مفقودو الرقة.. حاضرون في الأذهان غائبون عن السجلات
الرقة – حسام العمر
على وقع غارات “التحالف الدولي” خرجت شمسة مع أبنائها هاربين، وأصوات رصاص المعارك بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وقوات تنظيم “الدولة الإسلامية” تقترب ملقية في قلوبهم الرعب، “كان الخروج سريعًا وأضعنا بعضنا، لكننا تجمعنا باستثناء خالد”، قالت المرأة الخمسينية لعنب بلدي، متحدثة عن ابنها الذي كان يبلغ 19 عامًا حين فقدته عام 2017.
آلاف المفقودين ما زال أهلهم يحاولون معرفة مصيرهم، بعد أكثر من ثلاث سنوات على طرد قوات التنظيم من المدينة ووقوعها تحت سيطرة “قسد”، وفي حين لم تحدد بعد هويات آلاف الجثث المستخرجة من المقابر الجماعية، تتجه أنظار السكان نحو السلطة الجديدة بحثًا عن أجوبة.
لا طائل من البحث
لم يفضِ بحث شمسة النافع عن ابنها خالد إلى نتيجة طوال الأعوام الثلاثة الماضية، حسبما قالت لعنب بلدي، مضيفة أنها توجهت مرات عديدة إلى المؤسسات المعنية بالمفقودين التابعة لـ”الإدارة الذاتية” الحاكمة، وإلى فريق “الاستجابة الأولية” المسؤول عن انتشال الجثث، “دون جدوى”.
تأمل شمسة أن تحصل على دليل على مكان ابنها الشاب، وهي تدعو الله أن تجده حيًا، أو أن تعلم يقينًا بوفاته وأن تتمكن من دفنه في مكان تستطيع فيه زيارته، حالها كحال غيرها ممن فقدوا أحباءهم.
ورغم قيام فريق “الاستجابة الأولية” في الرقة، التابع لـ”مجلس الرقة المدني”، بانتشال 6070 جثة، توزعت على 27 مقبرة جماعية، حتى تشرين الثاني الحالي، فإن أعضاءه لم يتمكنوا من التعرف سوى إلى هوية 700 منها، في حين ما زالت معظم الجثث مجهولة الهوية، لعدم امتلاك الفريق أجهزة حديثة لإجراء تحاليل الحمض النووي للتعرف إلى أصحابها.
يؤكد أهالي الرقة أن أغلبية الجثث تعود لمن سقطوا بالقصف على المدينة خلال المعارك، ودُفنوا على عجل، وليسوا معتقلين لدى التنظيم، رغم وجود عشرات الدلائل على أن أغلبية المقابر الجماعية المكتشفة كانت على يد قواته.
وفي أثناء سيطرة التنظيم على الرقة، شهدت المدينة اختطاف ناشطين مدنيين واعتقال من اتهموا بالارتباط بـ”الجيش السوري الحر” أو جهات “معادية” أخرى.
كما نُفذت إعدامات ميدانية متعددة على أيدي مقاتلي التنظيم، قُتل نتيجتها المئات في الرقة، إضافة إلى وجود عدد كبير من المدنيين في معتقلات التنظيم.
مقابر مكتشفة
من أهم المقابر التي كُشف عنها كانت “تل زيدان”، شرقي مدينة الرقة، التي انتهى أعضاء فريق “الاستجابة” مؤخرًا من انتشال الجثث منها، وتعود أغلبيتها لعناصر قوات النظام، الذين قبضت عليهم قوات التنظيم عند سيطرتها على مطار “الطبقة” عام 2015.
وكانت “قسد” سلمت قبل أشهر قليلة النظام السوري جثامين لعناصر له، اكتشفت جثثهم في مقبرة جماعية في “اللواء 93” بعين عيسى الذي سيطر عليه تنظيم “الدولة” عام 2015.
نداءات دون صدى
فقد صابر النايف، من قرية حزيمة في ريف الرقة الشمالي، أحد أبنائه في أثناء المعارك التي حدثت شمال القرية، بعد أن تعرض للاعتقال على يد قوات التنظيم، بحجة التخابر مع “قسد”.
شارك صابر ابنه المعتقل بداية، للتهمة ذاتها، لكن لكبر سنه ومعاناته من مرض القلب، أفرج عنه تنظيم “الدولة”، مع الإبقاء على ابنه.
بقي الشاب المسجون حيًا، حسبما قال والده لعنب بلدي، حتى آخر فترات سيطرة التنظيم على القرية، لكن ما تبقى من قصته ما زال مجهولًا، “وحاولنا مرارًا وتكرارًا السؤال عنه داخل معتقلات (قسد) لكن دون جدوى حتى الآن”.
تكررت نداءات المنظمات الحقوقية لـ”الإدارة الذاتية” للبحث في ملف المفقودين على يد التنظيم، والتعاون مع أهلهم، وذكرت منظمة “هيومن رايتس وواتش”، في تقريرها الصادر في آب الماضي، أن السلطات لم تخصص موارد للبحث عن المفقودين أو للنظر بجدية في طلبات الأهالي.
ودعت إلى إنشاء نظام مركزي للتواصل مع عائلات المفقودين والمخطوفين، والوصول إلى المعلومات الاستخباراتية الرئيسة عن عناصر قوات التنظيم المشتبه بهم والأدلة التي تتوفر حولهم، والمعلومات المتعلقة بنبش القبور الجماعية، إلا أن “الإدارة” لم تستجب بعد، والأهالي ما زالوا بالانتظار.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :