يامن مغربي | علي درويش | نور الدين رمضان | خولة حفظي
تمثل عودة دول الخليج العربي إلى سوريا، وفتح سفاراتها هناك والتعامل علنًا مع نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، أهمية كبرى لهذه الدول، التي تمثل لها سوريا عمقًا استراتيجيًا وقوميًا وأمنيًا، وعلى الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية.
وازدادت أهمية هذه العودة مع تصاعد الخلافات العلنية بين الإمارات والسعودية مع تركيا وإيران، وهذه الدول الأربع تملك مصالح ونفوذًا على الأراضي السورية، على اختلاف القوى المسيطرة على الأرض، سواء كان نظام الأسد، أم “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، أم قوات المعارضة في الشمال الغربي من البلاد.
كما أن لهذه العودة أهدافًا اقتصادية تتمثل بعملية إعادة الإعمار، التي تسعى من خلالها الدول الخليجية لوضع قدم فيها أيضًا.
لكن هذه العودة ليست بالسهولة التي قد يتحدث عنها بعض المراقبين، إذ إنها تلقى معارضة من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، كما تنظر إليها تركيا وإيران بعين الريبة، بينما تؤيدها روسيا.
تناقش عنب بلدي في هذا الملف، إمكانية عودة العلاقات الخليجية مع النظام السوري، ومدى قدرتها على الإسهام اقتصاديًا في مستقبل سوريا.
سفارات خليجية في دمشق.. مؤشر لعودة خليجية كاملة؟
تطرح مؤشرات عن علاقات دول خليجية بالنظام السوري تساؤلات حول المدى الذي يمكن أن تصل إليه هذه العلاقات والهدف من هذه المؤشرات، إذا ما رُبطت بما يجري في المنطقة، من ناحية خلافات خليجية- إيرانية، وأخرى خليجية- تركية، الأساس فيها دولتا المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
من هذه المؤشرات التي برزت مؤخرًا، عودة حركة الطيران بين بعض الدول الخليجية ودمشق، وتطبيع علاقات رياضية كانت مقطوعة، وأخرى أكبر شأنًا، كاتصال ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، هاتفيًا مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
وما يعزز هذه المؤشرات هو عدم انتقاد النظام السوري تطبيع دول خليجية علاقتها مع إسرائيل، التي طالما اعتبر النظام السوري نفسه أبرز المقاومين لاحتلالها أراضي عربية، منها الجولان السوري المحتل.
إذ إن رد فعل النظام السوري على إعلان الإمارات العربية المتحدة والبحرين تطبيع علاقاتهما مع إسرائيل جاء باردًا ومتأخرًا، وحاول النظام من خلاله التعليق بأقل قدر ممكن من الحدة.
رحلة الإياب.. مؤشر للعودة؟
في 4 من تشرين الأول الماضي، تسلم وزير الخارجية، وليد المعلم، أوراق اعتماد السفير العماني، تركي بن محمود البوسعيدي، بحسب وكالة الأنباء العمانية.
وبذلك تكون عمان الدولة الخليجية الثالثة التي تعيد العمل بسفارتها لدى النظام السوري، بعد الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين في خريف عام 2018، على الرغم من عدم تعيين الدولتين سفيرًا لهما حتى الآن.
كما أن السفير العماني أول سفير خليجي يعود إلى دمشق بعد أن خفضت أو سحبت دول الخليج تمثيلها في سوريا، على الرغم من أن السلطنة حافظت على علاقاتها مع سوريا ولم تغلق سفارتها أبدًا.
وكان السفير العماني عُيّن في دمشق بمرسوم من سلطان عمان، في آذار الماضي، إذ أكد المحلل السياسي العماني سالم بن حمد الجهوري، بأنه لا توجد قطيعة بين عمان وسوريا أصلًا، وفي ذروة الأزمة كانت سفارتها مفتوحة ولم تغلق، وتابع لوكالة أنباء “سبوتنيك” الروسية، “قبل سنتين كنت أنا في دمشق، والتقيت بالمسؤولين في السفارة، والأمور كانت تسير بشكل طبيعي”.
ونقلت الوكالة عن المحلل السياسي خميس قطيط تأكيده للفكرة ذاتها، “السفارة العمانية لم يتوقف عملها في سوريا وكذلك السفارة السورية في مسقط (عاصمة عمان)، ولم يتوقف كذلك التبادل الدبلوماسي بعد إغلاق السفارات، وحتى السفارة العمانية في دمشق كانت موجودة حتى منتصف عام 2012 تقريبًا، وسحبت فقط لاعتبارات أمنية، وكانت تمارس عملها من مكان آخر. استمرت العلاقات الدبلوماسية حتى اليوم وإلى الغد إن شاء الله”، بحسب تعبيره.
المحلل السياسي حسن النيفي، يرى خلال حديث إلى عنب بلدي، أن هناك رغبة خليجية بإعادة العلاقات مع النظام السوري، لكنها لا تملك قرارها الكامل، بل ترتبط مع السياسية الأمريكية، وطالما هناك موقف أمريكي ضد النظام السوري، وإيران في سوريا، فلن تعطي الولايات المتحدة كامل الحرية لحلفائها في الخليج لإعادة العلاقات إلى سابق عهدها مع دمشق.
ولم يستبعد النيفي رؤية تحسن في العلاقات بالتوازي مع تطبيع بعض الدولة الخليجية علاقاتها مع إسرائيل، وقد يكون هذا التحسن على شكل اقتصادي يخفف من المعاناة الاقتصادية التي يعيشها النظام السوري.
وتتباين مواقف الدول الخليجية وعمق علاقاتها تجاه النظام السوري، ولا تملك موقفًا موحدًا، خاصة في ظل الخلافات الخليجية- الخليجية، وارتباطها بدول إقليمية، كعلاقات قطر بإيران وتركيا، وعلاقات الإمارات والبحرين بإسرائيل، وكل من تركيا وإسرائيل تملكان حضورًا سياسيًا وعسكريًا في الملف السوري.
ويرى مدير “المركز السوري للعدالة والمساءلة”، محمد العبد الله، أن عودة بعض الدول الخليجية إلى سوريا تتعلق بأسباب سياسية واقتصادية.
وأوضح العبد الله لعنب بلدي أن هناك عدة أسباب سياسية تتعلق بالانقسام والاستقطاب السياسي في المنطقة بين معسكرين، الأول هو قطر وتركيا، والثاني معسكر السعودية والإمارات ومصر.
وأضاف العبد الله، “في بعض الأحيان لا يعدو الأمر مجرد مناكفة سياسية، ورأينا الإمارات أولى الدول التي أعادت فتح سفارتها للضغط على المعسكر الآخر، من مبدأ أن تركيا هي خصم الأسد سياسيًا فنحن سنقوي الأسد ضد تركيا، في المقابل، هناك مصالح متشابكة في هذه المنطقة، وكانت قطر داعمة لإيران و(حزب الله)، واستمر هذا الأمر بعد الحصار عليها، وهذا الحصار دفع الدوحة للاقتراب من إيران أكثر، وهذا أحد أسباب إعادة قطر تطبيع علاقاتها مع النظام السوري رياضيًا أو عبر الطيران”.
وأعلنت مصر والسعودية والبحرين والإمارات، في عام 2017، حصارًا بحريًا وجويًا على قطر، مع إغلاق سفارات تلك الدول في الدوحة ومقاطعتها دبلوماسيًا، لما قالت إنه رد على دعم قطر لإيران والعلاقات الواسعة معها.
كما أن التعقيدات في المنطقة تجعل المعادلات الاستراتيجية على مبدأ من هو الصديق والعدو، واتجهت أكثر لعمليات سياسية يومية، بحسب العبد الله، بمعنى “أنت صديقي في هذه النقطة وخصمي في تلك”، وبالتالي اختلطت الأوراق، فمثلًا الإمارات والسعودية اصطدمتا في اليمن لكنهما حلفاء ضد تركيا أيضًا.
وعقب موجة عودة السفارات في 2018، علّقت مصادر كويتية على إمكانية فتح السفارة الكويتية في دمشق بالقول، إن موقف البلاد من إغلاق السفارة كان سابقًا بقرار من الجامعة العربية، مشيرة إلى أنه إذا كان هناك من قرار جديد للجامعة بعودة العلاقات مع دمشق وفتح الدول العربية سفاراتها هناك، فإن الكويت ستلتزم مجددًا، بحسب ما نقلته صحيفة “القبس” الكويتية، وذكرت المصادر التي لم تكشف عنها الصحيفة، أن السفارة السورية في الكويت لم تتوقف عن ممارسة أعمالها، في المقابل، ذكرت مصادر سورية (لم تسمها) “أن فتح سفارة الكويت بات وشيكًا”، بحسب الصحيفة، وهو الأمر الذي لم يحصل حتى لحظة إعداد هذا الملف.
أما المملكة العربية السعودية فنفت حينها رسميًا، عبر وزارة خارجيتها، نيتها فتح سفارتها في سوريا، وهو الموقف الذي لم يطرأ عليه أي تغيير، بينما تلتزم قطر الصمت حيال ذلك.
ما بين الانفتاح واستمرار القطيعة، يأتي الانفتاح الدبلوماسي على النظام السوري في سياق تحرك لانتزاع سوريا من إيران، بعد القطيعة الاقتصادية والسياسية، بينما قد يكون السباق مرتبطًا بمشاريع إعادة الإعمار التي تستفيد منها الدول مستقبلًا، أو وضع قدم في موضع متقدم ضد تركيا التي تشهد علاقات دول خليجية معها خلافات عميقة.
وسحبت دول مجلس التعاون الخليجي سفراءها من دمشق، في شباط 2012، متهمة النظام السوري بارتكاب “مجزرة جماعية ضد الشعب الأعزل”، في إشارة إلى قمع الاحتجاجات الشعبية قبل تحولها إلى صراع مسلح تسبب في مقتل أكثر من 360 ألف شخص.
أسباب سياسية واقتصادية لتفعيل العلاقات الخليجية مع دمشق
هل تؤدي إلى تعويم الأسد؟
تمتد الأراضي السورية على مساحات جغرافية استراتيجية على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، إذ تعتبر أحد أهم المنافذ التجارية على البحر المتوسط، وبوابة تركيا إلى الدول العربية، ما جعلها إحدى مناطق الصراع على النفوذ بين دول كبرى وإقليمية.
ورغم العقوبات الدولية التي طالت النظام السوري، وحالة القطيعة المعلنة من دول عربية، منذ العام 2011، فإن عُمان ومحور السعودية- الإمارات، ومن خلفه البحرين، سعوا خلال الفترة الأخيرة إلى إعادة تفعيل علاقاتهم مع النظام السوري.
وتقود كل من تركيا وإيران مشروعًا مغايرًا للأخرى في المنطقة العربية، وأي تحرك عربي يحد من تقدم وفاعلية المشروع التركي دون الإضرار بمصالح إيران سيكون مرحبًا به لدى إيران، والعكس بالعكس.
الباحث ماهر علوش، ركز في حديث إلى عنب بلدي، على أن دول السعودية والإمارات والبحرين وعمان بالمجمل، لا تعتبر دولًا مؤيدة لثورات الربيع العربي، وعلى الرغم من إظهارها مواقف إيجابية من هذه الثورات في بداية انطلاقها، فهذا لا يعني أنها تؤيدها بالمطلق.
وبحسب الباحث علوش، فإن هذه الدول لم تكن في تلك المرحلة ترى في المشروع التركي منافسًا لها، أو مهددًا لمصالحها الاستراتيجية، وكانت تنظر إلى تركيا على أنها دولة إقليمية تبحث عن مصالحها الاقتصادية، بعيدًا عن أي رؤية توسعية.
لكن طول فترة الصراع في المنطقة، وتبدل موازين القوى فيها، واتساع دائرة التغيير، وحدوث تبدلات كثيرة فيها، جعل تركيا تتبنى استراتيجيات جديدة في المنطقة، عنوانها الأساسي “التدخل المباشر”.
وهو ما دفع بعض الدول العربية لتصنيف تركيا بقيادة حزب “العدالة والتنمية” كتهديد حيوي لها، بعد أن كانت حليفًا سابقًا.
كما أن الدول العربية لديها تخوف من سيطرة الجماعات الإسلامية على المشهد في المنطقة العربية، وعلى رأسها جماعة “الإخوان المسلمون”، وبلغت ذروة الخطر مع وصول الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، إلى الحكم، الذي تزامن مع ظهور ملامح خطر الصعود التركي لدى بعض الدول، خاصة مع دخول تركيا على خط الصراع المباشر في ليبيا والسودان واليمن والصومال، وتنامي الوجود العسكري التركي في عدة دول.
وهذا استدعى إعادة تعريف المخاطر على الأمن القومي لدى هذه الدول، بحيث أصبح ترتيبها، الأخطر إيران، ثم تركيا، ثم إسرائيل، وبعضها جعل الخطر التركي قبل الإيراني ضمنيًا، وإن لم يصرح بذلك.
والنظام السوري كان يفترض أن يكون ضمن هذا المحور الذي يواجه تركيا، ويعتبر وجوده نقطة قوة لمجموعة الدول المناهضة لتركيا، خاصة أنه يقع جنوبها، ما يعني قدرته على تشكيل خاصرة ضعيفة رخوة، يمكنها بما تحمله من فوضى السلاح والأمن أن تكون مصدر قلق لتركيا، لكن ما يمنع وجود النظام السوري في هذا المحور عدة قضايا، منها أن النظام تاريخيًا يعتبر نفسه ضمن محور المقاومة والممانعة، وهذا يمنعه ابتداء أن يكون في المربع الذي توجد فيه إسرائيل، على الأقل من حيث الظاهر.
كما أن النظام السوري يعتبر حليفًا استراتيجيًا لإيران، التي تعد ضمن دائرة أهداف المحور العربي، وسوريا منطقة تنافس بين المحور الخليجي وإيران.
للتقارب الخليجي- السوري رؤيتان
يمكن تصنيف التقارب الرسمي العربي، وخاصة الخليجي، مع النظام السوري حاليًا ضمن رؤيتين، استراتيجية وتكتيكية، حسب الباحث ماهر علوش.
ويمكن تفسير التحرك الأخير ضمن رؤية استراتيجية تهدف إلى فك ارتباط النظام بإيران، وإعادة سوريا إلى المجموعة العربية، ودمجها مجددًا ضمن النظام السياسي لتلك الدول، وتفعيلها كرأس حربة في مواجهة المشروع التركي، خاصة أن النظام السوري بات يحمل قدرًا كبيرًا من الحقد والكراهية لتركيا.
والرؤية التكتيكية يفسرها التحرك العربي ضمن رؤية مرحلية تهدف إلى فتح ثغرة على تركيا، ومحاولة تقويض النفوذ التركي، وخلق مشاكل لأنقرة، ربما تصل إلى حد التدخل العربي المباشر في شمالي سوريا، وذلك عبر دعم تشكيل مجموعات مناهضة لتركيا، ربما في شمال شرقي سوريا على وجه التحديد.
وسيكون في مقابل هذا التحرك حاليًا بعض المكاسب التي تقدم للنظام السوري، كإعادته إلى جامعة الدول العربية، أو تعويمه عربيًا، من خلال إعادة العلاقات الدبلوماسية معه، ومده ببعض المساعدات الاقتصادية من تحت الطاولة، والتي من شأنها تخفيف أو الحد من تأثير قانون “قيصر” على النظام.
سوريا بوابة نفطية لدول الخليج
أوضح المحل الاقتصادي يونس الكريم، في حديث إلى عنب بلدي، أن اهتمام دول الخليج بسوريا بالدرجة الأولى كونها بوابة في طريق النفط الخليجي للأسواق الاستهلاكية، وبالنسبة للعلاقات الدولية، فسوريا هي الميناء الذي يصل آسيا بأوروبا، ويربط برًا أوروبا وشرق آسيا بالخليج العربي وإفريقيا.
ومن يسيطر على سوريا اقتصاديًا يستطيع بطريقة أو بأخرى امتلاك طريق الحرير الذي يعوّل عليه الكثير، فتركيا دولة مصدرة لدول الخليج والمغرب العربي.
كما أن سوريا تملك أهمية استثمارية إلى جانب النقط، وهي أهم الأسباب التي تدفع الخليج العربي لاهتمامه بسوريا.
ولخص الكريم أسباب اهتمام دول الخليج العربي بسوريا بعدة دوافع:
• إيجاد طريق وبوابة على البحر المتوسط، يكون بديلًا عن مضيقي “هرمز” و”باب المندب”، نتيجة وجود تهديدات مستمرة من الحوثيين في اليمن والإيرانيين على طريق النفط، وهو ما يربك اقتصاد الخليج الذي بات يعاني من توتر وضعف مالي، إضافة إلى الخطط الكثيرة التي يطمح الخليجيون لتنفيذها، فهم يحتاجون إلى سوق مستقرة، فمع كل توتر في سوق النفط تتذبذب الأسعار ما يؤدي إلى تذبذب الميزانيات.
• تصدير النفط عن طريق سوريا يقلل مدة الإرسالية من 21 يومًا إلى تسع ساعات تقريبًا، وبالتالي انخفاض التكاليف وزيادة أرباح الشركات النفطية وامتلاكها مرونة أعلى للبيع، ومناورة أعلى بالسوق، إذ تملك سوريا خط “التابلاين” الذي يحاول الخليج إعادة تفعيله وبناء شبكة أنابيب أخرى جديدة.
• منع وصول الإيرانيين إلى البحر المتوسط، ما يمثل تهديدًا للنفط الخليجي والمرونة التي يتمتع بها بالوضع الحالي، إذ سعت إيران في 2013 إلى توقيع على إنشاء أنابيب الصداقة بين سوريا و إيران عبر العراق ، ويوجد سابقًا أنبوب خط كركوك- طرابلس للعراق، كما أن هناك أنابيب حيفا- بغداد ، وهذا الأمر يشكل ضربة قوية وقاصمة للمشروع الخليجي، لذلك حاول الخليج انتزاع سوريا من الأحضان الإيرانية، لمنع امتلاك النفط الإيراني مرونة ومناورة عالية، وتخفيض تكاليف تصدير نفطها، وبالتالي منافسة النفط الخليجي.
• التصادم الإماراتي- السعودي- التركي في سوريا، الذي انعكس على الصناعة والطاقة، ويعطي وصول الغاز الروسي عبر تركيا مؤشرًا على اكتفائها من الطاقة، وهو ما يعني ترؤسها للعالم الإسلامي دون أن ننسى دور تركيا بدعم قطر، التي حاولت هي الأخرى إيصال غازها عبر سوريا إلى الأسواق العالمية، ما يعني تحجيم دوري الإمارات والسعودية، وهو خسارة لكلا البلدين ودورهما على الخريطة السياسية لمصلحة المحور الآخر، ما ينعكس على الاقتصاد.
• عودة العلاقات مع دمشق له دور مهم في حصار دول الخليج لتركيا، فسوريا دولة عبور لبضائعها، وهذا سيضر تركيا.
• ولسوريا أهمية اقتصادية سياحية، خاصة بعد إعادة الإعمار، كون العملية ستكون محطة تدفق أموال وبناء دولة موالية للدولة التي تسيطر عليها، والقصد هنا السعودية والإمارات وقطر وتركيا.
• والسيطرة على سوريا من قبل محور السعودية- الإمارات تمنع قطر من تطوير موارد الغاز لديها، التي ستدر عليها الأموال بمرور خط الغاز عبر سوريا، كما أن السيطرة على سوريا تعطي أولوية بمقايضة وتحجيم روسيا، وهو ما يعطي أولوية في سوق النفط والغاز.
صعوبات تقف بوجه الاستثمارات الخليجية في سوريا
لا توجد قطاعات يمكن للخليج العربي الدخول فيها بوجود روسيا وإيران، لأن مصالح موسكو وطهران والخليج مشتركة في سوريا، وتتعلق بالوجهة البحرية التي لن تسمح روسيا لإيران والخليج بالوصول إليها، حسب المحلل يونس الكريم.
والاستثمارات النفطية في سوريا محل صراع وتنافس بين إيران وروسيا وأمريكا والخليج العربي.
ولا يمكن لدول الخليج العربي أن تستثمر بالسياحة في ظل وجود إيران، بسبب التنافس المذهبي بينهما، فأينما وُجدت إيران والخليج وُجد الصراع الطائفي بينهما.
كما أنه لا يمكنها الاستثمار في قطاعات الكهرباء، مع سيطرة روسيا على السدود المائية والمدن.
واستبعد الباحث الاقتصادي يونس الكريم إعادة الإعمار بالصيغة السياسية الحالية، بوجود روسيا وإيران، واستحواذهما على المشاريع السيادية للدولة السورية والقرار السياسي.
وربط كريم انطلاق إعادة الإعمار واشتراك الدول فيها بوجود دولة سورية قوية تستطيع التمييز بين منح مشاريع لحلفاء وإبقاء جزء من سيادتها.
كما أن سيطرة روسيا على جميع المشاريع السيادية تعني أن القرار الاستثماري ليس بيد النظام السوري، وبالتالي لا يمكن لأي مستثمر أن يجازف بأمواله في ظل الظروف الحالية.
أي لا يمكن إعادة الإعمار أو أن تستثمر دول الخليج أو تركيا أو روسيا أو إيران في سوريا بظل هذا التنافس، وعدم وجود دولة سيادية، لكن الذي يحدث أن روسيا وإيران تعتقدان أن الاستحواذ على أكبر كم من الاستثمارات يمكّنها من وضع يد لها في السياسة المركزية السورية، وهذا أمر صعب المنال، لأن اللاعبين الأساسيين في الملف السوري لن يسمحوا بتنفيذه.
عودة خليجية وسط انقسام أوروبي ومعارضة أمريكية
ينقسم الموقف الخليجي تجاه النظام السوري على المستويات السياسية والاقتصادية، خاصة مع وجود طموحات لدى دول الخليج العربي بالدخول ضمن عملية إعادة إعمار سوريا.
ولكي تكون الدول الخليجية جزءًا من هذه العملية عليها العودة إلى دمشق، وفتح سفاراتها المغلقة منذ عام 2011، والتعاطي مع نظام الأسد لضمان مشاركة أوسع تنال على إثرها مكاسب سياسية واقتصادية.
كما أن محاولات بعض الدول الخليجية تطبيع علاقاتها مع النظام السوري تأتي في شكل مناكفات وصراعات سياسية بين الدول الإقليمية المحيطة بسوريا، وتحديدًا محور تركيا- قطر في مواجهة المحور الإماراتي- السعودي.
لكن عودة دول الخليج العربي لا ترتبط بإرادتها السياسية وحدها، إذ إنها ترتبط بالإرادة الدولية أيضًا، وتحديدًا موقف كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وكلاهما وضع لائحة عقوبات على النظام السوري ومن يتعامل معه.
وسبق لوزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، أن أكد في لقاء مع صحيفة “العربي الجديد” القطرية، على أن بلاده تتمسك بشروطها لإعادة علاقاتها مع سوريا، وهي عملية سياسية “صادقة”، ودون ذلك سترفض الدخول في عملية إعادة الإعمار.
الموقف الألماني ليس جديدًا، ويتوافق مع موقف الدول السبع الكبرى، وهي إلى جانب ألمانيا، كل من فرنسا واليابان وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وإيطاليا.
وفي حين تمانع واشنطن أي شكل من أشكال تطبيع علاقات الخليج مع النظام، تحاول روسيا الدفع بهذا الاتجاه، لأسباب اقتصادية وسياسية، تتعلق بمكتسباتها الذاتية في سوريا، والمحافظة على أهداف حققتها تتعلق بوصولها إلى مياه البحر الأبيض المتوسط، وتسويق السلاح الروسي، وقواعدها العسكرية في سوريا.
هل تكسر الدول الخليجية قانون “قيصر” بالعودة إلى دمشق؟
وقّع الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، في عام 2019 قانون “قيصر”، وهو قانون يستهدف النظام السوري وشركات وشخصيات تتعامل معه اقتصاديًا.
وسبق أن حذر المبعوث الأمريكي إلى سوريا، جويل رايبورن، في مؤتمر صحفي باسطنبول، حضرته عنب بلدي في آب الماضي، من تعامل أي دولة، بما فيها دول الخليج العربي، مع النظام السوري.
ويعد هذا التصريح واحدًا من عشرات التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الأمريكيون منذ 2019 بهذا الخصوص.
ولا تنظر واشنطن بعين الراحة إلى عودة السفارات الخليجية إلى دمشق، خاصة أنها تضغط على الأسد للمضي في حل سياسي.
وقال أستاذ القانون الدولي في كلية “واشنطن” بالجامعة “الأمريكية” ضياء الرويشدي، إن أمريكا تملك رؤية واضحة للملف السوري، صحيح أنها لا تدفع باتجاه إسقاط نظام الأسد، لكنها تريد منه الجلوس على طاولة المفاوضات وتقديم التنازلات، حتى لو انتصر عسكريًا، إذ إن الحرب لا تعدو أن تكون أداة سياسية فقط، وفق الرويشدي.
ويأتي ذلك، بحسب الرويشدي، من خلال تطبيق قرار مجلس الأمن 2254، الصادر في عام 2015.
ويتكون القرار من 16 مادة، وتنص الفقرة الرابعة على دعم عملية سياسية بقيادة سورية، تيسرها الأمم المتحدة، وتقيم، في غضون فترة مستهدفة مدتها ستة أشهر، حكمًا ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية.
ويحدد جدولًا زمنيًا وعملية لصياغة دستور جديد، ويعرب كذلك عن دعمه لانتخابات حرة ونزيهة تجرى، عملًا بالدستور الجديد، فـي غضون 18 شهرًا تحـت إشراف الأمم المتحدة.
لكن تحركات الدول الخليجية تفتح الباب أمام السؤال حول إمكانية كسرها قانون “قيصر”، رغم التحذيرات الأمريكية.
وأوضح مدير “المركز السوري للعدالة والمساءلة”، محمد العبد الله، لعنب بلدي، أن القانون لا يشمل عودة العلاقات الدبلوماسية مع النظام، ويقتصر على الاقتصاد والتعاملات المالية فقط، وبالتالي فالرحلات الجوية بين بلدين لا تدخل ضمن نطاق القانون طالما أن الأمر لا يصل إلى تمويل حكومة النظام السوري أو يفتح مصالح تجارية، في قطاعات الطيران مدنيًا أو عسكريًا والنفط.
وبدأت قطر منذ عام 2019 العبور فوق الأجواء السورية، بينما أعلن النظام السوري، في 19 من تشرين الأول الماضي، عن تسيير رحلتين أسبوعيًا إلى العاصمة القطرية الدوحة بشكل مباشر.
ويرى العبد الله أن واشنطن لن توافق على تطبيع الدول الخليجية علاقاتها مع النظام السوري، حتى لمناكفة تركيا وإيران، خاصة أن دول الخليج العربي “تدور في فلك أمريكا والاتحاد الأوروبي”، بحسب رأيه، وبالتالي يمكن أن تكون هذه التحركات جاءت بالأصل بطلب أمريكي لسبب أو لآخر، أو بالتوافق مع واشنطن.
أوروبا.. انقسام سياسي حول العلاقات الخليجية مع الأسد
يملك الاتحاد الأوروبي تنسيقًا اقتصاديًا واسعًا بين دوله، لكن هذا الأمر ليس على الصعيد السياسي.
وفي حين تعاني دول أوروبية من أزمات سياسية داخلية متمثلة بصعود الأحزاب اليمينية، التي تستغل ملف اللاجئين لإلحاق الهزائم بالأحزاب اليسارية أو الليبرالية الحاكمة، لا تعارض كل هذه الدول دعم التحركات الخليجية باتجاه تطبيع العلاقات مع النظام السوري.
ويأتي الدعم من قبل بعض الدول الأوروبية أيضًا بسبب التكلفة العالية لملف اللاجئين على الصعيدين السياسي والمالي، وفقًا لمحمد العبد الله.
الموقف الأوروبي تعرفه واشنطن وتتفق فيه مع الاتحاد الأوروبي بشكل كبير، وتدرك أمريكا أيضًا تكلفة اللاجئين العالية على الاتحاد الأوروبي، وتريد واشنطن “عودة كريمة للاجئين السوريين إلى بلادهم”، وفقًا لضياء الرويشدي.
ويرى الرويشدي أن ملف اللاجئين يترافق أيضًا مع الأزمات الاقتصادية في أوروبا، وازديادها بعد انتشار جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).
وبالتالي، ترغب الدول الأوروبية بإيجاد مدخل لها في عملية إعادة الإعمار من جهة، واستقطاب استثمارات رجال الأعمال السوريين بدلًا من رحيلها إلى دبي، وفقًا للرويشدي.
ولا يمكن التعويل على موقف أوروبي واحد من عودة العلاقات مع النظام، إذ إن الرفض يقتصر على عدد محدود من الدول، ومنها الدول الأوروبية الكبرى، كفرنسا وألمانيا وإيطاليا، وهو الموقف الذي يتوافق مع موقف مجموعة الدول السبع الكبرى، وهي إلى جانب الدول الثلاث السابقة، بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا واليابان.
في حين تملك دول أوروبية أخرى موقفًا مخالفًا، كالدنمارك التي سعت لترحيل لاجئين سوريين إلى سوريا.
هل تملك موسكو القدرة على تعويم الأسد عبر الخليج
في حين تعارض واشنطن وبعض دول الاتحاد الأوروبي عودة العلاقات الخليجية مع الأسد، ترى موسكو أهمية لهذه العودة، ومكسبًا إضافيًا في مفاوضاتها المستمرة وخلافاتها مع إيران وتركيا وأمريكا حول الملف السوري.
وتتشابك العلاقات الخليجية- الروسية في سوريا، وسبق أن دعمت المملكة العربية السعودية التدخل الروسي في سوريا في عام 2015.
ونشرت صحيفة “The Guardian” البريطانية، في 16 من تشرين الأول الماضي، تسريبات حول دعم ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، للتدخل الروسي في سوريا.
وأضافت الصحيفة أن مصدر المعلومات هو سعد الجبري، أحد خصوم ولي العهد السعودي الحالي، الذي عمل سابقًا كمستشار له في الرياض، مشيرة إلى أن الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية، باراك أوباما، أرسل توبيخًا للرياض بعد هذه الخطوة.
وذكرت الصحيفة أنها لم تستطع التأكد من صحة المعلومات من مصدر مستقل.
وتعطي هذه التسريبات في حال ثبوت صحتها مؤشرًا على تحركات السعودية والدول الخليجية باتجاه النظام السوري، وروسيا.
ويرى محمد العبد الله أن روسيا ستؤيد التحركات الخليجية في سوريا، خاصة أنها تنتظر أموال إعادة الإعمار، وتتوقع مكاسب اقتصادية بعد تدخلها العسكري.
وأشار العبد الله في إجابته عن أسئلة عنب بلدي إلى أن هذا الأمر، أي إعادة الإعمار، يرتبط بقانون “قيصر”، وهو الأمر الذي لا تستطيع دول الخليج تجاهله أو مخالفة التعليمات الأمريكية فيه.
هل تسهم السفارات الخليجية في تطبيع العلاقات بين النظام وإسرائيل؟
قطعت دول الخليج العربي علاقتها مع النظام السوري في بداية الثورة السورية، على المستوى الدبلوماسي (إغلاق السفارات)، بسبب استخدامه القمع ضد المتظاهرين السلميين، واستمرت تلك القطيعة إلى أن أعلنت الإمارات العربية المتحدة، في 27 من كانون الأول عام 2018، إعادة فتح سفارتها في دمشق دون تعيين سفير.
وتعتبر الإمارات أول دولة تعلن عن عودة سفارتها إلى دمشق، في حين كان الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، أول رئيس عربي يزور سوريا قبل فتح السفارة الإماراتية بأسبوع، وسط حديث حينها عن مساعٍ لإعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية.
وبعد نحو عامين من الخطوة الإماراتية، تسلّم وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، أوراق اعتماد السفير العماني، تركي بن محمود البوسعيدي، في 4 من تشرين الأول الماضي.
ويعد السفير العماني تركي البوسعيدي أول سفير خليجي يعود إلى دمشق، رغم أن السلطنة حافظت على علاقاتها مع سوريا ولم تغلق سفارتها أبدًا.
وتزامنت عودة السفير العماني إلى دمشق مع بدء دول عربية بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، فكانت الإمارات أولى تلك الدول، قبل أن تلحقها البحرين والسودان، ليفتح معه باب التساؤلات حول إمكانية أن تؤثر تلك الدول أو تسهم في فتح ملف مفاوضات النظام السوري مع إسرائيل بشكل أو بآخر، لا سيما أن عمان والإمارات تتمتعان بعلاقات جيدة مع كل من النظام السوري وإسرائيل.
وفي حديث إلى عنب بلدي، يرى الباحث في مركز “عمران للدراسات” معن طلاع، أن الطموحات العربية في عودة النظام السوري قد تسهم في تحسين مناخات التفاوض مع إسرائيل، لكن الارتباط بين الملفين “غير موضوعي”.
وأكد طلاع أن ملف تطبيع النظام السوري مع إسرائيل يحتاج إلى اتفاق حول الجولان، وهذا ما تعثرت مفاوضاته منذ التسعينيات، وإن فتح الملف من جديد يحتاج إلى سلسلة من المفاوضات الجديدة، وهو ما لم يبدأ بعد.
من جهته، يرى المحلل السياسي حسن النيفي، أن التطبيع العربي مع إسرائيل لا ينعكس بشكل مباشر على القضية السورية، لأن دول الخليج العربي تتماهى مع السياسة الأمريكية وتتوافق معها، كما أن الدول الخليجية لن تغرد خارج السرب الأمريكي، وهو ما كان جليًا عندما أوقفت واشنطن رغبات دول أخرى باتخاذ خطوة مماثلة للخطوة الإماراتية في 2018، في إشارة إلى إعادة فتح السفارة الإماراتية في دمشق، وفق ما ذكره لعنب بلدي.
أما وجهة النظر الأمريكية حول تأثير قطار التطبيع العربي السريع على فتح نافذة للتفاوض السوري- الإسرائيلي، فعبّر عنها مستشار الرئيس الأمريكي، جاريد كوشنر، إذ اعتبر في لقاء صحفي، في 17 من آب الماضي، بعد أسابيع من التطبيع الإماراتي- الإسرائيلي، أن أهمية اتفاق التطبيع تكمن في تشكيل حلف ضد الوجود الإيراني في سوريا ولبنان.
وقال كوشنر، إن سكان المنطقة يدركون عدم استقرار بلدانهم، وهناك تهديدات لهم بسبب طهران، معتبرًا أن الميليشيات المدعومة من إيران هي التي تزعزع الاستقرار في اليمن وسوريا ولبنان، ويعتقد أن من مصلحة الدول في المنطقة ترتيب علاقتها مع إسرائيل لمواجهة إيران، مشيرًا إلى أن توحد دول المنطقة “يصعب على إيران زرع الفتن بينها كما فعلت لسنوات”.
ورغم تأكيد رئيس النظام السوري، بشار الأسد، عدم وجود أي مفاوضات حالية، لم يستبعد إقامة علاقات “طبيعية” مع إسرائيل، بل اعتبر أنها “مسألة بسيطة جدًا”، لكنه اشترط استعادة الأرض مقابل ذلك، وذلك في حديث مع وكالة “سبوتنيك” الروسية، نُشرت في 8 من تشرين الأول الماضي.
ولم يأتِ الأسد على ذكر “السلام العربي الشامل”، وهو ما يناقض بيان وزارة الخارجية السورية، الصادر مطلع تشرين الأول الماضي، الذي أشار إلى أن الموقف السوري يرفض التنازلات والاتفاقيات المنفردة مع إسرائيل مهما كان شكلها أو مضمونها، منطلقة من “قناعتها الراسخة بأن مثل هذه الاتفاقيات تضر بالقضايا العربية عموماً”، وذلك في أول بيان رسمي بشأن تطبيع دول عربية مع إسرائيل.
وسبق بيان الخارجية موقفان من التطبيع العربي مع إسرائيل، إذ قال وزير الخارجية والمغتربين، وليد المعلم، في كلمة أمام الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة، في 28 من أيلول الماضي، إن “عصر ضم أراضي الغير بالقوة ولّى، وواهم من يعتقد أن الأزمة في سوريا يمكن أن تحيدنا قيد أنملة عن حقنا غير القابل للتصرف باستعادة الجولان كاملًا”.
بينما عبّر عن الموقف الثاني، المندوب الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف، حسام الدين آلا، في 30 من أيلول الماضي، إذ تجاهل الحديث عن التطبيع، وانتقد إسرائيل بسبب “ممارساتها في الجولان السوري المحتل وفلسطين، وانتهاكها لحقوق الإنسان”.
وجاءت مواقف النظام من التطبيع العربي مع إسرائيل حينها بعد أيام من حديث صحيفة “الشرق الأوسط”، في 27 من أيلول الماضي، عن وجود “اعتقاد واسع بوجود مفاوضات سرية بين دمشق وتل أبيب”.
واستشهدت الصحيفة بأنه كلما كان النظام السوري في عزلة أو أزمة، في العقود السابقة، كان “المخرج” باستئناف المفاوضات، وفق مقولة “الطريق إلى واشنطن يمر دائمًا عبر تل أبيب”.
مباحثات السلام العلنية بين إسرائيل وسوريا:
– مؤتمر “مدريد” 1991: شارك فيه أيضًا لبنان والأردن وفلسطين، ورعته الولايات المتحدة وروسيا، واعتمد على مبدأ “الأرض مقابل السلام”.
– محادثات 1999: حضرها رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود باراك، ووزير الخارجية السوري، فاروق الشرع، في فرجينيا.
– كانون الثاني 2000: أبدت إسرائيل عدم استعدادها للانسحاب الكامل من الجولان، وأرادت الاحتفاظ بأراضٍ قرب بحيرة “طبريا” ما تسبب بانهيار المفاوضات.
– آذار 2000: حافظ الأسد يلتقي الرئيس الأمريكي، بيل كلينتون، في جنيف لاستئناف المفاوضات، لكن كل ذلك انهار بسبب رفض كلينتون الضغط على باراك للانسحاب الكامل من الأراضي السورية المحتلة.
– كانون الثاني 2004: رئيس الوزراء الإسرائيلي، أرييل شارون، مستعد للمحادثات بشرط توقف دمشق عن دعم المنظمات الفلسطينية و”حزب الله”.
– حزيران 2007: إسرائيل تعلن إعادة جميع الأراضي بشرط فك الارتباط بين دمشق وطهران، وطرد المجموعات الفلسطينية من سوريا.
– نيسان 2008: إسرائيل مستعدة للانسحاب من الجولان المحتل مقابل السلام.
-2011: اندلاع الثورة السورية وتوقف جميع المباحثات العلنية.
-منذ 2011 شنت إسرائيل عشرات الغارات الجوية على امتداد الأراضي السورية.