جريدة عنب بلدي – العدد 38 – الاحد – 11-11-2012
لأشهر عديدة عاشت الولايات المتحدة الأمريكية – ومعها العالم بأسره- سباقًا رئاسيًا ربما كان الأكبر من نوعه في تاريخ البلاد. فبعد الانتخابات التمهيدية على مستوى الأحزاب والتي دامت لأشهر وأسفرت عن اختيار الحزب الجمهوري لمرشحه «مت رومني» لمواجهة الرئيس الحالي «باراك أوباما» مرشح الحزب الديمقراطي على مقعد الرئاسة، بدأ المرشحان حملتهما للتنافس على المكتب البيضوي في حملة استمرت لأسابيع كانت هي الأعلى كلفة في تاريخ انتخابات الرئاسة الأمريكية حيث تجاوزت تكاليفها حاجز الملياري دولار، فيما قدرها البعض بحوالي 2.6 مليار دولار!!
وفيما كانت استطلاعات الرأي تشير إلى تقارب كبير بين المرشحين، كان لبعض الأحداث الخارجية تأثيرها على هذه الاستطلاعات ولاسيما «إعصار ساندي».
ويوم الثلاثاء 6 تشرين الثاني 2012، كانت معظم القنوات الفضائية على موعد مع تغطية مباشرة مستمرة لهذه الانتخابات، والتي وصفها الكثير من المحللين والمتابعين بأنها الأهم على مستوى العالم.
والسؤال الذي يطرح نفسه، ما هو تأثير الانتخابات الأمريكية علينا في سوريا والدول العربية والمنطقة؟؟ هل ستختلف سياسات الإدارة الأمريكية باختلاف الشخص – ومن ورائه الحزب- الحاكم في البيت الأبيض؟؟
ربما كان صحيحًا أن الإدارات الجمهورية أكثر دموية، وهي على الدوام سباقة في شن الحروب لاسيما خلال العقدين الأخيرين إذ أن حرب الخليج الثانية (الحرب على العراق مطلع تسعينيات القرن الماضي) والحرب على أفغانستان وكذلك الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، قد حدثت كلها في عهد إدارات أمريكية جمهورية، إلا أنه علينا أن نذكر أيضًا أن القوات الأمريكية في أفغانستان قد ازداد عددها في فترة رئاسة أوباما الأولى. وكذلك علينا أن نذكر أن الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون قد قصف أكثر من مرة مواقع في السودان والعراق خلال فترة رئاسته أواخر تسعينيات القرن الماضي.
لقد كانت سياسات الإدارة الأمريكية على الدوام مرتبطة بمصالحها وبتقوية نفوذها الدولي، وزيادة التدخل في شؤون الدول الأخرى ونشر –بل وفرض- الثقافة والطراز الأمريكيين في مناحي الحياة المختلفة الاقتصادية منها والإجتماعية، السياسية والفكرية ضمن ما يمكن تسميته بـ «أمركة العالم». وعندما يتعلق الأمر بمنطقة الشرق الأوسط، يضاف إلى المصالح الأمريكية القومية عامل مهم وحاسم هو أمن إسرائيل الذي يمثل أولوية كبرى لأي إدارة أمريكية، وتشكل التعهدات التي يقدمها أي مرشح ورقة لها ثقلها ودورها في إمكانية نجاحه. لذلك علينا ألا نعوّل كثيرًا على تغير الأشخاص في البيت الأبيض فالسياسات الأمريكية محكومة بمصالح قومية وحسابات لا تتغير بتغير الأفراد.
فما الذي يهمنا من الانتخابات الأمريكية؟؟ وكيف نستفيد منها؟
لقد كان لافتًا موقف المرشح «ميت رومني» الذي سارع إلى تهنئة «خصمه» أوباما بمجرد أن حصل على الأصوات ال 270 المطلوبة للفوز بالانتخابات. هذا الموقف الذي يتكرر مرة كل أربع سنوات حين يقبل مرشح للرئاسة الأمريكية استطاع الحصول على أصوات الملايين من أبناء بلده، يقبل خسارته لأن ملايين أخرى لم تصوت له ولم ترَ فيه الشخص الأنسب لقيادة بلادهم في الفترة المقبلة!!
هذا الإيمان بالشعب وبإرادة الشعب والثقة بأن الشعب هو الأقدر على اختيار الأنسب والأفضل للوطن والأمة هو سبب رئيس لقوة الولايات المتحدة – وغيرها من الدول- وهو الشيء الذي نفتقده في بلادنا ونحن أحوج ما نكون إليه. ثقة المسؤول بأن الشعب هو من يقرر مصير الأفراد وليس «الفرد» هو الذي يقرر مصير الشعب، فهل نتعلم؟؟