هل يُحظر على الإعلام السوري التطرق لقضايا تعتبر خطوطًا حمراء؟
عنب بلدي – روزنة
يتجدد الجدل والنقاش بين متابعي وسائل الإعلام السورية حول المواضيع المجتمعية التي تطرحها عبر منصاتها، لا سيما تلك التي تتناول قضايا المرأة وشؤونها.
ويرى بعض المتابعين أنه على الصحافة ألا تتطرح مواضيع معينة عبر منصات عامة، وأن تناولها ونقاشها ينبغي أن يكون ضمن أطر خاصة تستهدف فئات محددة في المجتمع، بينما يرى بعضهم الآخر أنه من حق وسائل الإعلام التطرق لكل المواضيع دون قيود أو حدود من المجتمع أو السلطة.
برنامج “صدى الشارع” المُذاع عبر راديو “روزنة”، طرح تساؤلات عدة حول نظرة شرائح في المجتمع السوري لعمل الصحافة وحدود تعاطي وسائل الإعلام مع القضايا الجدلية في المجتمع، وما هي المواضيع التي يرون أنها “محظورة” التداول في الفضاء العام ويجب أن تحاط بـ “خطوط حمراء”.
كما تساءل البرنامج فيما إذا كان للصحفيين حرية تامة في تناول المواضيع دون قيود أو رقابة من شرائح في المجتمع، إضافة إلى دور الثورات في كسر قيود سابقة على عمل الصحفيين وتهيئة مناخ جديد يسمح بتناول كل المواضيع بحرية.
وأجرى البرنامج استطلاعًا للرأي، سأل خلاله سوريين في عدد من المحافظات السورية، فيما إذا كانوا يعتقدون بوجود مواضيع تتعلق بالمرأة لا يجب أن تطرح في وسائل الإعلام.
وجاءت وجهات النظر متنوعة، إذ رأى بعضهم أنه على وسائل الاعلام تناول المواضيع كافة، بينما يعتقد آخرون أن هناك مواضيع لا يجوز التطرق إليها إطلاقًا عبر وسائل الاعلام، ومنها الميراث والاغتصاب.
لكل مجموعة “خطوط حمراء”
الصحفية المصرية منى مجدي فرج، الدكتورة في جامعة “القاهرة”، أوضحت للبرنامج أن هناك فرقًا بين الواقع والتمني فيما يخص المواضيع المطروحة عبر وسائل الاعلام، فالصحفي يتمنى ألا تكون هناك خطوط حمراء (قيود) تحد من قدراته على تناول الموضوعات السياسية الاجتماعية والدينية، ولكن في الواقع لكل مجتمع مجموعة “خطوط حمراء” تقيد عمل الصحفي بشكل أو بآخر.
وأشارت فرج إلى ضرورة معرفة من يضع الخطوط الحمراء ولمصلحة من، لافتة إلى أن الخطوط الحمراء هي المعايير والقواعد التي تنظم مهنة الصحافة حاليًا، حالها كحال كل المهن الأخرى.
وأضافت أن معايير الصحافة عالمية، تحكم المهنة وتنظم عمل الصحفيين، ولكن تطبيقها ومسألة فهمها واستيعابها يختلف من مؤسسة لأخرى ومن صحفي لآخر ومن مجتمع لآخر، وهذا ما يخلق اللغط فيما لو كان هناك خطوط حمراء أم لا وهل يمكن الالتزام بها.
المواضيع الحساسة في الإعلام
أكدت الصحفية اللبنانية باسكال صوما، على ضرورة مراعاة أخلاقيات المهنة مع عدم ممارسة القمع على الصحفيين عند تطرقهم لمواضيع معينة، لافتة إلى ظهور “الإعلام البديل” الذي قلّص الخطوط الحمراء، باعتبار أنه وليد البيئة المرتبطة بالانفتاح والسوشيال ميديا وسرعة الوصول والانتشار.
ويعتبر الحديث في المواضيع الحساسة الجديدة “تابو”، أي خط أحمر، أما في الإعلام السوري تحديدًا فالإعلام مرتبط بالأنظمة، حيث لا يوجد حرية ولا انفتاح، وفقًا لما ذكرته الصحفية صوما.
ورفضت الصحفية صوما أن يكون هناك مواضيع يُمنع على الإعلام التحدث بها.
وتساءلت عن سبب عملية التنميط وتقدير رغبات الجمهور، أي الزعم بأن الجمهور السوري يريد مواضيع معينة دون أخرى أو لا يريد التطرق لمواضيع محددة، باعتبار أنه لا يمكن الوصول لهذه النتيجة مع توزع السوريين في عدة دول ومجتمعات مختلفة، ولا يمكن حصر اهتماماتهم في مواضيع دون أخرى.
كيف يتعامل الصحفيون مع قضايا المجتمع
تحدثت الدكتورة فرج، عن المعايير المهنية المتبعة عند نشر المادة الصحفية، لافتة إلى وجود بعض الصحفيين ممن يمارسون المهنة لم يتلقوا تعليمًا أكاديميًا متخصصًا في الإعلام، ما يجعهلم لا يدركونها.
واعتبرت أنه على الصحفيين ممن يمارسون المهنة الخضوع لدورات تعرفهم بالأخلاقيات الصحفية والقيم المهنية لتصقل مهاراتهم في تغطية المواضيع المجتمعية.
وأشارت الدكتورة إلى ضرورة الالتزام بالقواعد التي تحكم المهنة، منها الدقة والحيادية والتوزان في طرح الأفكار والتحقق من المعلومات والشفافية والمهنية والأمانة في نقل المعلومة.
وبرأي الدكتورة فرج، على الإعلام طرح كل الموضوعات وعدم تجنب تغطية موضوع ما، مع ضرورة مراعاة زاوية التناول والاستماع للآراء المختلفة، والدقة في الطرح والعودة للمصادر الأصلية.
وتحدثت الدكتورة عن إمكانية تعرض الصحفي للتنمر في حال تناوله موضوع غاية في الأهمية والإشكالية، مشيرة إلى أن المرأة تتعرض للتنمر بشكل مضاعف عن الرجال.
وأضافت أن على الصحفي أن يدرك أنه يعمل في “مهنة المتاعب” وأن هناك عقبات تقف ضده، مع وجود أشخاص مهتمين بطمس الحقيقة.
ووجه البرنامج استطلاعًا للرأي في كل من تركيا ولبنان ومحافظة الحسكة بسوريا حول المواضيع المتعلقة بالمرأة التي لا يجب التطرق لها عبر الإعلام.
واعتبر بعض المستطلع آراءهم أن مواضيع مثل التربية الجنسية الخيانات الزوجية تعتبر “حساسة” ولا يجب التطرق لها، وفضلوا حل المشاكل المتعلقة بالنساء ضمن الأسرة الواحدة، فيما أيد آخرون طرح هذه القضايا بشرط إخفاء الأسماء الأشخاص عند عرض المشاكل.
أُعدت هذه المادة ضمن اتفاقية التعاون بين صحيفة عنب بلدي وراديو روزنة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :