غويانا.. إقليم وراء البحار يتحول إلى بوابة لجوء السوريين نحو أوروبا (خريطة)
يعتبر إقليم غويانا الفرنسي، في قارة أمريكا الجنوبية، وجهة جديدة تسبق وصول اللاجئين إلى القارة الأوروبية.
وقال موقع “مهاجر نيوز” الذي يهتم بأخبار اللاجئين، إن عشرات الشباب والعائلات معظمهم من السوريين وصلوا إلى إقليم غويانا، ساعين للجوء إلى أوروبا.
ويعد إقليم غويانا في قارة أمريكا الجنوبية وجهة ومحطة إلزامية تسبق وصول اللاجئين إلى فرنسا، بحسب “مهاجر نيوز”.
وتتجاوز حرارة الإقليم 30 درجة، والرطوبة العالية مع أشعة الشمس الحارقة هي أول ما يستقبل الوافدين إلى مدينة كايين، عاصمة الإقليم.
ونقل الموقع عن لاجئ سوري اسمه علي من مدينة السلمية في ريف حماة قوله، “الجو حار هنا، والكثير من الأشياء تختلف عما اعتدنا عليه في سوريا، الطبيعة جميلة والأشجار كثيرة لكن البحر هنا غريب، هو ليس صافيًا”.
ووصل علي (24 عامًا) إلى بيروت، بعدما “هرب من الموت”، حسب تعبيره، وبقي هناك لسنتين، حاول خلالهما جني بعض المال وخسر ألفي يورو من أجل الوصول إلى أوروبا لكن من دون جدوى.
وفي 2019، انتقل علي إلى قارة أمريكا الجنوبية، بعدما علم عبر الإنترنت بوجود طريق إلى غويانا الفرنسية عبر البرازيل، وأن السفارة البرازيلية في بيروت تمنح تأشيرات إنسانية يمكن للسوريين التقديم عليها.
بعد وصوله إلى مدينة ماكابا البرازيلية عبر علي خلسة نهر “أويابوك” الحدودي، الذي يفضي إلى مدينة سان جورج الفرنسية في غويانا.
أوضاع غير جيدة
يعيش علي في مركز إيواء “لافابريك” الذي يستقبل حاليًا 36 شخصًا أغلبهم من السوريين.
وقال المدير الإداري والمالي لـ”الصليب الأحمر الفرنسي” في غويانا، أوليفييه موريل، “كان لدينا 15 يومًا للعثور على هذا المبنى وتجهيزه للترحيب بالناس وتركيب مرافق صحية”.
وقبل أن تخصص الدولة هذا المركز، كان عشرات طالبي اللجوء بمن فيهم عائلات وأطفال، ينامون في خيام قرب شاطئ المدينة في ظروف سيئة للغاية، يزيد من وطأتها موقع الإقليم الاستوائي ذي الطقس الحار والماطر على مدار العام.
ولم يحصل طالبو اللجوء في غويانا على سكن إلا بعد أزمة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، التي أجبرت الدولة على افتتاح مركزي إيواء طارئين في مدينة كايين، في شباط الماضي، تبلغ طاقتهما الاستيعابية 80 شخصًا كحد أقصى.
ونقل “مهاجر نيوز” عن شابين آخرين أن وضعهما غير واضح حاليًا، فالسلطات الفرنسية رفضت طلب لجوء أحدهما، ولا يزال ينتظر نتيجة الاستئناف أمام المحكمة، وقال “كنت مجبرًا على أداء الخدمة العسكرية الإلزامية في سوريا إلى أن تمكنت من الفرار والاختباء في محافظة السويداء، رفضت السلطات هنا تصديق روايتي وأنا اليوم أنتظر قرار الطعن”.
أما الشاب الثاني فوصل إلى غويانا بعد فشل خطة الذهاب إلى إسبانيا عبر الإكوادور، وقدم طلب اللجوء منذ أكثر من ثمانية أشهر في الإقليم، لكنه لم يحصل على رد بعد.
ومنذ بداية العام الحالي، “تجاوز اللاجئون السوريين وحدهم نظام الاستقبال”، أي إن أماكن الاستقبال المخصصة لجميع طالبي اللجوء في غويانا لا تكفي حتى السوريين وحدهم.
خلال الربع الأول من العام الحالي، وصل نحو 300 شخص سوري إلى إقليم غويانا، بجسب المدير الإقليمي لـ”الصليب الأحمر”، بينوا رينولت، إلا أن عدد طالبي اللجوء السوريين على نحو خاص، شكّل ما نسبته 10% من طالبي اللجوء في غويانا خلال العامين 2017 و2018، بينما تتراوح نسبتهم اليوم بين 30 إلى 40%.
مخاوف من مرحلة بعد فتح الحدود
أقاليم وراء البحار الفرنسية، هي “المناطق الوحيدة التي لا توجد فيها آلية منسقة لطالبي اللجوء”، بحسب المسؤولة الإقليمية في جمعية “لا سيماد”، لوسي كوريه.
وبالنظر إلى الوضع العام في غويانا، فإن المستوى المعيشي للسكان ليس بأفضل حالاته، فنسبة البطالة تتجاوز 20%، وشهدت المنطقة أخيرًا احتجاجات واسعة للتنديد بالظروف المعيشية وارتفاع معدلات الجريمة، بحسب المسؤولة.
وأضافت كوريه، “يوجد في غويانا طلب قوي على الإسكان الاجتماعي. وتصر السلطات على عدم إنشاء مراكز استقبال للمهاجرين، وكأنها بذلك تعلن عن رغبتها في عدم استقبال لاجئين”.
وبالمقارنة مع الأراضي الفرنسية في قارة أوروبا، قدمت باريس الدعم لحوالي 47% من طالبي اللجوء، في شباط الماضي، بينما لم تتجاوز تلك النسبة 10% في غويانا، وفق الجمعية غير الحكومية (لا سيماد) التي تقدم الدعم للاجئين.
مخاوف أخرى أعربت عنها المنظمات المحلية خلال المرحلة المقبلة، لا سيما أن الحدود بين البرازيل وغويانا الفرنسية لا تزال مغلقة، بسبب إجراءات الحد من انتشار فيروس “كورونا”، وبالتالي فإن عددًا قليلًا جدًا من المهاجرين يستطيع عبور الحدود.
لكن عند فتح الحدود “نخاف من قدوم موجة كبيرة”، وفق جمعية “لا سيماد”، التي أشارت إلى أنها لا تستبعد وجود عشرات المهاجرين العالقين في منطقة أويابوك.
وشارك موريل من “الصليب الأحمر” الجمعية مخاوفها قائلًا، “بلغنا قدرتنا الاستيعابية القصوى، وما إن تفتح الحدود، سنكون أمام مشكلة جمة”.
ما هي غويانا؟
غويانا الفرنسية معروفة رسميًا باسم غويان (بالفرنسية: Guyane) هي أحد أقاليم ما وراء البحار الفرنسية، تقع على الساحل الشمالي لأمريكا الجنوبية ولها حدود مع دولتي البرازيل وسورينام.
تعتبر غويانا الفرنسية، كما بقية أقاليم ما وراء البحار، أحد أقاليم فرنسا المئة، وعملتها اليورو، تبلغ مساحتها أكثر من 83 ألف كيلومتر مربع، وهي قليلة السكان، حيث يعيش أقل من ثلاثة أشخاص في كل كيلومتر مربع.
يعود تاريخ غويانا الفرنسية المكتوب إلى القرن الـ15 عندما زار كريستوفر كولومبوس شواطئها للمرة الأولى، وقد توالى على حكم المنطقة والسيطرة عليها أربع إمبراطوريات أوروبية كبرى هي البرتغال وفرنسا وبريطانيا وهولندا، إلا أن الغلبة في نهاية المطاف كانت لفرنسا التي جعلت منها إقليمًا تابعًا لها فيما بعد.
تعتمد غويانا اعتمادًا كبيرًا على الإعانات الفرنسية، والتبادل التجاري للسلع مع فرنسا.
وتعتبر الصناعة الغويانية ضعيفة إجمالًا، إذ يُشكل صيد السمك الحرفة الأساسية في البلاد، حيث يمثل إنتاجه ثلاثة أرباع الصادرات إلى الخارج، إلا أن ما يستغل من الثروة السمكية يمثل حصة ضئيلة من هذا المورد، رغم ثروة البلاد الكبيرة من الأسماك.
ويوجد فيها بعض الصناعات التحويلية، مثل استخراج الذهب والتحطيب، بالإضافة إلى مركز غويانا للفضاء في كوروا الذي يمثل 25% من إجمالي الناتج المحلي ويؤمّن وظائف لحوالي 1700 شخص.
في 2008 ارتفع معدل دخل الفرد السنوي فوصل إلى 14204 يورو (20904 دولارات أمريكية)، فشكل بذلك أعلى معدلات الناتج المحلي الإجمالي للفرد في أمريكا الجنوبية، ومثل 47% من الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد في فرنسا ذلك العام.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :