سوريا في عهد بايدن

  • 2020/11/11
  • 9:41 ص
بسام مقداد

بسام مقداد

بسام مقداد – المدن

أرفق المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري إعلان إستقالته من منصبه بالتأكيد أن السياسة الأميركية في سوريا لن تتغير مع وصول جو بايدن . وكانت وكالة الاناضول التركية قد نقلت في 4 من الشهر الجاري عن موقع ناطق بالروسية تصريحاً لجيفري قال فيه ، بأن واشنطن لن تغير موقفها من العقوبات على نظام بشار الأسد والوجود الإيراني في سوريا ، بل ستشدد من هذه العقوبات . ، التي ستشمل كل من يقدم دعماً ماليا ، ويلعب دوراً في تفعيل مؤسسات النظام العسكرية . وأكد على فعالية العقوبات السابقة ، وقال ، بأن الشركات ، في أوروبا وفي الشرق الأوسط ، لن تتجرأ على التعامل مع نظام الأسد .

لم يتأخر النظام السوري في توظيف هذا الموقف الأميركي لصالح ماكينته الدعائية ،  ويعلن لوكالة نوفوستي على لسان النائب السوري محمد خير عقم ، في 8 من الشهر الجاري،  بأنه سيان بالنسبة له من ينتصر في الإنتخابات الأميركية ، لأنه كائنا من كان المنتصر “سيكون أكثر ولاءاً للكيان الصهيوني” . وقال عقم بأن بايدن سوف ينتهج سياسة أكثر توازناً حيال الأوروبيين والعديد من البلدان الأخرى . وأكد ، بأن للحزب الديموقراطي إجمالاً خبرة أكبر في السياسة الخارجية، والديموقراطيون يدركون، أن ترامب أضر بالسياسة الخارجية للبلاد ، لكونه أكثر صراحة بالنسبة لجوهر هذه السياسة في منطقة الشرق الأوسط .

واعتبر هذا النائب، أن من غير المحتمل أن يترك التبدل في البيت الأبيض تأثيراً على سياسة العقوبات الأميركية حيال سوريا ، بما فيها “قانون قيصر”  الذي فرض ، عملياً ، عقوبات على جميع جوانب الإقتصاد السوري . وقال عقم ، بأن سوريا لا تستطيع خوض أية مفاوضات مع الأميركيين ، لأنها لا تستطيع التفاوض مع “المحتلين، قبل إنسحاب القوات الأميركية من البلاد” .

وكانت وكالة نوفوستي قد نشرت في اليوم عينه تصريحاً للسفير البريطاني السابق في سوريا بيتر فورد ، قال فيه ، بأنه يتوقع الحد الأدنى من التغييرات في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في عهد جو بايدن . وأشار إلى أنه ، حين حاول ترامب سحب القوات الأميركية من سوريا ، سمحت له القيادة العليا للمخابرات الأميركية بالحد الأدنى من التعديلات باتجاه سلمي . وقال فورد ، بأنه خلال 36 سنة في الكونغرس و8 سنوات في مركز نائب الرئيس ، لم يحاول بايدن تحدي توافق  الحزبين المؤسساتي في المسائل الأساسية .

ويقول فورد أنه ، بالرغم من موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ، الذي كان يفضل ترامب ، سوف يسعى بايدن قريباً لخطب وده ، سيما وأنه سيبدأ بالتفكير في ولايته الثانية وقوة اللوبي الإسرائيلي . كما لن يسعى بايدن لأي تغيير في الشراكة المربحة للولايات المتحدة مع السعودية ، التي وسعها ترامب . كما سيعمل على إنجاز عمل ترامب في تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل . ولا يتوقع فورد سوى بعض التغييرات في السياسة حيال إيران ، مع العلم أن بايدن قد  يبدو غير قادر على تذليل العدائية حيال الإتفاقية النووية مع إيران وسط قيادة أجهزة المخابرات الأميركية .

وكالة الأنباء الفدرالية “FAN” العائدة للأوليغارشي يفغيني بريغوجين ـــــــ “طباخ بوتين” ، نشرت في 4 من الشهر الحالي نصاً بعنوان “كيف ستتغير سياسة الولايات المتحدة في سوريا بعد الإنتخابات” ، قالت فيه ، بأن اختتام الإنتخابات الأميركية قد تكون له عواقب غامضة ، ليس للولايات المتحدة فقط ، بل وللعالم أجمع. فمن جهة ، التوتر الداخلي في البلاد قد يضطر الحلفاء الأوروبيين للتشكيك في المثل العليا لواشنطن ، ويترك أثره على سياستهم الخارجية . ومن جهة أخرى ، قد يواجه.سكان سوريا والبلدان الأخرى ، التي يشملها التوسع الأميركي ، أشكالاً جديدة من التدخل الخارجي .

