في تسع حالات من كل عشرة صحفيين يُقتلون في العالم، يفلت القتلة من العقاب، ويؤدي هذا الإفلات من العقاب إلى مزيد من القتل، فضلًا عن أنه غالبًا ما يكون أحد أعراض تفاقم النزاع وانهيار القانون والأنظمة القضائية.
وفي السنوات الماضية، قُتل أكثر من 1200 صحفي في أثناء أداء واجبهم الإعلامي وإيصال المعلومة إلى الجمهور العام، وفقًا لإحصائيات الأمم المتحدة.
ولا تشمل هذه الأرقام العدد الكبير من الصحفيين الذين يتعرضون يوميًا لاعتداءات غير مميتة، بما ذلك التعذيب، وحالات الاختفاء القسري والاعتداءات الاعتباطية، والترهيب والتحرش في أوقات النزاع والسلم على حد سواء، بالإضافة إلى ذلك، تواجه النساء الصحفيات مخاطر محددة تشمل الاعتداءات الجنسية.
اقرأ: كيف تتعرض الصحفيات للعنف عبر الإنترنت
وتخشى “يونسكو” من أن يؤدي الإفلات من العقاب إلى عدم تماسك مجتمعات بكاملها جراء إخفاء انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والفساد والجرائم.
ولذلك، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 2 من تشرين الثاني من كل عام “يومًا دوليًا لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين”، ضمن قرارها الذي أوصى الدول الأعضاء، من بينها سوريا، بتنفيذ تدابير محددة لمواجهة ثقافة الإفلات من العقاب الحالية، وقد اختير التاريخ لتكريس ذكرى اغتيال صحفيين فرنسيين في مالي في 2 من تشرين الثاني 2013.
اقرأ: صحفيات سوريات يواجهن واقعهن في إدلب
وسلّط مؤشر “لجنة حماية الصحفيين العالمي للإفلات من العقاب” لعام 2020 الضوء على البلدان التي يُقتل فيها صحفيون بينما يظل القتلة أحرارًا طلقاء.
وبحسب المؤشر، الصادر في 28 من تشرين الأول الماضي، احتلت الصومال وسوريا والعراق وجنوب السودان أسوأ أربع مراتب على قائمة الدول التي تُنتهك فيها حقوق الصحفيين في أثناء أداء عملهم، حيث تؤدي الحروب وانعدام الاستقرار السياسي إلى إدامة حلقة العنف والخروج عن القانون.
ومما يوضح حالة الإفلات من العقاب، أن البلدان الـ12 التي تظهر على المؤشر في العام الحالي، مسؤولة عن 80% من الإجمالي العالمي لجرائم قتل الصحفيين التي لم يُكشف عن مرتكبيها خلال فترة السنوات العشر للمؤشر، وجميع هذه البلدان الـ12 ظهرت مرات متعددة على المؤشر منذ أن استحدثته “لجنة حماية الصحفيين” في عام 2008، وظهرت سبعة من هذه البلدان على المؤشر في كل سنة منذ ذلك الوقت.
في سوريا، وهي البلد الثاني بهذا المؤشر، هناك 22 قضية لم تحل بعد بشأن جرائم قتل الصحفيين في العام الحالي.
اقرأ: نصائح تقي الصحفيات من التحرش في أثناء العمل
وعلى مستوى العالم، بلغ عدد الصحفيين الذين قُتلوا انتقامًا منهم على عملهم أدنى مستوى له في عام 2019، منذ أن بدأت “لجنة حماية الصحفيين” بتوثيق حالات قتل الصحفيين في عام 1992، وبحسب اللجنة، من الصعب تحديد سبب ذلك.
ومن الممكن أن أسبابًا مثل انتشار الرقابة الذاتية، واستخدام أساليب أخرى لترهيب الصحفيين، والتغطية الإعلامية الواسعة لبعض الجرائم التي حدثت في السنوات الأخيرة، أدت دورًا في انخفاض عدد جرائم قتل الصحفيين في العالم.
وواجه الناشطون الإعلاميون والصحفيون المناهضون للنظام السوري آلة القمع، وعاشوا تجارب التعذيب داخل مراكز الاعتقال، وقُتل عدد منهم تحت التعذيب، لكن الانتهاكات بحقهم لم تتوقف بانتهاء سيطرة النظام السوري على مناطقهم، فكل جهة مسيطرة كانت تخلق عوائق جديدة، وتبتكر أدوات لقمعهم ومنعهم من التعبير عن الرأي الذي يخالفها بحرية.
اقرأ ملف: الإعلام في شمال غربي سوريا.. من يضبط “مهنة المتاعب”؟
وقُتل في سوريا ما لا يقل عن 134 صحفيًا منذ 2011، وقد تراجع عدد الصحفيين القتلى منذ عام 2012، ووفق ما ذكرته منسقة الأبحاث في برنامج “أوبسالا لبيانات النزاع” التابع لجامعة “أوبسالا” بالسويد، تيريز بيترسون، فإن البيانات الأولية من عام 2019 تُظهر أن جميع وفيات المدنيين في سوريا تراجعت بشدة مقارنة مع الأعوام الماضية.
–