هل بدأت انتخابات الأسد والأخرس

  • 2020/11/08
  • 8:39 ص

إبراهيم العلوش

ظهور صورة جدارية لأسماء الأخرس على أحد الأبنية في حمص أطلق الحملة الانتخابية للرئاسة السورية 2021 التي بدأت في وقت مبكر، ولكن بنكهة جديدة وبخدعة بصرية جريئة.

بعد أن أطلق نظام الأسد أدواته لالتهام نفوذ آل مخلوف وأموالهم التي تشاركوا بها مع عائلة الأسد، تحولت أسماء الأخرس زوجة بشار الأسد إلى رمز جديد من رموز الحرب ضد السوريين بعد أنيسة ومحمد وابنه رامي مخلوف، ورفعت وماهر الأسد، وآصف شوكت، و”النمر”، وعلي دوبا، وجميل الحسن، وعلي مملوك، وما يشابه هذه الرموز التي أرست تدمير سوريا وجعلته واقعًا حقيقيًا بعدما كان مجرد صورة افتراضية تتغذى عليها أفكار حافظ الأسد المؤسس لهذا الدمار.

والمسرحية الديمقراطية التي تمثل أسماء الأخرس أحد أدوارها، هي أنها أيضًا امرأة متحضرة ودارسة في لندن مثل بشار الأسد، ولكنها تحملت مرض السرطان وشفيت منه، وهي امرأة سنيّة يحق لها نهب ما نهبه آل مخلوف، وتحويله إلى حساباتها التي ترضي بها الروس، وتُبعد عن سوريا النفوذ الإيراني الذي يمثله ماهر الأسد البديل المفترض لأي تغيرات سياسية لا ترضي إيران قد تشمل رأس النظام في سوريا.

وفي استعادة لدور رفعت الأسد  ضمن الديمقراطية الأسدية، فقد كان ماهر الأسد حتى زمن قريب يمثل دور البعبع منذ بدايات الثورة عندما تردد بشار الأسد في الشروع بعمليات التدمير للحظة، فكانت أصوات الشبيحة في مظاهرة أوتوستراد المزة تصيح “ماهر ع القيادة وبشار ع العيادة”، ولكن الرئيس الدكتور، الدارس في لندن عاصمة الديمقراطية، كانت وحشيته تفوق الخيال، وجعل تراث حافظ الأسد مجرد تسليات صبيانية أمام الدمار الشامل الذي قاده ضد الشعب السوري، والدمار الذي أنجزه في المدن والحواضر السورية. وتحولت صورة ماهر الأسد اليوم إلى مجرد صورة لبيدق بيد الإيرانيين لم تعد تنفع كثيرًا امام الضغوط الدولية وأمام قوة الاحتلال الروسي.

وإذا عدنا إلى التاريخ الديمقراطي لنظام الأسد فإننا نجد ثلاثة حوادث ديمقراطية في مسيرة حافظ الأسد، الحادثة الأولى هي تنصيبه للرئيس الدرعاوي أحمد الخطيب قبل إجراء الانتخابات الديمقراطية التي وعد بها السوريين، بعد انقلاب الأسد على صلاح جديد والقيادة القومية، في 16 من تشرين الثاني 1970، وكان هذا الرئيس الذي لم يعد يذكره السوريون، مجرد واجهة للعصر المقبل الذي يبشر السوريين بالخراب والدمار الذي تحقق اليوم بأوضح صوره، فقد ظل ذلك الرئيس واجهة لمدة تقدر بستة أشهر، تحول بعدها إلى سلسلة من المناصب الشكلية الأخرى، ولم يعد تداول اسمه مسموحًا بين الأوساط البعثية وحتى بين السوريين، وبعملية بوليسية منظّمة لم يعرف أحد عنه شيئًا حتى تاريخ وفاته في عام 1982 رغم أنه كان بلا أي أهمية وبلا أي فاعلية.

الحادثة الديمقراطية الثانية هي ترشيح عبد الحليم خدام من قبل “القيادة القطرية” كمنافس لحافظ الأسد في أحد الانتخابات الرئاسية، قبل أن يتحول الانتخاب إلى استفتاء يقبل فيه حافظ الأسد ترشيح الناس له وليس العكس. فعندما ترشح عبد الحليم خدام في تلك الانتخابات كمظهر من مظاهر الديمقراطية الأسدية استنفرت قوات الأمن، ونشرت المخابرات سيولًا من الشائعات والنكات حول تلميذ الأسد، عبد الحليم خدام، وصغر قامته أمام القائد (الخالد)، ولم يجرؤ المرشح الديمقراطي حتى على انتخاب نفسه.

الحادثة الديمقراطية الثالثة هي الوصية التي استبق فيها حافظ الأسد اختتام حياته السياسية قبل وفاته في 10 من حزيران عام 2000، تلك الوصية التي تم تنفيذها حرفيًا على يد نائبه مصطفى طلاس، عندما سجن كل القيادات العسكرية والمدنية في مبنى الأركان حتى يتم توريث بشار الأسد، وذلك بترفيعه عشر رتب دفعة واحدة، وتغيير الدستور خلال ساعات، ليتمكن الوريث الديمقراطي من قيادة الجيش والشعب، وكان أيضًا عبد الحليم خدام أحد رموز هذا التحول الديمقراطي بتوقيعه على المراسيم الرئاسية بصفته نائب الرئيس، وقد كان مسجونًا مع القيادة في مبنى الأركان.

السؤال الآن، هل سيناريو ترشيح أسماء الأسد سيكون إنجازًا ديمقراطيًا جديدًا- قديمًا لنظام الأسد، وهل ستترشح مع زوجها في الانتخابات المقبلة، أم ستترشح وحدها ضمن عملية تجديد جريئة تحاول استرجاع الثقافة السياسية البوتينية التي وصلت إلى سوريا مع الصواريخ والقنابل الروسية؟ وبالتالي فإن النظام السوري سيعيد ظاهرة بوتين- ميدفيديف اللذين تداولا السلطة بطريقة الاحتيال على القانون.

إذا أصرّ النظام الأسدي على تجاهل كل السوريين، وتجاهل معاناتهم التي تسبب بها، وأصرّ على تجاهل العالم والقرار الأممي “2254”، وأصرّ على تجاهل الوقائع على الأرض، فإنه سيقوم باستعادة تراثه الديمقراطي المحروس اليوم بجيوش الاحتلال، وسيعاود إرسال رسائله السياسية إلى العالم بأنه نظام ديمقراطي وعلماني ولا يحق لأحد غيره أن يحكم سوريا إلى الأبد!

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي