من جميع الأطراف.. عمال الإغاثة في إدلب تحت الاستهداف
على الطريق المعبد في بلدة عرب سعيد بريف إدلب الغربي، بعيدًا عن خطوط التماس والمعارك، تنقلت ديمة وزملاؤها بحثًا عن التجمعات العشوائية للنازحين، لم تعلم العاملة في المجال الإنساني أن مهمتها بالرصد و”الحشد المجتمعي” ذلك اليوم ستكون الأخيرة، لوجودها بالقرب من سيارة استهدفتها قذائف “غير دقيقة” من “التحالف الدولي”.
“أول مرة من التحالف”
قضت ديمة عبدان 14 يومًا في المستشفى، بعد أن تلقت إصابات في البطن نتيجة شظايا ضربة “التحالف” على سيارة أقلت من اتهمهم بالانتماء إلى فصيل “حراس الدين”، في 15 من تشرين الأول الماضي. كانت ديمة تجمع بيانات النازحين الذين تعمل منظمة “بنيان” على نقلهم إلى مخيم مجهز بالبنى التحتية في منطقة سلقين بريف إدلب الشمالي.
توفيت الشابة، في 29 من تشرين الأول الماضي، ولم تكن أول من خسرتهم منظمة “بنيان” من كوادرها، حسبما قال مدير الشراكات فيها، محمد البكار، لعنب بلدي، مذكرًا بمجزرة “عين جالوت” التي قُتل فيها 25 من الطلاب والمعلمين، في نيسان من عام 2014، باستهداف النظام مدرسة أدارتها المنظمة في حلب.
لكنها المرة الأولى التي يقع فيها أحد العمال الإنسانيين التابعين للمنظمة نتيجة قصف من “التحالف الدولي”، الذي يشير إلى الضحايا من المدنيين بـ”القتلى عن طريق الخطأ”، مع تصريحاته بتوخي “الحيطة والحذر” عند تنفيذ عملياته في سوريا، التي أوقعت الآلاف من المدنيين خلال السنوات الست الماضية منذ تشكيله لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”.
برأي البكار فإن العاملين في القطاع الإنساني على علم ودراية بالمخاطر التي يواجهونها، لكنهم اختاروا المتابعة على الرغم من “استهدافهم المباشر”، كما قال، مشيرًا إلى أن استهداف البنى التحتية من المدارس والمستشفيات هو أول ما تقوم به قوات النظام وحلفاؤها عند بدء الحملات العسكرية في المنطقة، مع معرفة جميع أطراف النزاع بأنها مليئة بالكوادر الإنسانية.
“الواجب المجتمعي”، باعتقاد البكار، هو الدافع للمتابعة، “الوضع الاقتصادي والإنساني المزري بالمنطقة يجبر العاملين الإنسانيين على الاستمرار رغم الاستهداف”، كما قال في تسجيل صوتي، مضيفًا أن غاية الاستهداف هي “بث الذعر” وحرمان السكان من الأمان عند استهداف البنى التي تخفف من معاناتهم.
مرتبة “لا تقل عن حمل السلاح”
أيام قليلة فصلت بين مقتل ديمة ومقتل عاملين إنسانيين تابعين لمنظمة “إحسان للإغاثة والتنمية” في أثناء أداء عملهما في أريحا بريف إدلب الجنوبي، في 4 من تشرين الثاني الحالي.
غدير جسري سائق السيارة، وإبراهيم اليونس العامل في مجال الحماية بقسم الدعم النفسي منذ عامين، كانا ضحية خروقات اتفاق “وقف إطلاق النار” على المناطق السكنية في ريف إدلب الجنوبي، من قبل قوات النظام وروسيا.
أجّل القصف والتصعيد الأعمال الإنسانية والإغاثية وعاقها، رغم الحاجات المستمرة للسكان، حسبما قال المنسق الإعلامي في منظمة “إحسان” ماهر حاج أحمد لعنب بلدي، مشيرًا إلى اضطرار العاملين الإنسانيين للعمل في المناطق الأكثر سخونة طالما كان فيها محتاجون.
“الخوف الدائم” من الاستهداف لم يوقف العمل الإنساني، مع إدراك العمال الإنسانيين أن مرتبتهم “لا تقل عن مرتبة من يحمل السلاح بنظر النظام وروسيا”، حسب رأي حاج أحمد، الذي قال إن “معظم هؤلاء النازحين المحتاجين هم أهلنا ومعظم موظفينا باتوا مهجرين من قراهم أيضًا ويشعرون بما يشعر به النازح”.
منع العمال الإنسانيين من تقديم خدماتهم هو الغاية الفعلية للاستهداف، حسبما قال مدير فريق “منسقو استجابة سوريا”، محمد حلاج، لعنب بلدي، مضيفًا أن ستة من العمال الإغاثيين توفوا نتيجة الاستهدافات المختلفة منذ بدء اتفاق “وقف إطلاق النار” في آذار الماضي، ووصل ذلك العدد إلى 41 منذ اتفاق “سوتشي” عام 2018.
وصف منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة الطارئة، مارك لوكوك، في حديثه لمجلس الأمن، في 27 من تشرين الأول الماضي، استهداف الكوادر الإنسانية بـ”غير المقبول، ولا يجب تطبيعه مطلقًا”، بعد أن أدان المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا، كيفن كينيدي، في بيان، نشر في 18 من الشهر نفسه، استهداف عمال الإغاثة، الذين وقع منهم المئات بين قتيل وجريح في سوريا منذ عام 2011.
أسهم مراسل عنب بلدي في إدلب يوسف غريبي في هذه المادة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :