ضغط سياسي وتقويض عسكري.. أهداف ورسائل روسية من استهداف “فيلق الشام”

  • 2020/10/27
  • 9:54 ص

الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين (عنب بلدي)

استهدف الطيران الحربي الروسي مقرًا لـ”فيلق الشام” المنضوي ضمن “الجبهة الوطنية للتحرير”، وهي من أهم تشكيلات “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا.

وقال مدير المكتب الإعلامي في “الجبهة الوطنية”، سيف رعد، لعنب بلدي، الاثنين 26 من تشرين الأول، إن الطيران الحربي الروسي شن غارة جوية على منطقة عسكرية تابعة لـ”الجبهة الوطنية” في منطقة كفرتخاريم، أدت إلى مقتل عدد من العناصر وجرح آخرين.

ونشرت حسابات “تلجرام” روسية صورًا جوية لتجمع المقاتلين في المعسكر، ثم استهدافهم، أي إن الطيران كان بانتظار تجمع أكبر عدد من العناصر.

وسبق الاستهداف تحليق للطيران الحربي والاستطلاع الروسي في أجواء المنطقة، حسبما أفاد مراسل عنب بلدي في إدلب.

تخوّف من استهداف الأتراك.. الروس سيستمرون في التصعيد

يعتبر “الفيلق” أحد أكثر الفصائل قربًا من تركيا، كما أنه كان مرافقًا للدوريات المشتركة الروسية- التركية على الطريق الدولي حلب- اللاذقية (M4)، التي جاءت كأحد أبرز بنود اتفاق “موسكو” الموقع في 5 من آذار الماضي، بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين.

وهي أول ضربة من الروس تستهدف مقرًا عسكريًا لفصيل تدعمه تركيا بعد اتفاق “موسكو”، الذي بدأ سريانه في 6 من آذار الماضي، بينما كانت تتحدث سابقًا عن استهداف مراكز عسكرية لـ”حراس الدين” فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا و”هيئة تحرير الشام” صاحبة النفوذ الأكبر في إدلب.

ويوجد تخوّف تركي من استهداف عناصر الجيش التركي في إدلب، وهو احتمال وارد، وبالتالي وقوع قتلى بينهم، حسب حديث مدير وحدة المعلومات في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، نوار شعبان، لعنب بلدي.

وقد لا ينشأ عن هذه الضربة رد تركي مباشر أو تصريح يصعّد التوتر، حسب شعبان، الذي رجح أن يكون رد تركيا بالسماح لـ”الجبهة الوطنية” بالرد، وهو ما يجري حاليًا، مع احتمالية التصعيد في المستقبل.

وقال المتحدث باسم “الجبهة الوطنية”، النقيب ناجي مصطفى، في بيان، إن “الجبهة الوطنية بدأت بالرد على هذه الجريمة عبر استهداف مواقع عدة لعصابات الأسد والميليشيات الروسية بالراجمات والصواريخ”، مضيفًا أن الرد لن يقتصر على قصف اليوم بل سيستمر ويتصاعد و”يكون قاسيًا”.

وأكد مصطفى لعنب بلدي، اليوم، أن مدفعية وصواريخ “الجبهة الوطنية” استهدفت عدة مواقع عسكرية لقوات النظام، منها معسكر “جورين” وسهل الغاب شمالي محافظة حماة، ومعصران وسراقب وخان السبل بريف إدلب، إضافة إلى الريف الغربي لمحافظة حلب.

ويعتبر قصف أمس الاستهداف الروسي الثاني خلال ثلاثة أيام لمناطق سيطرة المعارضة، وهو يحمل أهدافًا ورسائل تريد روسيا إيصالها إلى تركيا، إذ قصفت قوات، يُعتقد أنها روسية، سوق الفيول بمدينة جرابلس، الجمعة الماضي.

ورجح الباحث نوار شعبان استمرار الروس بهذه الضربات، “لأنه من الواضح وجود خلاف بين الروس والأتراك”.

وكان انسحاب النقطة التركية من مورك الواقعة تحت سيطرة النظام السوري المدعوم روسيًا، في 19 من تشرين الأول الحالي، خطوة استباقية للجانب التركي، وخوفًا من تصعيد يمكن حدوثه، بحسب شعبان، الذي رجح سحب تركيا بقية نقاطها العسكرية في مناطق سيطرة النظام، كي لا تكون هناك أي نقاط تركية محاصرة في حال التصعيد.

الضربة رسالة روسية لتخفيف التصعيد في أذربيجان

أوضح الباحث في مركز “جسور للدراسات” عبد الوهاب عاصي، في حديث إلى عنب بلدي، أن هدف روسيا من الضربة لا بد أن يكون إيصال رسالة إلى تركيا مفادها ضرورة خفض التصعيد في أذربيجان، مقابل الحفاظ على “التهدئة” في إدلب، لا سيما أنّ وزير الخارجية، سيرغي لافروف، طالب تركيا باستخدام نفوذها لضمان إيقاف إطلاق النار في إقليم كاراباخ المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان.

وتدعم تركيا أذربيجان في المعارك الدائرة هناك، بينما تتخذ روسيا موقفًا رافضًا للدور التركي، وتنحاز إلى أرمينيا وسط علاقة جيدة مع الطرفين المتصارعين.

ومن الواضح، حسب الباحث عبد الوهاب عاصي، أن روسيا تريد خلط الملفات بعد تعثّر مساعيها مرتين في تحقيق “تهدئة” بين أذربيجان وأرمينيا، لذلك “لا بد من زعزعة الاستقرار على حدود تركيا الجنوبية أي شمال غربي سوريا”، خاصة أن الاستهداف يوحي بقدرة روسيا على الوصول إلى بيانات وإحداثيات عسكرية مؤثرة في إدلب.

