بين حين وآخر يتناقل ناشطون عبر قنوات “تلجرام” أخبارًا عن استهداف جماعة “أنصار الإسلام” العسكرية مناطق تمركز قوات النظام والميليشيات المساندة له، القريبة من خطوط التماس في أرياف إدلب وحماه واللاذقية.
وتعتبر جماعة “أنصار الإسلام” من الفصائل “الجهادية” المستقلة إداريًا، وانضوت ضمن غرفة عمليات “فاثبتوا” في حزيران الماضي.
وتضم غرفة عمليات “فاثبتوا” إلى جانب “أنصار الإسلام”، فصائل “جهادية” هي: “تنسيقية الجهاد”، و”لواء المقاتلين الأنصار”، و”جماعة أنصار الدين”، وتنظيم “حراس الدين” (فرع تنظيم “القاعدة”) في سوريا.
وبحسب مراسلة إلكترونية لعنب بلدي مع الجماعة، أكدت دخولها إلى الأراضي السورية منذ بداية “جهاد أهل الشام” ضد النظام حسب قولها، وشاركت في المعارك إلى جانب فصائل المعارضة ضد قوات النظام والميليشيات الرديفة، في دمشق وريفها، ومعارك الحسكة، والسيطرة على الرقة، ومعركة “مطار منغ” العسكري في حلب، وحصار سجن “حلب المركزي” ومعارك حلب وفك الحصار عنها، ومعارك حماة والساحل وأريافها، والسيطرة على محافظة إدلب.
تستمد الجماعة مشروعيتها في القتال “من الشريعة الاسلامية”، من مبدأ أن “أمة الإسلام أمة واحدة والمسلمون إخوة فيما بينهم، فحيثما تعرض أي مسلم أو طائفة من المسلمين لأذى في أي مكان وجب على كل مسلم قادر الدفاع عنهم ونصرتهم”، حسب تعبيرها.
وتدعو الجماعة، بحسب ما ذكرته لعنب بلدي، إلى تكريس الجهود كافة لقتال النظام واستنفار الجميع “ما داموا ضمن دائرة الإسلام”، مشيرة إلى أنه لا توجد مصلحة لفتح صراع مع الفصائل “المجاهدة” مهما بلغ الخلاف بينها، و”الأولى الانشغال بالأهم وهو دفع النظام ورد عدوانه”.
وذكرت، في نصها الإلكتروني، أنها قدمت كل ما لديها من خبرات وتجارب سابقة في العراق “لمساندة أهل الشام في مقارعتهم للظلم والطغيان”، واجتناب الأخطاء التي حصلت في العراق، وأهمها “ما يتعلق بالإفراط والتفريط، وخاصة الغلو والفكر الخارجي الذي ولد بعده تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)”.
وتقول الجماعة إنها تسعى للاهتمام بالحاضنة الشعبية التي تعتبرها “رصيد الأمة”، “فلا مصلحة شرعية في إيجاد شرخ بين المجاهدين والحاضنة الشعبية”، وتعتمد على مصادر التمويل “المباحة شرعًا كالغنائم وصدقات المحسنين، وتتجنب مصادر المال المسيّس للقرار مستقبلًا والمشبوهة، وتتجنب أخذ أموال المسلمين قهرًا إلا بطيب من أنفسهم”.
البداية من جبال كردستان
أُسست جماعة “أنصار الإسلام” في أيلول 2001، واتخذت من مناطق أقصى الجهة الشمالية الشرقية من العراق (مناطق كردستان العراق) معقلًا لها في بيارة وجبال هورامان.
ووفرت هذه المناطق الأرضية الملائمة لاتخاذها مكانًا للنشاط، حمتها لاحقًا من الاستهداف بسبب وعورتها، إذ تحاط المنطقة بسلاسل جبلية عالية يمكن الاستعصاء فيها.
كما أن عدم سيطرة نظام الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، على المنطقة وفّر لها فسحة من العمل، إضافة إلى “قاعدة شعبية إسلامية ملتزمة بالشريعة الإسلامية محبة للجهاد”، حسب قولها.
تصنف “أنصار الإسلام” على أنها حركة “سلفية جهادية” تسعى إلى “إقامة دولة إسلامية” حسب أدبياتها، وتهدف لإقامة نظام حكم إسلامي، وتحصيل الحقوق الشرعية للشعب الكردي والحفاظ عليها.
واتهمت بحصولها على دعم من الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، وأنها مبايعة لتنظيم “القاعدة”، إلا أنها نفت ذلك.
ضمت بعد عام 2003 مقاتلين عربًا وأجانب حسب تقارير إعلامية، إلا أن الجماعة لا تظهر أي بيانات عن هوية مقاتليها.
اشتباكات مع أنصار طالباني وأمريكا
خاضت الجماعة في أثناء وجودها بمناطق كردستان العراق معارك “ضارية” ضد مقاتلي حزب “الاتحاد الوطني الكردستاني” والحزب “الديمقراطي الكردستاني” بزعامة الرئيس العراقي الأسبق، جلال طالباني، قبل الغزو الأمريكي للعراق في آذار 2003.
وقبل بدء العمليات العسكرية للتحالف بقيادة أمريكا (يضم بريطانيا وقوات البشمركة) بعشرة أيام، بدأت القوات العسكرية التابعة للأحزاب الكردية التي يتزعمها طالباني بتنفيذ هجوم بري واسع بتغطية جوية ومساندة برية من قوات التحالف على المناطق التي كانت تخضع لسيطرة الجماعة.
وبحسب موقع “الجزيرة نت“، مع بدء الحرب الأمريكية على العراق، تلقت الجماعة ضربة قوية من القوات الأمريكية بالتعاون مع قوات “البشمركة” التابعة لـ”الاتحاد الوطني”، ما أدى إلى مقتل عدد كبير من مقاتليها، وتشريد الباقين عبر الحدود الإيرانية، بينما اختفى البعض داخل القرى والمدن الكردية في محافظة السليمانية، لكن ذلك لم يقضِ على الجماعة بل أعادت نشاطها.
وقُتل حوالي 57 شخصًا نتيجة قصف أمريكي استهدف الجماعة الإسلامية وجماعة “أنصار الإسلام” الكردية، في 22 من آذار 2003.
وذكرت الجماعة في نصها الإلكتروني لعنب بلدي، أنها حلت نفسها حينها “حفاظًا على أرواح المدنيين في تلك المناطق، ولعدم تكافؤ القوة المادية كسبب لخوض حرب جبهات مفتوحة”، واتخذت قيادة الجماعة قرارًا يقضي بالانسحاب باتجاه الحدود العراقية- الإيرانية، ثم الدخول إلى مناطق ذات أغلبية سنية في محافظات الموصل وكركوك وبغداد وديالى والأنبار وصلاح الدين.
وبدأت الجماعة صراعًا جديدًا مع قوات التحالف، وشنت عمليات عسكرية ضدها.
وأعلنت الجماعة في تموز 2014 مبايعتها لتنظيم “الدولة الإسلامية” بعد صراعات مسلحة عنيفة بينهما في العراق، حسب “الجزيرة نت“، إلا أن فرعها في شمال غربي سوريا نفى لعنب بلدي بيعة الجماعة للتنظيم، مضيفًا أنها قاتلت التنظيم في العراق “إلى أن رتب المالكي سقوط مناطق أهل السنة لإنقاذهم”. وقتل أكثر من 100 مقاتل وكادر من “أنصار الإسلام” في معاركهم ضد تنظيم الدولة.
مراحل ظهور الحركات الإسلامية في العراق
شهد العام 1952 أول وجود للإسلام الحركي في المناطق الكردية على يد جماعة “الإخوان المسلمون”، إلا أن التنظيم حُل في 1971، بقرار من حزب “البعث” الحاكم في العراق.
وتحوّل عدد من عناصر تنظيم “الإخوان المسلمون” إلى الفكر “الجهادي” ورفع السلاح ضد الحكومة العراقية، تزامنًا مع دخول الأفكار السلفية إلى المنطقة في 1978، ما أدى في 1980 إلى تكوين أول مجموعة إسلامية مسلحة في جبال كردستان حملت اسم “الجيش الإسلامي الكردستاني”، وهي الفترة التي بدأت فيها الحرب العراقية- الإيرانية.
وتكونت في 1985 النواة الأولى لـ”الحركة الإسلامية” في كردستان العراق، بتشكيل “الرابطة الإسلامية الجهادية”، إذ أُسست بعدها بنحو سنتين “الحركة الإسلامية” في كردستان العراق بزعامة الشيخ عثمان بن عبد العزيز، التي انضمت إليها عدة فصائل إسلامية. وبعد نهاية الحرب العراقية- الإيرانية (1980- 1988) حدث صراع داخل الحركة الإسلامية في كردستان العراق بين الجماعات الإسلامية الموالية لإيران، والجماعات التي تحمل الفكر السلفي الجهادي.
واستطاعت إيران بالتعاون مع حزب “الاتحاد الوطني الكردستاني” استمالة بعض قادة التيار السلفي الجهادي وإقناعهم بالانشقاق، ما أدى إلى نزاع وظهور حركتين تحملان فكر السلفية “الجهادية” وهما “الحركة الإسلامية” و”الجماعة الإسلامية”. وفي أيلول 2001 توحدت مجموعات تحمل فكر السلفية الجهادية تحت مسمى “جند الإسلام”، الذي تغير لاحقًا إلى “أنصار الإسلام” بعد انضمام مجموعات أخرى.
–