تعا تفرج
نتعلم من ديننا مكارم الأخلاق
خطيب بدلة
قلت لصاحبي: الصحفي البريطاني روبرت فيسك مات. نظر إليّ منتظرًا بعض الشروحات. أضفت: فيسك من أشهر الصحفيين في العالم، أجرى عدة لقاءات مع أسامة بن لادن.
تحركت شفتاه، مترحمًا على بن لادن، وارتسمت على وجهه ابتسامة عذبة. عاجلته بالقول إن فيسك كان مؤيدًا لبشار الأسد، رافق الجيشَ المجرم في أثناء تدميره مدينةَ داريا، وكان يصنفنا، نحن الثوار، كعملاء للإمبريالية، ولم يكن لديه مانع أن يضرب ابنُ حافظ الأسد شوية كيماوي على الغوطة وخان شيخون. تلخبطت معالمُ وجهه، وقال بلهجة مبينة: الله يحرق نفسه.
حاولت أن أكون محامي الشيطان، فقلت: لا يهم إن كان فيسك ذا أخلاق، أو قليلَ ناموس، لأن الذي ضربنا بالكيماوي هو رئيسنا. مد يده إلى فردة حذائه اليسرى، حملها وقال: بشار رئيس هالصرماية، يلعن روح والده، لكن الحق مو عليه، الحق على أوباما الذي رسم له خطوطًا حمراء وتركه يتخطاها، ولم يفعل معه شيئًا. قلت: وبعد أوباما جاء ترامب، وأمضى في الحكم أربع سنوات، ولم يفعل شيئًا غير أنه ضرب مطار “الشعيرات” وهو شبه خالٍ. قال: ترامب وقف معنا. طلبت منه أن يكبر عقله، ويفهم أن لا أحد معنا. وسألته: هل تعرف كم سنة استغرقت الحربان العالميتان الأولى والثانية؟ حرك شفتيه وصار يحسب أربعة، زائد ستة، عشر سنوات. قلت له: نحن نُذبح، ونقتل، ونهجر، ونجوع، ونسبى، منذ عشر سنوات، يعني بما يعادل حربين عالميتين، ولا يوجد أخو أخته في أمريكا أو أوروبا أو آسيا أو إفريقيا أو أستراليا يرفع يده ويقول: هذا الشعب بحمايتي.
قال: عتبنا ليس على هذه القارات وهذه الدول. عتبنا على المسلمين. سألته: وهل الذين يقتلوننا يهود؟! قال: لا. بل مسيحيون. قلت له: أنت مخطئ، في بداية الثورة لم يقتلنا أحد غير المسلمين. قال: يعني أنت تحسب بشار الأسد مسلمًا. قلت له: بشار مجرم، ولكنه مسجل بصفة مسلم، ولعلمك أن تشكيلة مسلمين من مختلف الطوائف تشاركه في ذبحنا، ومعهم إيران المسلمة التي سبق لنا أن هللنا لها، وفرحنا لانتصار المقاومة “الإسلامية” على العدو “اليهودي” سنة 2000، وبمجرد ما قمنا ننادي بالحرية ظهر حسن نصر الله وصار يشوبر بيديه ويقول سأبعث جنودًا لسوريا حتى يقاتلوا التكفيريين! قال: اتركني من حسن زميرة، أنا مقهور من ماكرون والفرنسيين الذين يسيئون للإسلام، والحمد لله مقاطعتنا بضائعهم جاءت بنتيجة فورية، جعلت ماكرون يتصل بقناة “الجزيرة” ويتراجع.
قلت: ليس مهمًا أن يستمر أو يتراجع، فنحن اليوم لا نمتلك ثمن الخبز وجرة الغاز وقنينة الزيت المصنوعة في سوريا، فمن أين لنا ثمن العطور والخمور والقداحات الفرنسية الفخمة؟ كان بودي لو أنكم تقاطعون البضائع الروسية، احتجاجًا على القصف، والصين لأجل “الفيتوهات” التي ترفعها مع روسيا ضدنا في مجلس الأمن.
قال: أيش قصتك؟ كلما فتحنا طريق تغلقه. قلت: الطريق الوحيد الذي يوصلنا إلى بر الأمان، برأيي، هو طريق سوريا، وأما الدين فعلينا أن نحترمه، ونلتزم بتعاليمه، ونتعلم منه مكارم الأخلاق.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :