“الشهادة معلّقة على الحائط”.. شباب من السويداء يعملون بغير اختصاصهم
السويداء – ريان الأطرش
بعد خمس سنوات من دراسة الهندسة المعلوماتية، وجدت شهادة عمر مكانها على الحائط في منزله بمدينة السويداء، يلقي عليها نظرة الوداع كل صباح وهو يتجه إلى عمله مع ورشة للتمديدات الصحية مصطحبًا معه وجبة من الطعام حضّرتها له والدته.
“لم أجد فرصة عمل ضمن اختصاصي فاتجهت إلى الأعمال الحرة كي أؤمّن متطلبات حياتي اليومية لي ولأسرتي في ظل الغلاء المعيشي”، قال عمر المقت، البالغ 25 عامًا، لعنب بلدي.
حال عمر ليست فريدة في سوريا، لكن أعوام الحرب التسعة الماضية جعلت من البطالة والاعتماد على “الأعمال الحرة” ظاهرة عامة منتشرة في المحافظة الجنوبية، التي احتج أهلها على سوء الأوضاع المعيشية مرارًا منذ بداية العام الحالي.
كعكة من صنع صيدلاني
نسي علاء، الصيدلاني الشاب، أين علّق شهادته الجامعية، فمنذ أن تخرج، قبل عامين، بدأ عمله بمصنع للحلويات، استبدل فيه مريول المطبخ و مستلزمات العجين بمريول المختبر والأدوية.
العائق المادي هو الأساس، “لا أستطيع تجهيز صيدلية بسبب الغلاء”، قال علاء هنيدي لعنب بلدي، مشيرًا إلى ارتفاع أسعار الأدوية والإيجارات.
يتمكن الشاب بعمله من تأمين نصف احتياجات أسرته، “إننا بحاجة إلى ما لا يقل عن 200 ألف ليرة سورية شهريًا، في حين لا أحصل سوى على 100 ألف منها، و أنا الآن أبحث عن عمل إضافي لفترة المساء”، أضاف علاء وهو يشير إلى ابتعاد حلمه بافتتاح صيدليته الخاصة.
“العمل الثابت” هو ما يبحث عنه عامر نصر الدين، فالشاب العشريني الحاصل على شهادة الهندسة المدنية عاطل عن العمل منذ عام، بعد أن جرب حظه في مسابقات التوظيف الحكومية دون فائدة، “أعداد المتقدمين ضخمة بالنسبة للعدد المطلوب”، كما قال لعنب بلدي.
200 شاب تقدموا لمسابقة حكومية خاصة بتوظيف الشباب في مديرية صحة السويداء، طلبت خلالها عشرة مهندسين بمختلف الاختصاصات، عامر كان بينهم ولكنه لم ينجح.
بحث عامر عن “الأعمال الحرة” جاء بعد إحساسه باليأس، وهو يشعر بالضغط لاضطراره لتأمين دخل يكفي لسد “ولو جزء بسيط” من احتياجاته اليومية.
البطالة في ازدياد .. جيل فقد الأمل
عمر، الحاصل على شهادة الهندسة المعلوماتية، فقد أمله بإيجاد العمل الذي كان يتمناه، وهو فرصة ضمن شركة للبرمجيات، وقال إن هذه الحال هي الدافع الذي قاد أصدقاءه ومعارفه للهجرة واللجوء خارج سوريا، “معهم الحق بفعل ذلك، لأن الوطن لم يعد يحمل أبناءه، بسبب استهتار الحكومة السورية وعدم إعطاء كل مواطن حقه بالعيش بكرامة وعزة نفس”.
عبر الناشطون في السويداء منذ حزيران الماضي، باحتجاجات متلاحقة، عن استيائهم من سوء الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار، وعدم تحقق الوعود الحكومية، وتزامن ذلك مع تدهور العملة المحلية لمستويات “غير مسبوقة”.
كانت آخر تلك المظاهرات نهاية تشرين الأول الماضي، رغم قلة أعداد المشاركين الذين أحاطت بهم قوات الأمن دون أن تتدخل مباشرة، كما فعلت في الأشهر الماضية التي شهدت اعتقال عدد من المشاركين ثم الإفراج عنهم بالتدريج.
وفي تصريح لموقع “Syrian days”، في تموز الماضي، قال مدير مرصد سوق العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، محمود الكوا، إن “التدريب العملي” هو ما تتجه إليه الحكومة السورية بعد تحديد “نقاط الضعف” في سوق العمل.
وأضاف أن محافظة السويداء، مع دمشق وحماة وحلب واللاذقية وطرطوس ودير الزور والحسكة، ستشهد افتتاح مراكز لـ”تمكين الشباب”، من خدماتها “تقديم الإرشاد الوظيفي”، لتوجيه الشباب لمجال العمل الأنسب، وفقًا لـ”رغباتهم ومؤهلاتهم العلمية”.
ووفق أحدث تقييم لسوق العمل في سوريا، أجرته الأمم المتحدة عام 2015، فقد بلغت نسب البطالة 55% و75% بين الشباب، من أصل 4.9 مليون شخص يمثلون القوة العاملة المحتملة ما بين عمري 18 و65، في حين انخفضت القوة الشرائية إلى عشر ما كانت عليه عام 2010.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :