وعود بمحاسبة المسؤولين
اعتُقل على خلفية سرقة في “مخفر الباب”.. تدهور صحة شرطي خضع لاستجواب
في 12 من تشرين الأول الماضي، لم يعد الشرطي في مركز شرطة الباب بريف حلب أحمد وهب، إلى منزله بعد انتهاء ساعات عمله.
تواصل والد أحمد (35 عامًا) مع قسم الشرطة ليطمئن عليه، إلا أن أحد أصدقاء ابنه أخبره أن أحمد أحد المتهمين بسرقة “هارد” كمبيوتر من قسم الشرطة، واعتقل في القسم بسبب ذلك.
مرت أيام على اعتقال أحمد، وفي 29 من تشرين الأول، نقل إلى مستشفى “الباب” بعد غياب كامل عن الوعي، وبسرية تامة دون إخطار أحد من أقاربه أو ذويه.
اتهام بانتهاكات لحقوق الإنسان
علمت عائلة أحمد، في 1 من تشرين الثاني الحالي، أن أحمد أصيب بفشل كلوي، حسبما نشر شقيقه عبد الحميد وهب، عبر صفحته في “فيس بوك“.
وبحسب حديث عبد الحميد وهب لعنب بلدي، كان أحمد يعمل خياطًا قبل انطلاق الثورة عام 2011، التي انخرط فيها وترك عمله، ليتجه للإسهام في المستشفيات الميدانية والجمعيات والمجلس المحلي.
غادر أحمد وعائلته إلى إدلب بعد سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على الباب في 2014، وعاد إليها خلال سيطرة “الجيش الحر” مدعومًا بفصائل المعارضة عليها في شباط 2017، وانتسب إلى سلك الشرطة.
وتساءل عبد الحميد، شقيق الشرطي أحمد، عن سبب تعذيب أخيه ليصل إلى حد القصور الكلوي، طالما أن التحقيق شفهي وأن شقيقه اعترف به، موضحًا أن القضية لم تعد تتعلق بإدانة أحمد أو براءته، بل بالتجاوزات الكبيرة في حقوق الإنسان داخل مركز الشرطة، بحسب تعبيره.
وتتعدد أسباب مرض القصور الكلوي، إلا أنه من الممكن إصابة شخص بالقصور نتيجة تعرضه لتعذيب شديد على فترات زمنية، وهو ما حصل مع كثير ممن خرجوا من معتقلات النظام السوري، حسب الطبيب المختص بالأمراض البولية صدام المشاري.
وأضاف الطبيب في لقاء مع عنب بلدي أن أسبابًا أخرى قد تسبب الفشل الكلوي، منها الضرب المباشر على الكلى، الذي قد يسبب موتًا لخلايا الكلى وبالتالي لا تؤدي وظيفتها، كما أن حرمان السجين من الطعام والشراب، يؤدي إلى انخفاض بضغط الدم، وهو ما يوصل إلى تحطم الخلايا الكلوية.
ويمكن أن يصاب الشخص بالقصور الكلوي في حالات الالتهاب الحاد إذا لم يعالج، إضافة إلى أسباب أخرى كثيرة.
ويمكن العلاج في حال اكتشف الشخص أنه مصاب بالقصور الكلوي ببداية الحالة المرضية، لكن في حال تأخر التشخيص والعلاج، من الممكن أن يتحول إلى قصور كلوي مزمن.
مجلس انضباطي للتحقيق
وشكل مجلس انضباطي في قيادة شرطة الراعي “محاكمة مسلكية” للتحقيق مع الملازم أول عبد الله النايف، الذي ادعى عليه أحمد، حسب حديث محاميه الموكل بالقضية بركات سعيد البروك لعنب بلدي.
وأوضح المحامي أن أحمد لم يدّعِ إلا على الملازم أول عبد الله، ونفى أحمد أمام قاضي التحقيق الذي استجوبه اليوم، الأحد 8 من تشرين الثاني، سرقته لـ”الهارد”، لكنه اعترف بذلك نتيجة التعذيب الذي تعرض له في القسم.
وطلب المحامي عرض أحمد على الطبيب الشرعي لمعاينة آثار التعذيب على جسمه.
وفي حال ثبت الجرم المسند إلى الملازم عبد الله فيعاقب عقوبة مسلكية والقضاء يعاقبه عقوبة قضائية، بحسب ما قاله المحامي لعنب بلدي.
قائد الشرطة: نحن تحت سقف القانون
قائد شرطة الباب، النقيب خالد الأحمد، قال لعنب بلدي، إنه استدعى 13 عنصرًا من قسم الأدلة الجنائية للتحقيق معهم، بعد وصول إخطار من رئيس قسم الأدلة الجنائية في القسم بسرقة “هارد” الكمبيوتر، دون فك أو كسر بواسطة مفتاح مطابق.
وفتح قائد الشرطة ضبطًا عدليًا للتحقيق، خاصة أن “الهارد” يحتوي معلومات مهمة لـ”الفيش الجنائي” يمكن تسريبها أو نقلها لجهة تستفيد منها، كالنظام السوري أو تنظيم “الدولة الإسلامية” أو حزب “العمال الكردستاني”، بحسب قائد الشرطة.
وبالتحقيق “الشفهي” مع العناصر لعدة مرات، اعترف أحمد وهب أمام ستة من زملائه كانوا جالسين بقربه خلال التحقيق، بأنه استخدم مفتاحًا مطابقًا للسرقة، ثم تحدث عن عدة روايات من بينها تحطيم “الهارد” أو إرساله إلى النظام، وفق الأحمد.
إلا أن الأطباء أثبتوا إصابة أحمد بقصور كلوي، حسب نسخة عن التقرير الطبي الخاص به، نشرها عبد الحميد وهب (شقيق أحمد) عبر “فيس بوك”.
وأكد النقيب خالد الأحمد زيارة والد ووالدة وزوجة أحمد أكثر من مرة في القسم قبل نقله إلى المستشفى، “علمًا أن الزيارة ممنوعة في أثناء التحقيق، لكن سُمح لهم بها لإقناعه بإخبار المحققين بمكان الهارد”.
ومدد الضبط ضمن الأصول عن طريق النيابه العامة للتأكد من مكان وجود “الهارد”، وفي 29 من تشرين الأول الماضي، أعلم رئيس المركز بأن الشرطي الموقوف أحمد الوهب مريض، بعد امتناعه عن تناول الطعام لمدة يومين.
وأمر رئيس المركز بنقل أحمد إلى المستشفى لعلاجه، وفتح تحقق مسلكي لمعرفة ملابسات التحقيق معه.
“سيحاسب المخطئون مهما كانت صفتهم كل حسب خطئه”، بحسب النقيب خالد الأحمد، و”سيقدم الموقوف أحمد للقضاء بعد خروجه من المستشفى وتماثله للشفاء بجرم سرقة وتسريب معلومات أمنية، ويعرض على الطبيب الشرعي، ويُضم التقرير الطبي للتحقيقات المسلكية والعدلية”.
انتهاكات سابقة
يسيطر “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا على مناطق ريف حلب الشمالي، وتدير المنطقة إدارات مدنية متمثلة بالمجالس المحلية، وإدارات أمنية كالشرطة المدنية والشرطة العسكرية التابعة لـ”الجيش الوطني” بدعم تركي.
عنب بلدي أعدت في حزيران الماضي ملفًا رصدت فيه الانتهاكات على يد عناصر “الجيش الوطني”، وناقشت أسبابها ودور القيادات و”الحكومة المؤقتة” في ضبطها إلى جانب الدور التركي في دعمه ومدى توفر حلول.
https://www.enabbaladi.net/archives/391094
وتنوعت انتهاكات “الجيش الوطني” من اعتقال وسيطرة على أملاك، إضافة إلى اشتباكات بين فصائله أدت إلى ضحايا من المدنيين.
https://www.enabbaladi.net/archives/430258
وكانت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” وثقت اعتقال “الجيش الوطني” والأجهزة التابعة له 280 شخصًا في عفرين وريفها.
وفي حديث سابق لعنب بلدي، أكد قائد الشرطة العسكرية في ناحية جنديرس التابعة لمدينة عفرين، الرائد إبراهيم الجاسم، أن حجم الانتهاكات والتعديات على السكان “كبير”، موضحًا أن الشركة العسكرية “تتابع أي شكوى سریة من الأهالي أو علنية من خلال المراقبة”.
وأضاف الجاسم أن الشرطة العسكرية تنفذ إجراءات كثیرة، من ضمنها حملات توعية للمقاتلين، وتسليم عناصر إلى القضاء العسكري، إذ لا يسمح لهم بترك أي موقوف لمدة أكثر من 48 ساعة.
واتفق محللون تحدثت إليهم عنب بلدي في ملفها أن انتهاكات الفصائل تعود إلى عدة أسباب، منها ما هو متعلق بكيان “الجيش الوطني” وضعف الهيكلية والقيادة، وآخر متعلق بمنهجية وطبيعة الفصائل وغياب السلطة المركزية، إلى جانب الموقف الدولي الرافض لتحويل “الجيش الوطني” إلى مؤسسة عسكرية كبيرة.
وكانت مجموعة من القادة العسكريين في المعارضة السورية أعلنت، في 4 من تشرين الأول 2019، بمدينة شانلي أورفة التركية على الحدود السورية، تشكيل “الجيش الوطني السوري” بقيادة وزير الدفاع في “الحكومة السورية المؤقتة” ورئيس هيئة الأركان، سليم إدريس.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :