تضم القوات الأمريكية في شمال شرقي سوريا جنديًا من أصل سوري، مستفيدًا من معرفته باللغة العربية وثقافته للتواصل بين السكان والجنود الأمريكيين.
فادي ملوحي شاب سوري أمريكي الجنسية، ومتخصص في الجانب التقني للبرمجيات، في لواء “الطيران القتالي- 628″، التابع للتحالف الدولي لعملية “العزم الصلب”، وينحدر من مدينة آلنتاون في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، وأمضى كثيرًا من طفولته في سوريا، ويقدّم الآن دروسًا باللغة والثقافة لزملائه الجنود.
وفي لقاء على موقع “قوات التحالف الدولي لعملية العزم الصلب” الرسمي اليوم، الاثنين 2 من تشرين الثاني، ترجمته عنب بلدي، أبدى الموقع إعجابه بسلوك فادي، ووصفه بأنه منقذ لحياة الأمريكيين والمدنيين لمساعدته في التواصل بين السكان المحليين والجنود الأمريكيين.
وكان والد فادي، وهو أحد المحاربين القدامى في القوات الخاصة السورية، مترددًا بشأن قرار ابنه في الانضمام إلى الجيش الأمريكي، كما كانت الحال مع بقية أفراد الأسرة، ولكن الانضمام إلى الجيش كان شيئًا لطالما طمح به فادي منذ طفولته.
وتفهم والده أهمية خدمة الوطن (أمريكا)، وكانت والدته سعيدة من أجله رغم أنها لا تحب الوقت الذي يقضيه بعيدًا عنهم.
وقال فادي، “شاهدت الكثير من الأفلام الوثائقية عن الجيش الأمريكي، وحصلت أخيرًا على فرصة الانضمام إلى الجيش في المدرسة الثانوية وبدء الرحلة”.
يشعر الجندي بالاضطراب أحيانًا من حيث نشأته وتحديد هويته الذاتية، “لقد أربكني الأمر في طفولتي لأنني كنت أفكر في نفسي إذا كنت أمريكيًا أو سوريًا. أنا الآن في موقف أفضل مع ثقافتي من ذي قبل، ويمكنني أن أقول إنني فخور بذلك”.
ويسرد فادي ما يذكره من طفولته في إحدى قرى حمص، بمنزل محاط بحفرة رملية ومزرعة كان يلعب فيها كرة القدم، ويتناول “المأكولات التي لا يمكن أن تجد مثلها إلا في هذه البقعة من العالم”، بحسب تعبيره.
وقال إن الصباح في قريته كان “مشرقًا ودافئًا، بينما كانت الليالي باردة ومظلمة، لكن المشي فيها رائع”. وفي أثناء وجوده في سوريا، درس الزراعة والصيد وتعلم الرقص، وانغمس في أسلوب حياة وثقافة شعبه.
يستخدم الجندي إلمامه بلغته وثقافته الأم في خدمته الآن، كمساعدته لزملائه الجنود في الاتصال بشبكة الإنترنت، إذ يكون إعداد اللغة الافتراضي عادة هو اللغة العربية، حتى يتمكنوا من الاتصال بأهلهم وأصدقائهم، كما أنه يستخدم معرفته بثقافات الشرق الأوسط للمساعدة في خدمة المصالح الأمريكية والحفاظ على سلامة زملائه الجنود، بحسب الموقع.
ويرى فادي أن أصله السوري ساعده في عدة مجالات، كإدخال التنوع في القسم الذي يعمل فيه، والحصول على أجر أعلى مقابل معرفته بلغة أخرى، ما جعله عنصرًا قيمًا لوحدته في الجيش.
ويرى أن هذا الأمر “يمكن أن ينقذ حياة شخص ما ويمنع الناس داخل الوحدة من عدم احترام المدنيين هنا”.
وأكد أنه عندما يذهب المرء إلى بلد آخر يجب أن يحترم القيم وأنماط الحياة هناك، وفي المقابل، سيكسب احترام السكان المحليين عند تعلم ثقافتهم.
تختلف الثقافة في آلنتاون، مدينة فادي في أمريكا، عن الشرق الأوسط اختلافًا كبيرًا، لكنه يأخذ الوقت الكافي لتعليم زملائه الجنود كيفية احترام السكان المحليين.
وتوجد العديد من الأحداث التي يحصل فيها احتكاك بين الجنود الأمريكيين والسكان في المنطقة، من أبرزها تجاوز طفل سوري السياج الشائك المحيط بإحدى القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا، واقترب من الدشم العسكرية للجنود الأمريكيين.
وأظهر تسجيل مصوّر نُشر عبر “تويتر”، في 2 من أيلول الماضي، تجمع خمسة أطفال سوريين على السياج الشائك لإحدى القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا، وتجاوز أحد الأطفال السياج، عبر الزحف منبطحًا تحت السياج الشائك.
وقال باربيزاتفي، وهو زميل فادي من قسم الاتصالات، “لقد علمني كلمتين، وأظهر لي بعض الأشياء عن اللغة، مثل كيفية قراءتها من اليمين إلى اليسار، بدلًا من القراءة من اليسار إلى اليمين كما في اللغة الإنجليزية”.
وأضاف أنه “جندي جيد، وخلفيته تضيف عنصرًا رائعًا على الوحدة”.
ويشعر فادي ملوحي بالرضا عن عودته إلى الشرق الأوسط، وعلى الرغم من أنه فرز في منشأة تابعة للجيش الأمريكي، توجد بعض الأشياء التي تجعله يشعر بأنه في المنزل، مثل رؤية شيء بسيط كالكتابة العربية على أغلفة زجاجات المياه، أما بالنسبة للعودة يومًا ما إلى سوريا، فهو يتمنى ذلك لإمضاء عطلة فقط.
وختم حديثه للموقع بالقول، “رغم أنه موطن عائلتي وهو جميل، لكنه ليس مكانًا هادئًا في المستقبل، ولا أرى لي مستقبلًا ناجحًا ومليئًا بالفرص فيه، كالذي في الولايات المتحدة”.
وتتوزع القوات الأمريكية في 26 موقعًا بمحافظات دير الزور، والحسكة، والرقة، وحمص، والقامشلي، كما تمتلك 23 قاعدة عسكرية، حيث يتركز وجودها بشكل رئيس على آبار النفط.
وأعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أواخر عام 2018، انسحاب قوات بلاده من شرقي سوريا، وذلك بعد إلحاقها الهزيمة بتنظيم “الدولة الإسلامية”، حسب تعبيره.
وقال ترامب حينها، “منذ مدة طويلة ونحن نحارب في سوريا، وأنا رئيس للولايات المتحدة منذ عامين، لقد قطعنا مرحلة طويلة، وهزمنا داعش شر هزيمة، واستعدنا الأرض”، وأضاف، “كان السبب الوحيد لوجودنا بسوريا في فترة رئاستي هو تنظيم داعش الذي هزمناه”.
لكن الرئيس الأمريكي أبقى عددًا محدودًا من قوات بلاده سينتشر بالقرب من حدود سوريا مع الأردن وإسرائيل، ومجموعة أخرى من الجنود ستتولى “حماية النفط”، وفق قوله.
–