أموال الشعب السوري الداشرة

  • 2020/10/25
  • 11:00 ص
خطيب بدلة

خطيب بدلة

خطيب بدلة

ثمة خبر طريف، نقلته صحيفة “عنب بلدي”، ينص على أن رئيس اللجنة العسكرية والأمنية في محافظة حماة، أعلن عن إجراء مزاد علني لضمان استثمار الأراضي المشجرة بالزيتون (لموسم 2020)، في منطقتي السلمية والغاب، والعائدة ملكيتُها للمقيمين في مناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية، أو خارج سوريا.

الخبر يحكي عن سرقة علنية لا يلزم للصوص فيها تمويه، أو مواربة، لا بل إنهم يتسلحون، لأجل سرقة أموال الناس، بقرار رسمي، موقع ومختوم من الجهات المختصة.

لم تسرق حكومة الوحدة بين مصر وسوريا (1958– 1961) ممتلكات الصناعيين السوريين، بل أمّمتها، جعلتها ملك الأمة، ملك الدولة، يعني ملك الشعب. وحزب “البعث العربي الاشتراكي” لم يسرق الملكيات الصناعية والزراعية من أصحابها في سنة 1964، ولكنه كان، وقتئذ، يحارب الإقطاع والرأسمالية والرجعية، ويعيد الحقوق المغتصبة (والأرض السليبة) إلى أصحابها الشرعيين، وأنت، عزيزي القارئ، لا تعرف مَن هم أصحابها الشرعيين، وأما حزب “البعث” فيعرف كل شيء، ولذلك اعتمدت عملية السرقة بوصفها مبدأ عامًا تقوم عليه دولته، وأما في عهد الحركة التصحيحية “المجيدة” التي قادها الرفيق المناضل “المنفوخ” حافظ الأسد، فأصبح النظر إلى التأميم والمصادرة والسرقة التي أُنجزت في الفترات السابقة على أنها حكي فاضي، ولعب عيال، وعيب على كتب التاريخ أن تدونها في سجلاتها، فالرفيق المناضل المنفوخ أطلق أفراد عائلته وأتباعه على أرواح الشعب السوري وأمواله كما لو أنه ينفذ نصيحة الشيخ إمام عندما غنى “إطلق كلابك في الشوارع”، موضحًا لهم أن هذه الأرواح مباحة، وهذا الرزق داشر، وأنتم أولاد حرام، لا تقصرون بقتل أو بسرقة.

لا يتوفر إحصاء رسمي دقيق لثروات الأشخاص الذي أفلتهم حافظ الأسد علينا، ولكن بعض الأحداث الطارئة كانت تكشف المستور، فيوم قُتل باسل الأسد بحادث سيارة سنة 1994، تبين أن له في بنوك سويسرا 20 مليارًا من الدولارات، واضطر حافظ، وقتئذ، لأن يعفي الشعب كله من ضريبة التركات لأجلها. وأسفرت الخلافات التي نشبت بين ورثة جميل الأسد عن أن المبلغ المتنازع ستة مليارات من الدولارات! وحدث عن صاحب مجزرتي حماة وسجن تدمر رفعت الأسد ولا حرج. وهناك المئات من الضباط والمهربين الكبار الذين فعلوا (ولم يتركوا) بنا وبثرواتنا، حتى جاء الوريث القاصر، وكان لا بد له من أن يرسل بعض الحرامية الكبار إلى بيوتهم، ويفتح المجال لمجموعة من النشالين الجدد المقربين منه، وهؤلاء أكثر مقدرة على النهب والسلب والقتل من سابقيهم، فحافظ كان يشتغل على الدفاتر والأقلام والبرايات، بينما دخل هؤلاء عصر الأتمتة من بابه الواسع، وحينما قامت الثورة في سنة 2011، لعبت لهم حمامة، فتشكل فريق آخر من الضباط (المسؤولين عن حواجز التفتيش، والبيوت الجاهزة للتعفيش، وأموال النازحين ذات الفيش… لاحظوا السجع)، وعلى ما يبدو أن رئيس اللجنة العسكرية والأمنية في محافظة حماة رجل طيب، بدليل أنه اكتفى بضمان أراضي المواطنين الذين هجرهم سلاح جونا الباسل من بيوتهم، فلو شاء أن يصادرها على نحو نهائي، من الذي يمنعه، أو يمانعه؟!

مقالات متعلقة

  1. الثامن من آذار.. يوم استولى عسكر "البعث" على سوريا
  2. تشليح باسم الثورات
  3. عن منتخب البراميل أحكي
  4. من ميشيل عفلق إلى "المجلس الإسلامي"

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي