حوار: أسامة آغي
تعتبر الحرب إحدى أدوات السياسة، ولا يمكن قراءة الواقع الميداني في أي بلد تشتعل فيه الحروب دون قراءة الواقع السياسي الداخلي والإقليمي والدولي، طالما أن واقع هذه الدول يؤثر بشكل مباشر على واقع البلاد المشتعلة.
ومنذ سيطرة قوات وفصائل محسوبة على المعارضة السورية على محافظات وقرى وبلدات، وُجهت انتقادات لهذه القوات، ووثقت جهات دولية انتهاكات نفذتها هذه الفصائل بحق المدنيين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري.
للوقوف على هذه النقاط، التقت عنب بلدي بمدير العلاقات العامة في “الفيلق الثالث”، التابع لـ”الجيش الوطني” المدعوم تركيًا، السيد علي حنورة.
الثورة مستمرة
خسر النظام السوري بين عامي 2011 و2015 معظم سيطرته على الأراضي السورية، وانتقلت محافظات كاملة لتسيطر عليها المعارضة، بالإضافة إلى أجزاء واسعة من مدينة حلب، كبرى المدن السورية، ومناطق ريفية في محيط العاصمة دمشق، وصارت قوات المعارضة قريبة من وسط العاصمة مسافة لا تزيد على عشرة كيلومترات.
لكن عام 2015 حمل خطوات دولية جديدة غيرت خارطة الصراع في سوريا، مع التدخل الروسي العسكري المباشر إلى جانب قوات نظام بشار الأسد، لتخسر المعارضة السورية المنطقة تلو الأخرى، ويستعيد النظام السيطرة مرة أخرى.
رغم هذا الأمر، يرى علي حنورة أن الثورة السورية لا تزال مستمرة، ولن تتوقف حتى تحقيق أهدافها المتمثلة بـ”الحرية والكرامة ورفع الظلم”، مضيفًا أن الهدف الرئيس هو إسقاط النظام السوري، الذي عجز، بحسب رأيه، عن “إخماد الثورة”.
لا ضمانات لهدوء الجبهات
بين عامي 2015 و2019، اشتدت وتيرة المعارك والقصف الجوي على مناطق المعارضة، التي خسرت مواقعها، ولم يتبقَّ بيد المعارضة السورية سوى محافظة إدلب، وأجزاء من ريف مدينة حلب، بعد أن استعاد النظام السوري في عام 2016 كامل المدينة.
وفي آذار الماضي، اتفقت روسيا وتركيا على إنشاء ممر آمن على طريق حلب اللاذقية- الدولي “M4″، وتسيير دوريات مشتركة، الأمر الذي أدى إلى خفض التصعيد ونشر نقاط مراقبة تركية.
لكن هذا الهدوء انتهى منذ مطلع تشرين الأول الحالي، عندما جدد الطيران الروسي قصفه عدة مواقع عسكرية ومدنية على ريف محافظة إدلب الجنوبي، مع المخاوف المتكررة من ترسيخ التغيير الديموغرافي في سوريا، الذي ربما يؤدي إلى تقسيم البلاد.
ووفقًا لرأي علي حنورة، “لا توجد أي جهات دولية قادرة على ضمان الهدوء، لذلك فإن مناطق الضمان الثلاث، وهي منطقة شمال شرقي سوريا وضامنها الأمريكيون، ومناطق الشمال السوري وإدلب وضامنها تركيا، وبقية المناطق السورية وضامنها الروس، ليست الشكل النهائي لخريطة سوريا المستقبل”.
وعن رسم المشهد المتوقع القريب، قال حنورة إن “كل يوم يمر علينا في سوريا، يكون هناك احتمال نشوب معارك”، وبالتالي لا يمكن توقع المشهد.
“أخطاء فردية”.. ردًا على اتهامات بالانتهاكات
شُكّل “الجيش الوطني” في عام 2017، وشارك في عمليات “غصن الزيتون” بعفرين في ريف حلب وسيطر على ريف حلب، وكان أحد تشكيلاته هو “الفيلق الثالث”.
واجه “الجيش الوطني” اتهامات بالانتهاكات ضد المدنيين، وسبق أن وثقت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، عبر تقرير نشرته في تموز الماضي، إفراج “الجيش الوطني” والأجهزة الأمنية عن 20 شخصًا من بين 40 اعتقلوا في نيسان الماضي.
في حين نفى الناطق باسم “الجيش الوطني”، يوسف حمود، في تصريحات سابقة لعنب بلدي قيام الفصائل العسكرية في عفرين وريف حلب باعتقالات تعسفية أو عمليات إخفاء قسري.
وقال علي حنورة لعنب بلدي، إنه لا ينكر وجود “بعض الأخطاء الفردية من بعض العناصر التي يسارع الفيلق لمعالجتها”، لكنه أيضًا يعتبر أنه “ليس من الإنصاف لصق كل ما يقوم به مجرمون وعملاء للنظام من أعمال تخريبية بالجيش الوطني”.
واعتبر حنورة أن “عناصر الفيلق الثالث ثوّار يعيشون بين الحاضنة الشعبية”، مشيرًا إلى “إنشاء إدارة قضائية مدنية وعسكرية في المناطق المحررة، وقيادة شرطة عسكرية ومدنية، وأن الباب مفتوح لكل من له مظلمة أو حق ليستعيده عبر القضاء”.
وأضاف حنورة أن “هناك لجانًا تختصّ برد الحقوق، ومهمتها إنصاف الناس ومساعدتهم في استرداد حقوقهم”.
–