وبطبيعة الحال، تريد روسيا أيضًا تقويض قدرة المعارضة السورية، التي تعمل منذ توقيع اتفاق “موسكو” على تعزيز قدراتها وتعويض الاستنزاف الذي تعرّضت له خلال الحملة العسكرية الأخيرة، لا سيما في حال استئناف العمليات العسكرية.

وقد يقتصر الرد حاليًا على حملات القصف المدفعي والصاروخي، أي التصعيد خلف خطوط التماس، وربما استخدام السلاح المسيّر من قبل الفصائل أو حتى تركيا لاستهداف مصالح النظام السوري وحلفائه.

ولا يبدو أن الرد سيكون باستئناف العمليات القتالية، فتركيا تدفع للحفاظ على “التهدئة” دبلوماسيًا، واستمرار صيغة فك الاشتباك في سوريا، والحيلولة دون دمج القضايا الخلافية خلال المباحثات الثنائية مع روسيا، حسب الباحث عبد الوهاب عاصي.

محاولة روسية لإشعال صراع داخلي

ذكرت وكالة “ANAA” الروسية أن تنظيم “حراس الدين” (فرع القاعدة في سوريا) قدم معلومات عن معسكر “فيلق الشام” التابع لـ”الجبهة الوطنية للتحرير” الذي استهدف أمس، وذلك بإعطاء عناصر من “حراس الدين” معلومات للمخابرات العسكرية السورية عن المعسكر المستهدف.

وأضافت الوكالة أن المعسكر يتبع لـ”هيئة تحرير الشام”، وقدم “حراس الدين”، غير المتوافق معها، معلومات حول المعسكر، إذ يعيش الطرفان نوعًا من الحرب الباردة، بحسب تعبير الوكالة.

ولم تتأكد عنب بلدي من صحة معلومات الوكالة من مصدر آخر، لكن الأكاديمي والخبير السياسي محمود الحمزة المقيم في موسكو، لم يستبعد، في حديث إلى عنب بلدي، أن تكون الوكالة الروسية ترغب بإذكاء خلافات الطرفين (هيئة تحرير الشام وحراس الدين) لمصلحة النظام السوري.

و”هيئة تحرير الشام” و”حراس الدين” ليسا على توافق، إذ شهدت محافظة إدلب اشتباكات بين غرفة عمليات “فاثبتوا” التي تضم “حراس الدين” وفصائل “جهادية” أخرى مع “هيئة تحرير الشام”، في حزيران الماضي.

وانتهت المواجهات بتوقيع اتفاق بين الطرفين، تضمن إغلاق جميع المقرات العسكرية التابعة لـ”حراس الدين”، ومنعه من نشر أي حواجز عسكرية في منطقة غربي إدلب، كما منعت “الهيئة” لاحقًا أي عمل عسكري خارج إطار غرفة عمليات “الفتح المبين”.

وتضم غرفة عمليات “الفتح المبين”، “الجبهة الوطنية للتحرير”، و”هيئة تحرير الشام”، و”جيش العزة”.

ونشرت الوكالة الروسية صورًا لاستهداف معسكر فصيل “فيلق الشام” غربي إدلب.

وقالت الوكالة، إن طائرتين روسيتين أسقطتا نصف طن من المتفجرات، على مقاتلين من “هيئة تحرير الشام” كانوا يستعدون للتخرج من دورة تدريبية.

وتخضع محافظة إدلب لاتفاق “موسكو” الموقّع بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والروسي، فلاديمير بوتين، في 5 من آذار الماضي، ونص على إنشاء “ممر آمن” على طريق حلب- اللاذقية الدولي (M4).

وتضمّن الاتفاق تسيير دوريات مشتركة روسية- تركية على الطريق، بين قريتي ترنبة غربي سراقب (شرقي إدلب) وعين حور بريف إدلب الغربي، على أن تكون المناطق الجنوبية لطريق “M4″ من الممر الآمن تحت إشراف الروس، وشماله تحت إشراف الأتراك.

ويعد هذا الاستهداف الثاني لـ”الفيلق” الذي يوقع عددًا كبيرًا من القتلى والجرحى في صفوفه منذ التدخل الروسي في سوريا إلى جانب النظام، إذ قُتل في 23 من أيلول 2017، 40 عنصرًا من “الفيلق” وجرح آخرون، بضربة جوية روسية استهدفت أحد معسكراته في تل مرديخ جنوبي سراقب.

وتتعرض مناطق سيطرة المعارضة لقصف يومي من قبل قوات النظام وروسيا، خاصة مناطق جبل الزاوية جنوبي إدلب.

ووثق فريق “منسقو استجابة سوريا” 3174 خرقًا لوقف إطلاق النار من قبل قوات النظام وروسيا، أدت إلى مقتل 33 مدنيًا، منذ بدء سريان الاتفاق حتى 16 من تشرين الأول الحالي.

ويشمل خرق الاتفاق استهداف مناطق المعارضة بالقذائف المدفعية والصاروخية، والطائرات المسيّرة والطائرات الحربية الروسية، في عدة مناطق بإدلب وحماة وحلب.

ونفذ الطيران الحربي الروسي والسوري، في 21 و22 من تشرين الأول الحالي، غارات جوية على جبل الزاوية، ما أدى إلى جرح خمسة مدنيين في قرية الرامي.

وقُتل ثلاثة أشخاص، في 14 من تشرين الأول الحالي، وجُرح آخرون بقصف الطيران الحربي المشترك على قرية الحمامة شمال جسر الشغور التابعة لمحافظة إدلب.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا