انهارت كتل سكنية في مخيم “شهداء ترملا” بريف إدلب الجنوبي، في 5 من تشرين الثاني الحالي، بسبب الأمطار الغزيرة، وسوء الإنشاء، وسط توقعات بانهيار وحدات أخرى في حال هطول أمطار مماثلة، ما يشكل خطرًا على حياة ساكني المخيم.
وأدت الأمطار الغزيرة والفيضانات التي شهدها الشمال السوري إلى انهيار 18 كتلة سكنية في مخيم “شهداء ترملا” للنازحين، بحسب ما أفاد به مدير المخيم، أحمد صالح الصالح، عنب بلدي.
وقال الصالح إن المخيم مؤلف من 193 كتلة سكنية تقطن فيها حوالي 250 أسرة، وأضاف أن 50 كتلة أخرى من المخيم آيلة للانهيار في حال هطول أمطار مماثلة.
ما قصة المخيم
أُنشئ مخيم “شهداء ترملا” في ريف إدلب، ومضى على إنشائه ستة أشهر، وبحسب مدير المخيم بُنيت الكتل حينها بطريقة غير مدروسة، إذ أُقيمت على أرض ترابية غير ثابتة.
وبحسب الصالح، أرسلت منظمة الإغاثة وحريات الإنسان التركية (IHH)، فريقًا لكشف الأضرار صباح الخميس الماضي، وأزال الفريق الشوادر من بعض الكتل السكنية ثم رحل.
مالك حمزة أوغلو، المسؤول الإعلامي لدى منظمة “İHH”، تحدث لعنب بلدي عن حادثة الانهيار قائلًا، إن “الانهيار حصل بسبب العاصفة التي حدثت في المنطقة، وكشفنا على الأضرار التي تسببت بها تلك العاصفة، وسنعوض المتضررين منها”.
المشروع هو بيوت مبنية من “البلوك”، وتسلّمت إدارة المخيم التمويل من المنظمة لإنشائه، ثم سلّمت تلك المساكن للنازحين، وكان هدف المشروع استبدال جدران “بلوك” يغطيها الشادر بجدران الخيم، بحسب ما صرح به حمزة أوغلو.
وأفاد مراسل عنب بلدي في المنطقة، أن الطريق المؤدي إلى المخيم شديد الانحدار، ولا تستطيع السيارة الوصول إلى المخيم لأنه مُنشأ في أعلى نقطة من الطريق المنحدر، وكان الطريق غير معبّد ومرصوف بأحجار كبيرة الحجم تتخللها الرمال.
كما أكد أن الشوادر التي كانت تغطي الكتل السكنية غير موجودة.
وكانت منظمة “IHH” أعلنت، العام الماضي، عن مشروع لاستبدال بيوت ذات جدران وأبواب “بيوت الحياة الطارئة” بالخيام، وأطلقت حملة تبرعات هدفها “حماية النازحين في إدلب من العوامل الجوية”، بحسب ما نشرته المنظمة عبر صفحتها الرسمية.
أسباب وعوامل الانهيار
مدير فريق “منسقو الاستجابة” في الشمال السوري، المهندس محمد حلاج، قال لعنب بلدي، إن السبب الأول للانهيار هو هطولات مطرية زادت الحمل على الشوادر المنصوبة فوق الكتل السكنية، كما تسبب عدم وجود جدران حاملة وهبوب الرياح التي تضغط بدورها على هذه الكتل بانهيارها.
وكان من الممكن تجنب هذه “الكارثة” في حال وجود هيكل معدني (جملون معدني)، يوضع الشادر فوقه بشكل مائل بحسب المهندس محمد حلاج.
ولا يعتقد حلاج أن الكتل ستعود صالحة للسكن بأي شكل من الأشكال، ويجب إعادة بنائها مجددًا، وإضافة بعض التصاميم كعتبات للجدران، وإجراء كشوف “بيتون مسلح” على أطراف الأبواب، ويفضل وجود عتبات أسمنتية على الأقل قادرة على امتصاص صدمات كهذه.
واعتبر حلاج أن الفساد واضح ضمن هذا المشروع من جميع النواحي، وأبرز ناحية هي اختيار نوعية مواد البناء المستخدمة في مخيمات كهذه، وعزا ذلك إلى غياب المخابر التي من مهامها الكشف على نوع المواد التي تدخل في إنشاء كتل كهذه.
وأضاف حلاج أن من الملاحظ وجود خلل في بناء الجدران، إذ كان من المفترض وجود نسبة تراكب بـ”البلوك” تقدر بين 40% و60%، وبحسب الصور التي اطلع عليها حلاج، نفى وجود هذا التراكب.
نازحون متخوفون
عبد الحليم الحسن أحد النازحين إلى مخيم “شهداء ترملا”، قال لعنب بلدي، إنه كان يسكن مع عائلته، وهم ثمانية أشخاص، في خيمة بعد نزوحهم من قرية شحشبو شمالي مدينة حماة، ثم جاء للسكن في كتلة سكنية بمخيم “شهداء ترملا”.
“طلب أحدهم مني أن أوقع على تسلّم الكتلة السكنية، وقال لي إن لم تكن تريد تسلّمها فغيرك سيأخذها، ولم يكن لدي حق بالاعتراض على أي شيء”، كما قال عبد الحليم الحسن.
وأضاف عبد الحليم أنه منذ شهرين يقيم في هذه الكتل، وشهد حادثة الانهيار، ولجأ المتضررون حينها إلى الكتل المخصصة للحمامات ليحتموا داخلها، ونزح آخرون إلى مخيمات أخرى.
ونشر فريق “منسقو الاستجابة” عبر صفحته في “فيس بوك”، في 6 من تشرين الثاني الحالي، بيانًا ناشد من خلاله المنظمات والهيئات الإنسانية لتقديم المساعدات العاجلة والفورية للنازحين القاطنين في المخيمات والتجمعات العشوائية الواقعة في شمال غربي سوريا.
وطالب الفريق المنظمات بالعمل على إصلاح الأضرار السابقة ضمن المخيمات والتجمعات الحديثة والقديمة، والعمل على رصف الطرقات ضمن المخيمات والتجمعات بشكل عام.
كما أكد الفريق في تقرير نشره عبر “فيس بوك“، في 5 من تشرين الثاني الحالي، الأضرار المادية التي تسببت بها الأمطار ضمن عشرات المخيمات، إذ بلغ عدد المخيمات المتضررة خلال اليوم الأول 13 مخيمًا، أما خلال اليوم الثاني فعدد المخيمات التي تضررت وصل إلى 38 مخيمًا في مختلف المناطق.
وطالب الفريق بحلول “إسعافية” للمخيمات، كتقديم عوازل مطرية وأرضية، وتجفيف الأراضي ضمن المخيمات، والبدء بإنشاء شبكة للصرف الصحي، والعمل على إنشاء حفر وخنادق في محيط المخيمات بشكل عام، لتوفير سد أولي لامتصاص الصدمة المائية الأولى الناجمة عن الفيضانات.
–