في يوم ذكراهم.. ضحايا هجمات الكيماوي في سوريا بانتظار العدالة
في دورته الـ20 عام 2015، قرر مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية “حظر الأسلحة الكيماوية” أن يكون يوم الـ30 من تشرين الثاني هو “يوم إحياء ذكرى جميع ضحايا الحرب الكيماوية”.
ووفقًا لمنظمة “حظر الأسلحة الكيماوية“، فإن مجرد ذكر مدن معينة، مثل حلبجة في العراق أو ساردشت في إيران أو الغوطة في سوريا، يستحضر صورًا مؤلمة عن المعاناة والموت، وتحيي المنظمة ذكرى ضحايا الهجمات الكيماوية من خلال مهمتها في إزالة هذه الأسلحة من العالم.
كما تعترف المنظمة في الوقت نفسه بأن الناجين من الهجمات الكيماوية ليسوا مجرد رموز للمعاناة، بل هم بشر يستحقون الدعم والمساعدة الفعالة.
وفي عام 2015، أحيا العالم ذكرى أول استخدام واسع النطاق للأسلحة الكيماوية في بلجيكا، وهو الحدث الذي شهد ظهور نوع جديد من الحروب التي أدت إلى حرمان الملايين من حياتهم وصحتهم.
وبموجب اتفاقية “حظر الأسلحة الكيماوية” (سوريا طرف فيها)، تتعهد الدول الأطراف في هذه الاتفاقية بعدم قيامها تحت أي ظرف باستحداث أو إنتاج الأسلحة الكيماوية أو حيازتها بأي طريقة، أو تخزينها أو الاحتفاظ بها، أو نقل الأسلحة الكيماوية بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى أي مكان، كما يحظر استعمال الأسلحة الكيماوية للقيام بأي استعدادات عسكرية.
وأصبحت سوريا عضوًا في “اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية” في 14 من تشرين الأول عام 2013، بعد الهجوم الكيماوي الذي استهدف الغوطة الشرقية في ريف العاصمة السورية دمشق، في 21 من آب من العام نفسه، والذي أودى بحياة مئات الأهالي في المنطقة.
وكان من أهم مقتضيات الاتفاقية إنشاء لجنة تفتيش في الأمانة الفنية الخاصة بالاتفاقية، وإعطاؤها القدرة على القيام بالتحقيق في ادعاءات استخدام أسلحة كيماوية، وتعتبر اللجنة مستقلة وتقنية، وإذا ما وجدت لجنة التحقيق أن دولة طرفًا بالاتفاقية قد قامت بانتهاك بنودها فلها أن تقيّد أو تعلّق حقوق الدولة الطرف وامتيازاتها بموجب الاتفاقية بناء على توصية المجلس التنفيذي، إلى أن تتخذ الإجراءات اللازمة للوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية.
مغالطات في التعامل مع إعلان تدمير الترسانة الكيماوية
وهناك كمّ من المغالطات الكبيرة التي تشوب إعلان حكومة النظام السوري عن تدمير ترسانته الكيماوية، بحسب تقرير أصدرته “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” اليوم، الاثنين 30 من تشرين الثاني، وهذا يشير إلى واقع تعامل النظام مع منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية” وخضوعه المنقوص لبنود اتفاقية “حظر الأسلحة الكيماوية”، وهذا ينتج “صورة مخزية وقاتمة في مسار التخلص من هذه الذخائر”.
وأثار التقرير تساؤلات لدى السوريين بشكل خاص عن مدى قدرة منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية” على تحقيق هدفها في عالم خالٍ وبشكل دائم من السلاح الكيماوي.
وسجل التقرير 222 هجومًا كيماويًا في سوريا منذ أول استخدام موثق في قاعدة بيانات “الشبكة السورية” لاستخدام السلاح الكيماوي في كانون الأول 2012 حتى 30 من تشرين الثاني الحالي.
وكان 217 من إجمالي الهجمات الكيماوية نُفذت على يد قوات النظام السوري، تسببت بمقتل أكثر من 1510 أشخاص يتوزعون إلى 1409 مدنيين بينهم 205 أطفال و260 سيدة (أنثى بالغة) و94 من مقاتلي المعارضة المسلحة، وسبعة أسرى من قوات النظام السوري كانوا في سجون المعارضة المسلحة.
وكانت “لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا“، التي أُنشئت من قبل مجلس حقوق الإنسان في 22 من آب عام 2011، ذكرت في البند “رقم 128” من تقريرها السابع الصادر في 2014 أنه “توفرت للجنة إمكانية الوصول إلى مخزون الأسلحة الكيماوية التابع للجيش السوري”، في إشارة إلى الهجوم الكيماوي الذي وقع في بعض مدن وبلدات ريف دمشق بتاريخ 21 من آب 2013.
وفي 27 من أيلول عام 2013، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار “رقم 2118” المؤيد لـقرار المجلس التنفيذي لمنظمة “حظر الأسلحة الكيماوية” المتضمن إجراءات خاصة للتعجيل بتفكيك برنامج الأسلحة الكيماوية السورية وإخضاعه لتحقيق صارم.
وكان القرار “رقم 2118” ذكر في بنده الـ21 أنه سوف يفرض تدابير بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في حال عدم امتثال النظام السوري لهذا القرار، بالإضافة إلى طلبه في المادة الرابعة بألا يقوم النظام في سوريا باستخدام أسلحة كيماوية أو استحداثها أو إنتاجها أو حيازتها بأي طريقة أخرى أو تخزينها أو الاحتفاظ بها.
وفي المادة الخامسة من القرار، أُلزم أطراف النزاع في سوريا بعدم استخدام الأسلحة الكيماوية، أما المادة “رقم 15” من القرار، فتضمنت ضرورة محاسبة الأفراد المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا.
وأدان مجلس الأمن بموجب القرار “رقم 2209” في عام 2015، استخدام أي مواد كيماوية سامة، مثل الكلور، كسلاح، وأكد ضرورة محاسبة الأفراد المسؤولين، وهدد مرة أخرى بفرض تدابير بموجب الفصل السابع في حالة زيادة استخدام المواد الكيماوية كأسلحة، وصوّت لمصلحة ذلك القرار 14 عضوًا في مجلس الأمن، بما في ذلك روسيا حليفة النظام السوري، وامتنعت حينها فنزويلا عن التصويت.
أدلة على ضلوع النظام السوري
وأصدرت منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية” تقريرًا لها، في 8 من نيسان الماضي، حمّلت فيه النظام السوري المسؤولية عن ثلاث هجمات كيماوية، استهدفت مدينة اللطامنة في 24 و25 و30 من آذار 2017.
وجاء في التقرير أن طائرة عسكرية من طراز “SU-22” تابعة لـ”اللواء 50” من الفرقة الجوية “22” في قوات النظام، أقلعت الساعة السادسة من صباح 24 من آذار 2017، من قاعدة “الشعيرات” الجوية جنوبي حمص.
وأوضحت المنظمة أن الطائرة قصفت جنوبي اللطامنة بقنبلة “M-4000” تحتوي على غاز السارين، ما أدى إلى إصابة ما لا يقل عن 16 شخصًا.
أما الهجوم الثاني فكان بعد يوم واحد فقط، إذ غادرت طائرة مروحية قاعدة “حماة” الجوية في الساعة الثالثة ظهرًا، وقصفت مستشفى “اللطامنة” بأسطوانة تحوي الكلور، ما أدى إلى إصابة 30 شخصًا على الأقل.
وفي 30 من آذار 2017، أقلعت طائرة من مطار “الشعيرات” من طراز SU-22″” تابعة لـ”اللواء 50” من الفرقة الجوية “22” التابعة لقوات النظام، وقصفت جنوبي اللطامنة بقنبلة “M-4000” تحتوي على غاز السارين، ما أثر على 60 شخصًا على الأقل.
وخلص التقرير إلى أن هذه الهجمات لم تكن لتنفذ لولا معرفة الجهات العليا للسلطات العسكرية السورية بالأمر، لكنه أكد أنه ليس سلطة قضائية، وأن الأمر يجب أن يناقش في مجلس الأمن، وبين الدول الموقعة على اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية.
ولقي التقرير ترحيبًا أمريكيًا وأوروبيًا، وواجه تشكيكًا من روسيا، ونفيًا من النظام السوري، الذي اعتبره “كاذبًا ومضللًا ومزيفًا”، بينما يبدو من وجهة نظر سوريين معارضين للنظام فرصة جيدة للاستثمار في تحريض التحركات الدولية.
وكانت تلك التقارير الأممية والمستقلة من قبل عدة منظمات بمثابة سلسلة من التحقيقات التي درست الوضع في المدن والبلدات التي استخدم النظام السوري فيها أسلحة كيماوية، ضمن الوسائل والاختصاص المشروع اللذين تباشر اللجان التحقيق من خلالهما.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :