عنب بلدي – نور الدين رمضان
أعلنت غرفتا تجارة دمشق وحلب، في 25 من تشرين الأول الماضي، الفائزين بانتخابات المكتب التنفيذي للغرفتين، وخسر رجلا الأعمال المقربان من النظام السوري، وسيم أنور قطان، ومحمد فاضل قاطرجي، رئاستهما بعكس التوقعات.
وطرح هذا التراجع عن مناصب قيادية في الغرفتين التساؤل حول التوجه الذي يريده النظام من ترفيع أسماء جديدة، خاصة أن جدلًا مثارًا حول التلاعب بنتائج الانتخابات في دمشق حسمه مسؤول يعكس سياسة النظام السوري بشكل مباشر.
قطان لا يصل إلى رئاسة غرفة دمشق
فاز في رئاسة غرفة تجارة دمشق محمد أبو الهدى اللحام، في خطوة وصفتها مواقع اقتصادية بـ”المفاجئة”، بعد انتخابات المكتب التنفيذي، ليخسرها المرشح الأبرز من حيث النفوذ والقرب من النظام السوري، رجل الأعمال وسيم أنور قطان، الخاضع لعقوبات أمريكية وأوروبية وبريطانية.
وفي 28 من تشرين الأول الماضي، استكمل اللحام سيطرته على غرف التجارة، بانتخابه رئيس مجلس إدارة اتحاد غرف التجارة السورية.
وصدّق وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، طلال البرازي، الذي شغل سابقًا منصب محافظ حمص، ويعرف بقربه المباشر من القصر الجمهوري، على انتخابات غرفة دمشق، لينهي ما أثير من جدل حول ما حملته من عمليات “غش وتزوير”، وفقًا لما أكده الاعتراض المقدم للوزارة، عن طريق إدارة الغرفة أصولًا، من قبل عدد من المرشحين الذين لم يفوزوا بالانتخابات، بحسب صحيفة “البعث” الحكومية.
وكان من المتوقع أن يفوز وسيم قطان برئاسة الغرفة، بسبب نفوذه وقربه من النظام السوري، وحصوله على المرتبة الثانية بعدد الأصوات بانتخابات عضوية غرفة تجارة دمشق بفارق عشرة أصوات عن المركز الأول.
وسيم قطان من مواليد دمشق 1976، وبرز اسمه إلى الساحة الاقتصادية، مطلع 2019، بشكل مفاجئ، بعد استثماره منشآت حكومية بملايين الليرات السورية، يملك شركة “لاروسا للمفروشات” و”أفران هوت بيكري”.
وشغل منصب رئيس غرفة تجارة ريف دمشق في الدورة السابقة بعد قرار وزير التجارة حل المجلس في شباط 2018، كما استثمر “مول قاسيون” في دمشق بمليار و200 مليون ليرة سورية، وهو ما أثار تساؤلًا حول الجهة التي تقف خلف الاسم غير المعروف حينها.
قاطرجي يبتعدون؟
في حلب، خسر محمد فاضل قاطرجي رئاسة غرفة التجارة أيضًا، لمصلحة رجل الأعمال محمد عامر حموي.
ومحمد فاضل قاطرجي (المعروف بمحمد آغا) ليس مدرجًا على قائمة العقوبات كما شقيقه حسام قاطرجي، لكنه وصل إلى الغرفة باعتباره مندوبًا عن عائلة قاطرجي وشركاتها التجارية، الخاضعة بدورها للعقوبات، ما يحد من حركة محمد فاضل التجارية، بما يتعلق بغرفة تجارة حلب.
وتمتلك عائلة قاطرجي مجموعة “قاطرجي الدولية” التي تعمل في النقل والاستثمار والتجارة، برئاسة حسام أحمد قاطرجي، المقرب من النظام السوري، والمدرج على قائمة العقوبات الأمريكية.
وتنبثق عن المجموعة عدة شركات، أبرزها “جذور للزراعة والثروة الحيوانية” و”القاطرجي للتجارة والنقل” و”الذهب الأبيض الصناعية” و”القاطرجي للتطوير والاستثمار العقاري”، ولها دور في نقل المحروقات من مناطق سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” أو “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) شمال شرقي سوريا.
ويلاحَظ أن معظم الفائزين بغرفة تجارة حلب من الذين صنعوا ثروات خلال السنوات القليلة الماضية.
ومع خسارتهما منصب رئاسة الغرفتين في دمشق وحلب، حصل وسيم قطان على عضوية مجلس إدارة غرفة دمشق، بينما فاز قاطرجي بأمانة سر غرفة تجارة حلب.
سببان خلف خسارة الرئاسة
يرى الدكتور في الاقتصاد والباحث في معهد “الشرق الأوسط” بواشنطن كرم شعار، أن خسارة وسيم قطان ومحمد فاضل قاطرجي رئاسة غرف التجارة في أكبر مدينتين سوريتين تعكس أمرين، الأول هو نتاج القانون الجديد الذي بني عليه الترشح للعضوية وآلية الانتخاب، والثاني انتهاء الطبقة الاقتصادية القديمة التي كانت موجودة منذ 2011 بشكل شبه كامل في عموم سوريا.
ويشترط قانون غرف التجارة الجديد، الذي صدر في نيسان الماضي، للترشح للانتخابات، أن يمضي على عضوية الراغب بالترشح عامان ميلاديان بالإضافة إلى العام الذي تجري فيه الانتخابات، أي أن يكون الشخص منتسبًا قبل 1 من كانون الثاني 2018.
وزاد اهتمام النظام السوري بالتجار وغرفهم بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعانيها خلال العام الحالي، إذ زار وزير التجارة البرازي عند تسلم مهامه، في حزيران الماضي، غرفة تجارة دمشق، وهي الزيارة الأولى لوزير تجارة منذ 47 عامًا، وقال فيها، “إن الوطن عهد من تجاره الدمشقيين في السابق والحاضر، العديد من المبادرات تجاه الوطن والمواطن”.
وفي السنوات الماضية، شهدت العلاقة بين التجار والنظام نوعًا من الغموض، إذ وُجهت لهم اتهامات بدعم النظام ومنع انهياره اقتصاديًا بهدف حماية مصالحهم، لكن في المقابل هدد في بداية الثورة كل من يرفض التعامل معه ويمتنع عن دفع الإتاوات، وهو ما يفسر مغادرة بعض رجال الأعمار الكبار، وعلى رأسهم رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية وغرفة صناعة دمشق، عماد غريواتي، الذي حُجزت أمواله وصودرت لاحقًا.
إقصاء للحرس القديم
لأول مرة غابت أسماء معروفة على الساحة التجارية عن مناصب غرف التجارة، إذ لم يترشح سبعة أعضاء من مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق السابقة للانتخابات.
وأبرزهم رئيس مجلس الإدارة السابق، محمد غسان القلاع (عضو في الغرفة منذ 1973)، وأمين سر المجلس، محمد حمشو (منذ 2014)، ونواب رئيس المجلس، الأول عمار البردان، والثاني عرفان دركل، وآخرون.
يعد القلاع وتجار دمشيقون كبار، مثل راتب الشلاح، من الحرس القديم للدولة السورية، الذين يحاولون منع انهيار مؤسسات وعملة الدولة، من وجهة نظرهم، وهو ما يفسر دعمهم للحكومات السورية عند مواجهتها أي أزمة اقتصادية.
مَن الرئيسان الجديدان؟
رئيس غرفة تجارة دمشق
– أبو الهدى اللحام (77 عامًا) هو مالك شركة “اللحام للتجارة والتعهدات”.
– عضو مجلس إدارة في بنك “الأردن- سوريا”.
– عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق منذ 2001.
– عضو مكتب اتحاد غرف التجارة السورية.
– يعرف عند التجار بصاحب نفس إصلاحي وخبرة تجارية مدتها 40 عامًا.
– عُرف عنه مواقفه الموالية للنظام السوري وانفتاحه على التعاون الاقتصادي مع روسيا.
– روّج كثيرًا لإعادة الإعمار في سوريا بغض النظر عن العمليات العسكرية، إذ قال لوكالة روسية، في 2018، “أنصح المستثمرين في عدم الانتظار حتى انتهاء الأزمة بشكل كامل”.
– انتقد في 2011 تكلفة الاتصالات في سوريا، واعتبر أنها تستهلك نحو ربع دخل المواطن السوري.
رئيس غرفة تجارة حلب
– محمد عامر فارس حموي عضو في مجلس الشعب السوري الحالي.
– ورد اسمه في حجز على أمواله في 2019 مدة شهرين قبل إلغائه، بقضية تتعلق بوزارة التربية.