أسهم استبدال الليرة التركية بالعملة السورية في الشمال السوري منذ حزيران الماضي باستقرار نسبي في أسعار المحروقات، والتخلص من النشرات اليومية لمحطات المحروقات ومنافذ البيع.
ومع ما شهدته الليرة التركية من تقلبات في قيمتها مؤخرًا، شهدت أسعار المحروقات في الشمال ثمانية ارتفاعات متتالية خلال الأشهر الستة الماضية، ثم انخفاضين متتاليين خلال أسبوع واحد.
وكانت شركة “وتد” المسيطرة على معظم الحصة السوقية لقطاع المحروقات في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، سعّرت لأول مرة في حزيران الماضي المحروقات بالليرة التركية، وفقًا لإجراء اتخذته جميع المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وكانت الأسعار في أول تسعير بالليرة التركية كالتالي: البنزين المستورد 3.7 ليرة تركية، والمازوت المستورد 3.7 ليرة، والمازوت المكرر بدائيًا 3.20 ليرة، وجرة الغاز 53 ليرة، بسعر صرف 6.85 ليرة تركية مقابل الدولار الواحد.
بينما أسعارها في إدلب، السبت 14 من تشرين الثاني، وفق أحدث نشرة لـ”وتد”، كالتالي: البنزين المستورد 4.65 ليرة، والمازوت المستورد 4.55 ليرة، والمازوت المكرر محليًا 3.90 ليرة، وجرة الغاز 69 ليرة.
وسجل سعر صرف الدولار الأمريكي، السبت 14 من تشرين الثاني، 7.67 ليرة تركية للشراء و7.68 للمبيع، بحسب موقع “Döviz” المتخصص بأسعار الليرة التركية والعملات الأجنبية.
بينما سجل سعر صرف الليرة التركية 340 ليرة سورية، بحسب موقع “الليرة اليوم“.
الأسعار تتفاوت.. كيف تتحكم الليرة التركية؟
أوضح مسؤول المكتب الإعلامي في “وتد”، صفوان الأحمد، في حديث إلى عنب بلدي، أن الشركة لا ترفع الأسعار فورًا مع انخفاض قيمة الليرة التركية، فمثلًا عند ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، ترفع الشركة أسعارها وفق نشرة أسعارها الأسبوعية يوم السبت من كل أسبوع.
أما خفض الأسعار فيكون في اليوم الثاني لتحسن قيمة الليرة التركية أمام الدولار، وهو ما حصل الثلاثاء الماضي، حسب الأحمد.
وتتعرض الشركة لانتقادات بسبب الرفع المتكرر لأسعار المحروقات، وتُتهم بالاحتكار، وتتولى إدخال المازوت والبنزين من تركيا، وتتكفل بتأمينهما وتوزيعهما في المحافظة، بتسهيلات من قبل حكومة “الإنقاذ”، بحسب ما أفادت الشركة عنب بلدي في وقت سابق.
ولا تفرض حكومة “الإنقاذ”، التي تقدم تسهيلات للشركة، أي ضرائب أو رسوم على المحروقات، بحسب الناطق الإعلامي باسمها، محمد الحسن.
“كاف” تواجه تقلب الليرة باعتماد الدولار
توجد في محافظة إدلب شركة “كاف للمحروقات”، تعمل على استيراد المحروقات وتوزيعها إلا أن حصتها السوقية أقل من “وتد”.
وبحسب مكتب العلاقات العامة في شركة “كاف للمحروقات”، فإن المدة التي تصدر فيها التسعيرة تتعلق بتغير سعر الصرف، وعندما كانت المحروقات تسعر بالليرة السورية نتيجة تغير سعر الصرف صدرت نشرات أسعار يومية، وهو ما سبب العديد من الإشكاليات.
وبعد اعتماد الليرة التركية لتحقيق نوع من الاستقرار بالسوق، لم تغير الشركة تسعيرتها إلا حين كان يحدث فرق كبير بسعر العملة، وهو ما حقق نوعًا من ثبات الأسعار، وقلل من نشرات الأسعار الخاصة بها.
وتترك شركة “كاف” هامشًا لتغير سعر الصرف وهامش ربح للكازيات، في حال ارتفاع أو انخفاض سعر الصرف، كي لا تخسر الكازيات في عمليات البيع، إضافة إلى ضبط الأسعار ومنع الاحتكار.
ونتيجة تذبذب سعر صرف الليرة التركية، سعّرت شركة “كاف” المحروقات بالدولار، وبالتالي وحدت أسعارها وقللت من الارتفاع والانخفاض المتسارع لديها.
وتبيع الشركة مخزونًا معينًا مستوردًا بقيمة معينة بالدولار بسعر ثابت حتى انتهاء المخزون، وفي حال استيراد مخزون جديد بسعر مختلف نتيجة تفاوت أسعار النفط عالميًا يتغير السعر، حسب مكتب العلاقات العامة الخاص بها.
من موانئ تركيا إلى شمالي سوريا.. طريق طويل لدخول المحروقات
تدخل المحروقات الأوروبية، التي تشمل المازوت والبنزين الأوروبيين والغاز المنزلي، عبر المعابر على الحدود السورية- التركية، أما المحروقات المكررة بدائيًا بأنواعها والفيول للأغراض الصناعية فتدخل من مناطق “قسد” إلى مناطق سيطرة المعارضة.
وتستورد مناطق المعارضة كل النفط من تركيا عبر شركة واحدة فقط، سواء لإدلب أو حلب، إذ تبدأ رحلة شحنات المحروقات الداخلة إلى الأراضي السورية من الموانئ التركية، وتعبر بطريقة “ترانزيت” إلى الداخل التركي متجهة إلى المعابر مع سوريا، حسب تحقيق أعدته عنب بلدي في 23 من آب الماضي، تحدثت فيه عن آلية استيراد المحروقات إلى مناطق سيطرة المعارضة شمالي سوريا، وكيفية تحديد أسعارها ومَن ينظم القطاع.
أما شركة “وتد” فتنقل شحناتها على مراحل، حيث تصل إلى معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا، وتبدل صهاريج من “وتد” بالصهاريج على الجانب التركي من المعبر، ثم تفرز الصهاريج من قبل الشركة على المحطات المنتشرة في إدلب، حسب صفوان الأحمد.
من يضبط الأسعار في مناطق سيطرة المعارضة
في الأحوال المستقرة لدى المنظومات الدولية التي توفر دعمًا للمحروقات، تكون مسؤولية إدارة قطاع المحروقات داخل الدولة بيد “مؤسسسة عامة للمحروقات”.
الباحث في مركز “الشرق” ومهندس النفط سعد الشارع، قال في حديث سابق لعنب بلدي، إنه في حالة المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، من الضروري تقسيمها إلى منطقتين، الأولى إدلب والأرياف المحيطة بها، التي تسيطر على سوق النفط والغاز فيها شركة “وتد”، والثانية بقية المناطق التي لا توجد جهة معينة تتولى إدارة المحروقات فيها.
ضبط عملية البيع ناتج عن عملية ضبط السوق، والمحروقات منتجات مستوردة بمفهومها العام، سواء المستوردة من تركيا أو القادمة من مناطق “قسد”، أي إن أسعار هذه المواد معروفة، وبالتالي فإن عملية البيع مبرمجة وفق ما يسمى “منظومة السوق”، بحسب الشارع.
وعلى سبيل المثال، إذا كان برميل البنزين يأتي من منطقة المنشأ في شرق الفرات بسعر 100 ألف ليرة سورية، ويتقاضى التاجر ربحًا قدره عشرة آلاف أو 20 ألفًا، فبذلك لا يوجد هامش كبير للتلاعب.
–