إلى قصف الامنيين في منازلهم أو تعذيب المعتقليين في سجونه أو الاعدامات الميدانية للمدنيين التي تحدث في كل يوم على حواجز جيشه أو حالات الاغتصاب المفجعة التي يقوم بها وحوشه أو قتل الجنود المحاصرين الذين نفذت ذخيرتهم وأصبحوا عاجزيين عن القتال أو استسلموا لا يجيز لعناصر الجيش الحر اللجوء الى هذه المنهجية الوحشية ويكون ردنا عليها بأن نصر على تحلينا بقيم لارسول الأعظم صلى الله عليه وسلم وأخلاقه ومن بعده خلفائه الراشدين في وصاياهم لجيوشهم الفاتحة (( لاتتبعوا مدبرًا ولاتجهزوا على جريح ومن ألقى سلاحه فهو آمن )) ، (( لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلًا ولا شيخًا كبيرًا ولا امرأة )) وهو مايخدم قضيتنا وأهدافنا بل إنه يجعل من القريب تحقيقها.
إن الشريعة الإسلامية ونصوصها الكثيرة التي تنص على واجب التزام المحارب المسلم بالضوابط التي ترفع من شأنه وشأن قضيته وإلى جانبها نصوص القانون الدولي الانساني التي تدعوا إلى الالتزام بقيم المحارب الشجاع كلها تحظر اللجوء إلى العنف والدموية والعمليات الانتقامية والرد على العدو الهمجي بنفس سياسته وأخلاقه كما أنه من مقتضى المنطق والعقل في معركة الحق في مواجهة الباطل ومعركة العدل ضد الظلم الدائرة على أرض سوريا ألا يتحلى جنود الحق والعدل بأخلاق الظلم والباطل .