عروة قنواتي
ليلة لن ينساها عشاق الكرة الألمانية والأوروبية والعالمية على الإطلاق، لا تشبه ليلة خروج المنتخب الألماني على يد كرواتيا بثلاثية نظيفة في مونديال 1998، لا تشبه الخروج المرير من دور المجموعات في مونديال 2018 أمام كوريا الجنوبية بهدفين نظيفين، وليست بنفس سيناريو الخروج أمام بلغاريا في إقصائيات مونديال الولايات المتحدة 1994، لا تشبه أي ليلة أبدًا!
الماتادور الإسباني يدخل حلبة الصراع، ويهدم أولى طبقات الجدار الصلب بسداسية نظيفة في دوري الأمم الأوروبية، والماكينات بلا حراك، بلا دفاع عن نوير.
نوير الذي دافع عن اسم ألمانيا لسنوات طويلة وفي بطولات صعبة، وفي 90 دقيقة كالكابوس بل أيام، كان يدافع عن ألا تصبح النتيجة أكبر، كل ما في مؤشرات الطبيعة على العشب الأخضر كان يشير إلى رغبة إسبانية بتحقيق المزيد، عيون إنريكي كانت تلمع باتجاه التبديلات بالأسماء المهمة.
والسؤال كان فعلًا، ماذا لو هبطت معنويات وقدرات نوير بعد الهدف الرابع؟
ماذا لو كانت النتيجة أكبر وأشمل وأكمل؟ قد يتحدث متألم من كرة القدم وعدم رأفتها بتاريخ العظماء (لا تهم النتيجة الرقمية مهما بلغت أمام السقوط)، لكن التاريخ لا يرحم أيضًا أيها المتألم، فلو وصلت النتيجة إلى ثمانية أو تسعة أهداف، لا أعلم كيف سيكون المشهد في اليوم التالي على الأرض الألمانية وفي كل مكان بالعالم يصل إليه عاشق كروي ألماني.
وبصرف النظر عن رغبة “عاشق وكاره” الكرة الألمانية في تلك الليلة، إلا أن الأغلبية العظمى رأت في خروج لوف (المتأخر والحالي) أمرًا ضروريًا لتلافي آثار العاصفة المدمرة.
على أن يواكيم قدم ما عليه وصنع تاريخًا جديدًا للماكينات بين كأس العالم وأمم أوروبا ولكن ما في جعبته نفد، وعليه أن يقبل بهذا الواقع ويخرج من باب نتائجه لا من باب الهزائم الثقيلة.
تحدثت أوروبا ودول العالم كثيرًا تلك الليلة عن الهزيمة، وتحدثت في اليوم الثاني واليوم الذي يليه، ولم يتحرك يواكيم لوف من مكانه، لا بل نال ثقة الكبار في الكرة الألمانية وعلى رأسهم بيكنباور ورومينيغه.
وهو بنفسه رد على بعض الصحفيين في المؤتمر الصحفي لدى سؤاله ماذا تفعل وأين ستذهب؟ فقال: اسألوا الاتحاد الالماني أين أعمل أنا حاليًا، كتأكيد على الثقة التي يعزز مكانته فيها، وبأن ثورته بعد الخروج من كأس العالم 2018 ما زالت مستمرة، الثورة التي أوصلت الفريق الأول إلى هزيمة أمام إسبانيا بسداسية نظيفة.
المهم، نامت ألمانيا بحزن ونامت إسبانيا بإنجاز إنريكي، وانقسم العشاق في أحلامهم ويقظتهم بين شامت ومتحسر وبين رابح وخاسر، كيف نامت البرازيل تلك الليلة؟ وكيف نامت غيرها من المنتخبات؟ هذا كله لم يعد يهم.
النتيجة مسجلة، والتاريخ يشهد ولا يرحم، والجدار الصلب ما زال برأي كثيرين قابلًا للتصدع والهدم الجزئي ما لم تتدخل الأيدي لإنقاذ المشهد، كرة القدم كانت قاسية على ألمانيا قبل أيام، وألمانيا بنفسها يجب أن تجلب الحل.