الأزمات الاقتصادية في سوريا.. ما مسؤولية الحكومة
عنب بلدي – روزنة
تتكرر مشاهد الطوابير اليومية على المخابز في مناطق سيطرة النظام السوري، ويتداول ناشطون صورًا لطوابير المواطنين في محاولة لتأمين رغيف الخبز، وبات الحديث يتكرر حول أزمة الخبز ودور الحكومة السورية في تفاقم الأزمة، وسط تحذيرات أممية من انعدام الأمن الغذائي في سوريا.
كما يعاني السوريون في مناطق سيطرة النظام السوري من أزمات متعددة نتيجة ارتفاع الأسعار، خصوصًا مع تراجع سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار.
واقترب سعر صرف الدولار، الثلاثاء 24 من تشرين الثاني، من حاجز 3000 ليرة سورية، للمرة الأولى منذ حزيران الماضي، وسط ارتفاع في الأسعار تشهده مناطق سيطرة النظام.
وجه برنامج “صدى الشارع” عبر راديو “روزنة” استطلاعًا للرأي لسوريين في اسطنبول، فيما لو كان السوريون المقيمون في مناطق سيطرة النظام يستطيعون إيجاد حلول للتخفيف من آثار الأزمات الاقتصادية والاجتماعية؟ وما الحلول؟
وتحدث المستطلعة آراؤهم عن تجمعات المواطنين في سوريا بطوابير للحصول على الخبز وطوابير أخرى للحصول على مادة البنزين، وأجمعوا أن مسؤولية الحكومة تتمثل بإيجاد حلول للمواطنين.
حلول الأسر السورية لتخفيف الأزمة الاقتصادية
قال الباحث الاقتصادي الدكتور عبد الناصر الجاسم، إن “المواطن السوري وصل إلى مرحلة من اليأس، ولم يعد ينتظر حلولًا من الحكومات”، معتبرًا أن “قرارات الحكومة السورية خاطئة، وأسهمت بدرجة كبيرة في الوصول إلى الوضع المعيشي المتردي للمواطن السوري”.
وذكر الباحث أن الدراسات أكدت أن الأسرة السورية تحتاج في الوقت الحاضر إلى 550 ألف ليرة سورية شهريًا لتأمن سبل معيشتها، لافتًا إلى أنه لا توجد حلول للأسرة سوى محاولة اللجوء إلى محاولات وأساليب تكيف للحصول على لقمة عيشها، على حد تعبيره.
وأكد الجاسم انتفاء وجود إرادة حقيقية لدى الحكومة السورية لإيجاد حلول حقيقية لأزمات المواطن السوري، مشيرًا إلى أنه ليس من أولويات الحكومة حل مشاكل المواطن اليومية.
ونفى أن يكون النظام عاجزًا عن إيجاد الحلول لطوابير الخبز بل اعتبر أنه يستفيد من مظاهر البؤس.
وكانت حكومة النظام السوري طرحت عبر “المؤسسة السورية لتجارة وتصنيع الحبوب” أربع مناقصات لشراء القمح في العام الحالي.
ورغم تعدد المناقصات فإن أزمة الخبز ما زالت موجودة، وتتكتم حكومة النظام السوري على آلية المناقصات وقيمتها، أو أسماء الأشخاص الذين رست عليهم.
ووفقًا لما ذكره الجاسم، فإن أزمات الخبز لا تمر على رؤوس النظام بل فقط على الشعب بعيدًا عن أصحاب المناصب في البلاد.
علاقة أزمة الخبز بقانون “قيصر”
اعتبر الجاسم أن النظام يحاول ربط أزمة الخبز بقانون “قيصر” والعقوبات المفروضة عليه، مضيفًا أن السبب الأساسي يكمن في عدم وجود إرادة حقيقية لدى حكومة النظام السوري، وعدم وجود عقلية حكومية لمعالجة مشاكل المواطن السوري.
وضرب المحلل الاقتصادي الجاسم مثالًا عندما أطلق وزير النفط السوري، بسام طعمة، في مقابلة على “الفضائية السورية”، وعودًا بأن الحكومة السورية لن ترفع سعر البنزين ولن ترفع الدعم، ودعا المواطنين إلى الثقة بالحكومة، لكن الحكومة بعد تصريحاته بأسبوع رفعت البنزين.
واعتبر أن الحكومة تتخذ قراراتها وسط تجاهل لمصالح المواطنين.
وذكر الصحفي عقيل حسين، أن الأزمات في مناطق النظام السوري تتفاقم مع غياب الاستقرار السياسي والأمني في الداخل السوري، وأنها تتفاقم بمرور الوقت وتراجع دور الدولة في تلبية حاجات المواطنين والسكان ما يضعف قدرتهم الشرائية، لنفاد المدخرات وغياب فرص العمل وانخفاص الطاقة الإنتاجية.
واعتبر حسين أن النظام السوري غير مستعد حتى للقيام بواجباته، ولا يريد سوى الاستمرار في الحكم مهما كانت مآسي الشعب السوري في مناطق سيطرته.
هل أزمة الخبز محصورة بمناطق سيطرة النظام
نفى الصحفي عقيل حسين أن تكون أزمة الخبز محصورة في مناطق سيطرة النظام السوري، لافتًا إلى أن الأزمة ستؤثر في كل مناطق سوريا.
وبحسب الصحفي، البعض يرى أن السوري ليس أمامه حل، والبعض يرى ضرروة انتفاض الداخل السوري، مع الأخذ، بحسب رأي الصحفي، بصعوبة القيام بمظاهرات لأن الناس لم تعد لديها الشجاعة للخروج على النظام بعد الجرائم التي ارتكبها بحق المتظاهرين.
واعتبر حسين أن الحل سيكون عن طريق حل سياسي عبر توافقات دولية ومع قبول النظام بالتنازل عن الحكم.
وقال الاقتصادي إن طوابير الخبز بدأت تضرب كرامة المواطن السوري وإرادته، لافتًا إلى أن السوري يعاني الخوف المزروع في نفوس السوريين.
طرق تعتمد عليها الأسرة السورية لمواجهة الأزمة
اعتبر الاقتصادي عبد الناصر الجاسم أن الحوالات هي الطريقة الأساسية لمواجهة الوضع المعيشي السيئ، أي حوالات السوريين في دول اللجوء ومعوناتهم المقدمة لأهاليهم عبر قنوات سوداء غير رسمية.
وأضاف أن الاسرة السورية بدأت تتحايل على المعيشة عبر تقليل مكونات الوجبة واستهلاك الخبز،
وفي استطلاع وُجه لسوريين في إدلب واسطنبول، تحدثوا فيه عن كيفية تدبير السكان في مناطق النظام الأمور المعيشية في ظل ارتفاع الاسعار.
وعبروا عن صعوبة تأمين أمورهم الحياتية، وتحدثوا عن إرسالهم مساعدات لأهلهم في مناطق النظام السوري.
الأمم المتحدة تحذر من انعدام الأمن الغذائي في سوريا
وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، حذر من ارتفاع عدد من يعانون من انعدام الأمن الغذائي في سوريا ما لم تتوفر “مساعدة عاجلة”.
وقال البرنامج، عبر حسابه الرسمي في “تويتر“، في 31 من آب الماضي، إن 9.3 مليون شخص في سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ومن دون مساعدة عاجلة.
وأضاف أنه من الممكن أن ينزلق أكثر من 2.2 مليون إلى حافة الجوع والفقر.
ولفت إلى أن أسعار المواد الغذائية في سوريا وصلت إلى “مستويات قياسية”، بينما تعتبر المساعدات التي يقدمها البرنامج “أمرًا بالغ الأهمية لمساعدة العائلات التي لم يتبقَّ لها شيء بعد سنوات من الصراع”.
سوريا تحت خطر الفقر
بحسب بيانات موقع “World By Map” العالمي، تصدّرت سوريا قائمة الدول الأكثر فقرًا بالعالم، بنسبة بلغت 82.5%.
وأصدر الموقع بيانات وإحصائيات للسكان الواقعين تحت خط الفقر في كل دولة من دول العالم، وجاءت سوريا بالمرتبة الأولى عالميًا من حيث الفقر.
ويعرف مستوى الفقر بأنه أدنى مستوى من الدخل يستطيع به الفرد أن يوفر مستوى معيشة ملائمًا.
وتتوافق أرقام الموقع مع أرقام الأمم المتحدة، إذ قدرت نسبة السوريين تحت خط الفقر بـ83%، بحسب تقريرها السنوي لعام 2019، حول أبرز احتياجات سوريا الإنسانية.
وجاء في التقرير أن 83% من السكان يعيشون في فقر مدقع، ونتيجة لذلك استنفدت القدرة على التكيف لدى كثير من الناس في المجتمعات المحلية الأكثر تضررًا في سوريا.
أُعدت هذه المادة ضمن اتفاقية التعاون بين صحيفة عنب بلدي وراديو روزنة.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :