العقوبات المنصوص عليها في قانون الآثار السوري

  • 2020/11/01
  • 9:12 ص
قطع أثرية من سوريا في مدينة أورفة التركية (عنب بلدي)

قطع أثرية من سوريا في مدينة أورفة التركية (عنب بلدي)

عرّف قانون الآثار السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (222) بتاريخ 26 من تشرين الأول 1963، المعدل بالقانون رقم (1) بتاريخ 28 من شباط 1999، في مادته الأولى الآثار بأنها: “الممتلكات الثابتة والمنقولة التي بناها أو صنعها أو أنتجها أو كتبها أو رسمها الإنسان قبل مئتي سنة ميلادية أو مئتين وست سنوات هجرية”.

وتحقيقًا للردع وضمان حماية الآثار الثابتة والمنقولة، ومواجهة جميع أنواع الجرائم المتعلقة بها، نص القانون على عقوبات لكل من يقوم بسرقة أو نقل أو التنقيب عن الآثار من دون ترخيص، أو الاتجار بها، أو تخريبها، أو تقليدها دون ترخيص، أو التعديل في بناء عقار أثري أو حقوق الارتفاق الخاصة به، أو الإضرار بالأثر أو ترميمه دون إذن، أو عدم الإخبار عن الأثر المكتشف أو عن بيعه، أو تشويه الآثار وعدم تسجيلها.

سرقة الآثار وتهريبها

نصت المادة (56) من قانون الآثار السوري على ما يلي: “يعاقب بالاعتقال من 15 سنة إلى 25 سنة، وبالغرامة من خمسمئة ألف ليرة إلى مليون ليرة كل من هرّب الآثار، أو شرع في تهريبها”.

كما نصت المادة (57) منه على أنه “يعاقب بالاعتقال من عشر سنوات إلى 15 سنة، وبالغرامة من مئة ألف إلى خمسمئة ألف ليرة كل من سرق أثرًا ثابتًا أو منقولًا…”.

التنقيب عن الآثار

نصت المادة (57/2) على أنه “يعاقب بالاعتقال من عشر سنوات إلى 15 سنة، وبالغرامة من مئة ألف إلى خمسمئة ألف ليرة سورية كل من أجرى التنقيب عن الآثار خلافًا لأحكام هذا القانون، ويعاقب بالحد الأقصى للعقوبة إذا أدى التنقيب إلى إلحاق ضرر جسيم بالأثر…”.

وقد فصّل المشرّع في المادة (41) من قانون الآثار المعنى من التنقيب على الشكل التالي: “يقصد بالتنقيب عن الآثار جميع أعمال الحفر والسبر والتحري التي تستهدف العثور على آثار منقولة أو غير منقولة في باطن الأرض أو على سطحها أو في مجاري المياه أو البحيرات أو في المياه الإقليمية”، ويُجرَّم الفاعل سواء قام بها في أرض يملكها أم في ملك الغير، لأن قانون الآثار السوري، وبحسب المادة السادسة منه، أشار إلى أن ملكية الأرض لا تعطي صاحبها حق التنقيب عن الآثار فيها.

واتجه المشرّع هنا إلى افتراض القصد الجرمي، بمجرد اكتشاف الفاعل قطعة أثرية وعدم الإبلاغ عنها خلال المدة المحددة للإبلاغ، وهي 24 ساعة من وقت حدوث الاكتشاف، إذ يُعدّ حينها مرتكبًا لجرم التنقيب عن الآثار دون ترخيص. 

الاتجار بالآثار

يشمل الاتجار بالآثار كل أعمال البيع والشراء غير المرخص بها للآثار، والرامية إلى تحقيق أهداف تجارية.

ونصت المادة (57/ج) من قانون الآثار السوري على ما يلي: “يعاقب بالاعتقال من عشر سنوات إلى 15 سنة، وبالغرامة من مئة ألف إلى خمسمئة ألف ليرة سورية كل من اتجر بالآثار”.

من الجدير ذكره هنا أن المرسوم التشريعي رقم (222) لعام كان يسمح بتجارة الآثار ولكن ضمن شروط محددة، ثم جاء القانون رقم (1) لعام 1999 ليلغي الفصل الخامس المتعلق بتجارة الآثار.

ونجد مما سبق أن المشرّع السوري جعل عقوبة سرقة وتهريب الآثار والاتجار بها عقوبة جنائية الوصف، وهذا التشديد إنما يعود إلى كون تهريب الآثار الوطنية يعد اعتداء جسيمًا على ثروات الوطن وتراثه وتاريخه.

تخريب الآثار

لم يقف المشرّع عند عقوبة السرقة والتهريب والاتجار، بل شمل أيضًا كل عمل يؤدي إلى تشويه أو طمس أو نقل أي أثر سواء كان منقولًا أو ثابتًا.

فنجد أن المادة (58) من قانون الآثار نصت في فقرتها الأولى على ما يلي: “يعاقب بالاعتقال من خمس سنوات إلى عشر سنوات، وبالغرامة من 25 ألفًا إلى خمسمئة ألف ليرة كل من خرب أو أتلف أو هدم أو طمس أثرًا ثابتًا أو منقولًا، ويعاقب بالحد الأقصى للعقوبة إذا وقع الفعل في ملك الدولة”.

ومن الملاحظ تشديد المشرّع للعقوبة فيما يتعلق بتخريب الآثار التي تملكها الدولة، نظرًا إلى ما يحمله هذا الجرم من خطورة في شخص الفاعل، ولما يشكله من اعتداء على ملك جميع أفراد الشعب.

وقد وضع المشرّع عقوبات محددة على كل من قام بالتعديل في بناء عقار أثري أو حقوق ارتفاق، إذ نصت المادة (59) من قانون الآثار على أنه “يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من ألف ليرة إلى عشرة آلاف ليرة كل من:

  1.   خالف أحكام المواد (24-25-26) المتمثلة في وضع حقوق ارتفاق جديدة على الآثار، أو القيام بوضع الأنقاض والأقذار، أو الحفر، أو الغرس، أو نقل واستعمال الأتربة والأنقاض الأثرية، أو إقامة الصناعات الثقيلة والخطرة بحدود نصف كيلومتر من الآثار الثابتة المسجلة.
  2. عدّل في بناء عقار أثري دون موافقة السلطات الأثرية، أو بنى على موقع أثري مسجل.
  3. خالف شروط الارتفاق المفروضة على العقارات المجاورة للمباني التاريخية والمناطق الأثرية وحقوقه”.

وبهدف حماية الآثار من التشويه والإخفاء، نص القانون في المادة (62) على أنه “يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر، وبالغرامة من ألف إلى خمسة آلاف ليرة سورية كل من:

أ ـ شوه أثرًا بالحفر أو بالكتابة أو بالدهان أو بغير ذلك من الوسائل.

ب ـ خالف أحكام المواد (28-34-38) المتعلقة بالسماح لموظفي الآثار بالدخول إلى أي بناء تاريخي من قبل شاغليه، وذلك للتفتيش عليه ودراسته ورسمه وتصويره،

وبأن انتقال ملكية الآثار المنقولة المسجلة يتم بناء على موافقة مسبقة من السلطات الأثرية، وحق السلطات الأثرية بطلب أي أثر مسجل من حائزيه بقصد دراسته وتصويره أو عرضه لمدة مؤقتة”.

إضافة إلى ما سبق فإن القانون يعاقب بعقوبة الفاعل كل من يدخل في اختصاصهم القانوني حماية الآثار أو ضبط الجرائم الواردة في هذا القانون، إذا اطلعوا أو أُخبروا بوقوع إحدى هذه الجرائم، ولم يتخذوا الإجراءات اللازمة لضبطها، المادة (65) من قانون الآثار.

وختامًا يمكن القول، إن واجب الدولة في حماية الآثار يتجاوز مفهوم قيمتها المادية، وإنما هو واجب تجاه المجتمع ككل، والإرث التاريخي وقيمته الوطنية والإنسانية، ويشمل هذا الواجب، فضلًا عن تطبيق القانون، تعزيز مفهوم ثقافة حماية الآثار، باعتبارها عنصرًا من عناصر الاستمرار الثقافي والحضاري، عبر إعداد الكوادر البشرية المؤهلة والخبيرة بحماية الآثار وترميمها، إضافة إلى ضرورة عقد الاتفاقيات مع الدول التي يوجد لديها كم كبير من الآثار السورية المهربة لاستعادة هذه الآثار، نظرًا إلى ما تمثله من قيمة تاريخية عريقة تعبّر عن حضارة البلاد وعراقتها.

مقالات متعلقة

  1. الآثار في سوريا بين النهب والتدمير.. ما القوانين التي تحميها؟
  2. قانون الآثار في سوريا.. بين حمايتها وتعويض المتضررين
  3. المخطط التنظيمي يمنع أهالي قرية سيع الأثرية من التوسع العمراني
  4. قواعد يجب مراعاتها لحماية الآثار عند وضع مخططات المدن وإصدار رخص البناء

المساكن والأراضي والممتلكات

المزيد من المساكن والأراضي والممتلكات