رصاص الأعراس في درعا.. تعبير عن الفرح يثير خوف الأهالي
درعا – حليم محمد
على سرير أزرق بمستشفى “طفس الوطني”، غربي محافظة درعا، محاطًا بعدد من الأطباء، توفي، في أيلول الماضي، طفل لم يبلغ من العمر أربعة أشهر، عند إخراج طلقة استقرت برأسه في أثناء حضور عرس.
تكررت حوادث الوفاة في درعا نتيجة أخطاء استخدام الأسلحة الفردية خلال الأفراح، كان أكثرها شهرة قتل شابين وجرح خمسة آخرين خلال عرس آخر تحول إلى عزاء في تلك المدينة الصغيرة.
إطلاق الرصاص للفرح والفخر
من العادات القديمة في المحافظة الجنوبية أن يطلق أصدقاء العريس العيارات النارية بالهواء تعبيرًا عن فرحهم، ومع كثرة السلاح وغياب الرقابة عليه في أثناء سيطرة المعارضة، واستمرار ذلك بعد سيطرة النظام في تموز من عام 2018، زادت نسبة حاملي السلاح وخاصة من المراهقين.
ويروي نبيل، البالغ من العمر 35 عامًا، ما حصل في فرح بمدينة طفس، في نيسان عام 2018، حين اختل توازن الشاب الذي يطلق الرصاص من سلاح سقط من يديه وقتل اثنين وجرح خمسة آخرين، “بت لا أرغب بحضور الأفراح، وينتابني القلق في حال فرض عليّ واجب الصداقة والقرابة حضور أي عرس”، قال الشاب.
وبرأي نبيل فإن التعبير عن محبة العريس أو أهله لا يتطلب إطلاق النار، متمنيًا توقف هذه العادة والتزام السلامة.
أم عماد قررت عدم البقاء في العرس حين بدأ إطلاق النار، وقالت إنها احتضنت طفلها البالغ من العمر ستة أعوام، “إطلاق النار مخيف وخاصة بأن صغار السن يطلقون النار وبيد واحدة”.
عبرت تلك العادة قديمًا، حسبما قال “أبو محمد”، الرجل السبعيني من طفس، “عن قوة العشيرة في إشارة إلى كثرة السلاح والرجال فيها، إضافة إلى تقديم عروض أخرى للقوة، ومنها سباقات الخيل “للتعبير عن الفروسية”.
ورغم أن عادات إطلاق النار قديمة، فإنها أصبحت أكثر خطرًا الآن، مع كثرة السلاح وكثرة حامليه، الذين “لا يتمتعون بدراية حمل السلاح ويستهترون به”، على حد تعبير “أبو محمد”، الذي أشار إلى أن حمل السلاح قديمًا كان محصورًا بأشخاص لهم من العمر والدراية ما يخفف من مخاطر استخدامه، وكانت القوانين السارية تحظر حمل الأسلحة من دون ترخيص.
حمل السلاح قانونيًا
جرّم قانون العقوبات السوري حمل السلاح من دون ترخيص، إذ أصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، المرسوم رقم “51” لعام 2001 لحيازة السلاح، وحدد شروط ترخيصه واستعماله وفق تعديلاته، وحدد القانون عقوبة حمل السلاح الحربي والمسدس الحربي وبندقية الصيد، بالسجن من ثلاثة إلى ستة أعوام، وبالغرامة من عشرة آلاف حتى 50 ألفًا، لكل من حمل أو حاز سلاحًا حربيًا غير قابل للترخيص أو ذخيرة له.
ويعاقب بالسجن من سنتين إلى خمس سنوات، وبالغرامة من خمسة آلاف إلى 25 ألفًا، كل من حمل أو حاز مسدسًا حربيًا دون ترخيص أو حاز ذخيرة له، وبالنسبة لبندقية الصيد تتراوح الغرامة ما بين خمسة وعشرة آلاف ليرة، مع السجن من ستة أشهر إلى سنة.
ونص القانون على عدم جواز استعمال الأسلحة المرخصة في المناطق السكنية ومناطق التجمعات “مثل الحفلات والمخيمات”، في حين تندرج جريمة القتل عن طريق إطلاق النار بالأفراح تحت بند القتل غير المقصود.
وقال نقيب المحامين السابق في درعا، سليمان القرفان، لعنب بلدي، إن القتل نتيجة إطلاق نار بالأفراح هو جناية قتل بالخطأ تتراوح عقوبتها من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، ويفرض على القاتل دفع دية لأهل القتيل، وفي حال تنازل أهل القتيل عن حقهم لا يسجن القاتل سوى ستة أشهر.
معظم الحالات التي حصل فيها قتل بالخطأ في درعا، حسبما قال “أبو محمد”، تدخّل فيها شيوخ العشائر وحُلت بعد إسقاط الحق الشخصي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :