توفي الأديب والروائي السوري، فاضل أبو السعود السباعي، في العاصمة السورية دمشق، عن عمر يناهز الـ91 عامًا.
ونعت ابنته خلود والدها، عبر “فيس بوك”، الأربعاء 25 من تشرين الثاني، وقالت، “سيبقى نورك يا والدي الحبيب يضيء فؤادي ومقلتي ودربي”.
وقال الصحفي السوري محمد منصور إن السباعي كان مسكونًا بالروح السورية.. انتمى إلى حلب وكتب عنها ولها.. لكنه أحب دمشق وكان مساهمًا بازرًا بالكتابة عنها في عهود ازدهار الصحافة الورقية والثقافية، خلال النصف الثاني من القرن العشرين كله”.
وأوضح، عبر صفحته في “فيس بوك” أنه “عاصر كل رؤساء سوريا من الانتداب الفرنسي إلى القتلة المجرمين، حافظ الأسد وابنه”.
واستلهم المخرج علاء الدين كوكش رواية فاضل السباعي “ثم أزهر الحزن” التي تحولت إلى مسلسل بعنوان “البيوت أسرار”، الذي اختزل نكهة البيئة الشعبية الحلبية، بحسب منصور.
واعتبر الصحفي السوري أن “فاضل السباعي المملتئ علمًا ومعرفة ورقيًا وحيوية كان جديرًا بأن يمثل حلب، وأن يكتب بحب عن دمشق، وأن يكون وجهًا ثقافيًا سوريًا يمثلنا.. لكن شهرته كانت أقل مما جسده من قيمة.. وهذا طبيعي في ظل الحكم الظلامي الهجمي الذي قتل حيوية المجتمع والثقافة”.
لدى فاضل السباعي أربعة أولاد، هم بالترتيب سوزان وسهير وخلود وفراس، وفي آخر منشور له عبر “فيس بوك” 23 من الشهر الماضي، أشاد بابنته خلود قائلًا إن “ابنتي خلود خريجة كلية الفنون الجميلة في دمشق، لكني عرفت اليوم في محنتي المرضية وكأنها تخرجت من كلية التمريض في سويسرا”.
تعرض في حياته الوظيفية للأذى من رؤسائه صغارًا وكبارًا، بحسب سيرته الذاتية الموثقة في كتاب “أعلام الأدب العربي المعاصر“، ولكنه كان سعيدًا بتقدير ثلاثة من رؤساء متعاقبين في جامعة دمشق له، كونه كاتبًا قبل أن يتعرفوا عليه شخصيًا.
تحدث عن حادثة اعتقاله في الكتاب قائلًا إن “جامعة حلب دعتني إلى لقاء جمع بيني وبين طلاب قسم اللغة العربية، تحدثت خلال ساعتين عن تجربتي القصصية والروائية، وسردت في نهايته قصة ألهبت أكف الطلاب حماسة بقدر ما أثارت علي من غضب السلطة، التي بادرت باعتقالي لحظة خروجي من الجامعة، ولم يُطلق سراحي إلا بمساعٍ من أصدقائي، بعد أن قضيت أيام عيد الميلاد عام 1980، في زنزانة رطبة في معتقل بالعاصمة دمشق، وصنفوني في عداد الخارجين عن القانون”.
وكان قد شجب واستنكر هجر بعض أهله ومحيطه له في أثناء تعبه الأخير، من خلال “فيس بوك“، واتهمهم بالتقصير في إعانته ثقافيًا وصحيًا، كما قال.
وكان السباعي يشارك يومياته في أثناء مرضه الأخير ومن الكلمات الأخيرة التي اشتكى فيها تعبه وأوجاعه وآلامه، قوله “يا الله لقد أتعبتني أوجاع الجسد وصروف الحياة فخذني إليك يا الله”، متمنيًا الموت بسبب ما عانه من آلام المرض.
فاضل السباعي هو كاتب قصصي وروائي، وعضو مؤسس لاتحاد الكتاب العرب في دمشق، ولد في مدينة حلب شمالي سوريا، عام 1929، وأنهى الدراسة الابتدئية التي تنقل خلالها بين ثلاثة مدارس عام 1943 والثانوية في 1950.
ذهب السباعي إلى مصر برفقة زوجته، التي تزوجها بعد حصوله على الثانوية وبنفس العام، وكان قد أنجب طفلته الأولى، ليدرس في كلية الحقوق في جامعة القاهرة، ثم عاد إلى سوريا عام 1954 مع زوجته وابنته، وبدأ بالتدريس بالإضافة لكتابة القصة، وانضم إلى نقابة المحامين عام 1955، واستوحى بعضًا من قصصه من تجربته في المحكمة.
استمر عمل السباعي كمحامٍ حتى عام 1957، ثم عمل كموظف في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حتى عام 1969، وعمل بعد ذلك في المكتب المركزي للإحصاء، وشغل منصب مدير الإحصاء في دمشق، بالإضافة لكونه عضوًا في لجنة التخطيط في الشؤوون الثقافية بجامعة دمشق بين السنوات 1978 و1982.
كان لفاضل السباعي قصص ومقالات أدبية ونقدية خلال عمله ونشرتها المجلات العربية آنذاك، عاد السباعي إلى الشؤون الاجتماعية والعمل كمعاون للمدير، عام 1963، ثم عُين مديرًا لمعهد سيف الدولة في حلب، ثم نُقل عمله إلى دمشق واستقر فيها حتى وفاته.
سافر السباعي إلى باريس 22 من تشرين الأول من عام 1977، وحصل على تدريب في دورة “الأرشيف”، وعاد إلى سوريا شاغلًا منصب الإدارة المركزية في وزارة التعليم العالي، مديرًا للترجمة والنشر، لكنه ترك العمل الحكومي عام 1982 متفرغًا للكتابة ومؤسسًا لدار إشبيلية للدراسات والنشر والتوزيع في دمشق.
تُرجمت بعض أعماله إلى اللغة الإنجليزية والفرنسية والروسية، ومن أبرز مؤلفاته، كان أولها قصة “الشوق واللقاء” التي نشرها في دار إشبيلية للنشر، و”مواطن أمام القضاء” و”الليلة الأخيرة”، بالإضافة إلى عدد من كتب السير الذاتية وأدب الرحلات.