تنقل الوكالة  عن سياسي روسي إفتراضه  بأن الوضع ، الذي خلفته الإنتخابات في الولايات المتحدة ، قد يترك تأثيره على مجمل السياسة العالمية ، ويجعل حلفاء واشنطن ، وخاصة الأوروبيين منهم،  يأخذون بوجهة نظر روسيا في العديد من القضايا المعاصرة . وإذا ما تحقق هذا السيناريو ، فإن التغيير في السياسة الخارجية للبلدان الأوروبية قد يطال الوضع في الشرق الأوسط بالدرجة الأولى . وفي حال إتخاذ الأوروبيين مثل هذا الموقف يمكن توقع انخفاض ضغوطهم السياسية والعسكرية على دمشق ، مما يعني زوال إحدى بؤر زعزعة الوضع في البلاد ، ويسمح للسلطات السورية ، بالتالي ، بالتصدي بمزيد من الفعالية للأرهابيين ، الذين يسيطرون على جزء من الأراضي السورية . وإذا ما رُفعت العقوبات الأوروبية عن سوريا ، او جرى تخفيفها ، تصبح برامج واشنطن المعادية لسورية موضع تساؤل ، مثل “قانون قيصر”. ويحذر هذا السياسي من أن مثل هذا السيناريو ، ليس ممكناً ، إلا إذا اتخذ الأوروبيون موقفاً مؤيداً لروسيا في القضية السورية .

كما تنقل الوكالة عن نائب مدير كلية التاريخ والسياسة في جامعة التربية في موسكو فلاديمير شابوفالوف تأكيده ، بأنه لا ينبغي توقع تغيير جذري في سياسة الولايات المتحدة حيال سوريا ، بغض النظر عمن يشغل المكتب البيضاوي . ويقول ، بأن سياسة الولايات المتحدة في الأزمة السورية في عهد دونالد ترامب وسلفه باراك أوباما ، كانت تحمل طابعاً معادياً لسوريا بوضوح ، ولا يعتقد بأنه ستطرأ على هذا الموقف تعديلات إيجابية .

ويرى الرجل ، أن ثمة بعض الفروقات في الأعمال التوسعية لكل من الديموقراطيين والجمهوريين في السياسة الخارجية ، وهي ، على الأغلب ، في الأسلوب ، وليس في الجوهر . بالنسبة للجمهوريين تمثل “السياسة الواقعية” حجر الزاوية في سياستهم الخارجية ، إذ أنهم لم يعمدوا إلى إخفاء مطامحهم التوسعية في فترة رئاسة دونالد ترامب ، ويظهر ذلك بجلاء في الضربات العسكرية الأميركية في سوريا ، وفي قتل الجنرال قاسم سليماني ، ما يعتبر مثالاً ساطعاً على “السياسة الواقعية” هذه .

أما في ما يتعلق بالديموقراطيين ، يقول شابوفالوف ، بإن سياستهم قد تزعزع الوضع في سوريا عبر التأثير على دمشق  من خلال “الوسطاء” من عداد بعثات السلام والحملات الإنسانية . وما يميز سياستهم التوسعية عادة هو حجبها بالحديث عن حقوق الإنسان والدفاع عن الشعوب المضطهدة . وقد تجلت مقاربتهم الليبرالة الزائفة هذه في ممارسات التحالف الدولي في عهد باراك أوباما . ومن المحتمل أن يعودوا إلى ممارسة مقاربتهم هذه في سوريا ، من خلال الحديث عن حقوق الشعب السوري ووضعه الإنساني . وستتم العودة إلى مساعدة “الخوذ البيضاء”، وعلى مستوى أعلى مما كان في السنوات الماضية ، أو سوف تظهر بدل “الخوذ البيضاء” منظمة أخرى ، أو منظمات ، تنتهج بإسم الشعب السوري سياسة موالية لأميركا في المنطقة .

مقالات متعلقة

صحافة عربية

المزيد من صحافة عربية