حوار: أسامة آغي
في الوقت الذي تعاني فيه المعارضة السياسية السورية من تراجع نفوذها سياسيًا، ومواجهتها اتهامات بالتبعية السياسية لدول إقليمية تلعب أدوارًا في الملف السوري، أُعلن عن إنشاء “المجلس السوري للتغيير”.
للوقوف على دور المجلس ورؤيته، التقت عنب بلدي بأمينه العام، المحامي حسان الأسود، الذي شغل سابقًا منصب مدير “الرابطة السورية لحقوق الإنسان”.
الانطلاق من حوران أولًا
تبدو نظرية “من الجزء للكل” هي الأصلح من نظرية “الكل للجزء”، هذا ما أراد قوله المحامي حسان الأسود أمين عام “المجلس السوري للتغيير”.
وأُعلن عن تأسيس المجلس في 1 من تشرين الثاني الحالي، ويرى مؤسسوه أن إعادة قراءة الواقع بنفس المنهجيات والآليات القديمة، “سيؤدي بالضرورة إلى النتائج المحبطة السابقة”.
وقال الأمين العام للمجلس، حسان الأسود، لعنب بلدي، إن محاولة البناء جاءت هذه المرة “من الجزء وصولًا إلى الكل”، معتبرًا أن “الانطلاق من حوران لا يعني التوقف فيها، بل هو الخطوة الأولى لتمتين الروابط المحلية التي تعرضت لهزات عنيفة”.
ويذهب الأسود وهو مدير سابق لـ”الرابطة السورية لحقوق الانسان” إلى القول، “يسعى المجلس لأن تكون له قيمة مضافة، تسهم مع بقية الشركاء السوريين في اجتراح الحلول المستعصية”، كما يعتقد أن التشاركية والانفتاح على الآخرين هي من أهم قيم مجلسهم الجديد.
ويرى الأسود أن التحالفات القائمة على مجموعة من القيم والمبادئ الوطنية المشتركة ستؤدي إلى “إنشاء جبهة عريضة على المستوى الوطني”، وهو ما يساعد على إنجاز “عملية التحول الديمقراطي وإعادة بناء الهوية الوطنية على التوازي لا على التتابع”.
من يمثل “المجلس السوري للتغيير”؟
لم تنجح المعارضة السياسية السورية بتمثيل شرائح واسعة من الشعب السوري، خاصة مع الفوضى السياسية والعمليات العسكرية، وتشابك العلاقات الدولية وتعقيداتها في الملف السوري.
ويدعو الوضع السياسي الحالي للمعارضة السورية إلى التساؤل حول قدرة “المجلس السوري للتغيير” على تمثيل شرائح سوريّة، ومن هذه الشرائح.
وقال حسان الأسود، إن “المجلس السوري للتغيير” يسعى لأن يكون “ممثلًا عن جميع الشرائح الاجتماعية السورية”، دون إضافة المزيد من التفاصيل حول كيفية تلاقى مصالح جميع الفئات الاجتماعية، رغم وجود التباينات في مصالح هذه الفئات.
ونفى الأسود أن تنطوي التجربة الجديدة على “المحاصصة المناطقية أو التماثل العقدي”، وأوضح أن “نواة المجلس تضم فئات متعددة من النساء والرجال من مختلف الفئات العمرية، ومن مختلف التيارات الفكرية”.
كما يرى أن “التنوع من أهم القيم التي يتمسك بها المجلس ويسعى لتحقيقها على أرض الواقع”.
ويعتقد أمين عام “المجلس السوري للتغيير” أن تياره يستطيع “إيصال أصوات السوريين الذين لا تسمح لهم ظروف عيشهم بإيصال أصواتهم إلى العالم”، بما فيها أصوات السوريين في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري.
لكن الأسود في رده على سؤال عنب بلدي عن ضرورة العمل مع القوى التي تتقاطع مع مجلسه بالرؤية الوطنية، قال إن “هذا الأمر ليس مجرد هدف نسعى للوصول إليه، بل هو قيمة أساسية ومنهج عمل وأسلوب إدارة لدى المجلس”.
منذ تشكيل “المجلس الوطني”، الذي ضم عددًا من الكتل والتيارات السياسية السورية في عام 2011، شُكّلت عشرات الأحزاب السياسية المستقلة والإسلامية والقومية، منها حزب “وعد” في عام 2013 في محافظة إدلب، وحزب “الجمهورية” في مدينة اسطنبول التركية عام 2014، وتيار “قمح” في عام 2015، بالإضافة إلى المنصات السياسية كمنصة “القاهرة” و”موسكو” و”أستانة”.
وبحسب كتاب “الانبثاقات السياسية خلال الثورة السورية”، الصادر عام 2018 عن مركز “حرمون للدراسات” للباحث ساشا العلو، نشأت في سوريا ثلاثة أجسام سياسية ائتلافية بين عامي 2011 و2012، بالإضافة إلى حزب “وعد” و”التيار الوطني السوري” وحركة “سوريا الأم”، وهي حركات وأحزاب إسلامية تدور في فلك جماعة “الإخوان المسلمون”، وفقًا للكتاب.
بينما وصل عدد الانبثاقات السياسية الوطنية إلى تسعة انبثاقات، بينها حزب “الجمهورية” و”اتحاد الديمقراطيين” وتيار “بناء الدولة”.
كما نشأت خمس منصات سياسية، بالإضافة إلى “المجلس الوطني الكردي” و”الإدارة الذاتية” والانبثاقات السياسية التركمانية، التي صنفها الباحث ساشا العلو ضمن الانبثاقات السياسية القومية.
استعادة المسار الثوري
عن استعادة المسار الثوري الذي يشكل جوهر الثورة السورية (الحرية والكرامة والديمقراطية)، قال الأسود لعنب بلدي، “إن عملية استعادة المسار الثوري السوري تعتمد على عدد من المرتكزات، التي يؤمن المجلس السوري بها”.
ووفقًا للأسود هناك خمس ركائز، هي الوحدة الوطنية، والاعتماد على الذات، والمرونة في الخطاب، والواقعية الملتزمة بالثوابت، والإخلاص والصبر.
لكن الأسود يعتقد أن هناك مروحة واسعة من الوسائل والأدوات التي يمكنها أن تكون كخيارات، أهمها، “التواصل الفعال مع مراكز صنع القرار دوليًا، والتواصل والتنسيق الحقيقي مع مجاميع القوى الفاعلة على الساحة السياسية السورية في الداخل والخارج، وتحويل الاحتقان الشعبي إلى حالة مقاومة إيجابية”.
إيران هي الأخطر
توجد على الأراضي السورية قوات روسية وميليشيات إيرانية وقوات لـ”حزب الله” اللبناني، وجميعها من حلفاء النظام السوري.
كما توجد قوات أمريكية وبريطانية وفرنسية حليفة لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في شرق الفرات، بينما تدعم تركيا قوات المعارضة السورية، كما تملك الأولى نقاطًا عسكرية في ريف إدلب شمال غربي سوريا.
وحول رؤية “المجلس السوري للتغيير” لعملية إخراج القوى الأجنبية من سوريا، قال الأسود، “نعتقد أن إخراج القوى الأجنبية من سوريا لن يكون عملًا سهلًا، ولا سريعًا”.
وأضاف الأسود أن المجلس يتبنى المبادئ المنصوص عليها في القانون الدولي، التي تحفظ للشعوب حقها في تقرير مصيرها وفي مقاومة الاحتلال.
لكن الأسود يستدرك، “نحن نرى أن وجود إيران أخطر من وجود روسيا”، إذ إن إيران تسعى إلى تغيير الديموغرافيا والتاريخ والانتماء، و”تجريف الهوية السورية، وتغيير البنى الحضارية والثقافية للمجتمع السوري”.
ويعتقد أمين عام “المجلس السوري للتغيير”، حسان الأسود، أنه “يمكن التعامل مع موسكو من مقاربات مختلفة”، حيث لا يشكل تحطيم المجتمع السوري أولوية للروس، برأيه.
وأوضح الأسود أن المقاومة المشروعة للاحتلال لا تنحصر بأسلوب واحد، بل تتعدد حسب ساحات العمل المتنوعة بين الداخل والخارج، وبين السياسة والاجتماع والاقتصاد.
وقال الأسود إن المجلس “يعمل على مواجهة التغلغل الإيراني في بنية المجتمعات المحلية، من خلال تفعيل آليات الدفاع الممكنة”.
ومن هذه الآليات “الامتناع عن التعاطي المباشر مع الميليشيات الإيرانية والتطوع بها، وعمليات البيع والشراء، وتجريم عمليات تمليكها الأراضي والعقارات، وغيرها من البدائل الواقعية الفعالة”.
–