جفاف وآفات.. موسم القطن في الرقة يثير قلق المزارعين
الرقة – عبد العزيز الصالح
“أنفقتُ معظم أموال موسم القمح الماضي على زراعة القطن لأروي أرضي العطشى بسبب قلة مياه الري”، حال الفلاح محمد صطيف تعكس حال محافظة بأكملها، أبدلتها سنوات الحرب بمزارعها الواسعة أراضي قل ماؤها وزادت متاعب العناية بها.
نفدت أموال محمد صطيف بعد تسلّمها بشهر، عام 2019، بعد أشهر من العناية بأرضه حتى موعد الحصاد، إذ اشترى لوازم بيته وترك ما تبقى لأيام زراعة القطن التي تحتاج إلى البذار والسماد.
لكن الماء لم يكن متوفرًا بالمجان أيضًا، مع اضطراره إلى الدفع لتشغيل محركات الماء من الآبار لسقاية المحصول الصيفي الذي يحتاج إلى الري اليومي.
بدوره، قال “أبو المعتز”، وهو فلاح من مزرعة “الجلاء” شمال غرب الرقة لعنب بلدي، إن الفلاحين يعانون من نقص شديد في مياه الري.
عانى موسما القطن والذرة من العطش بسبب عملية التقنين التي تتبعها لجنة الري في الرقة، وتساءل المزارع عن دوافع تلك العملية، إذا كانت مياه النهر جارية والفلاحون يدفعون المستحقات المترتبة عليهم.
وتواجه الرقة نقصًا في الخدمات الزراعية عامة، ومنها عدم تنظيف قنوات تصريف المياه، وغياب الكهرباء لتشغيل المضخات التي توصل الماء إلى الأراضي.
وأُصيب نبات القطن بداية الموسم الحالي بآفة زراعية تسمى “ديدان القطن أو اللوز”، نتيجة قلة رش المبيدات الحشرية دون إشراف من مرشدين مختصين، إذ تسببت هذه الديدان بخسائر كبيرة للفلاحين في موسم عام 2018، سببت تقلص المساحات المزروعة بالقطن إلى النصف في موسم عام 2019.
تخوف من أسعار منخفضة
تكاليف إنتاج القطن في العام الحالي، التي ارتبطت بانهيار قيمة الليرة السورية أمام الدولار خلال أشهر الصيف، ورفعت من أسعار البذار والسماد، بلغت 168 ألف ليرة سورية للدونم، أي ما يصل إلى ضعف قيمتها عام 2019، حسبما نقلت وكالة “هاوار” عن الرئيس المشترك لاتحاد الفلاحين في الرقة، أحمد السالم.
تخوف المزارعون من تحديد سعر منخفض لمبيع القطن لا يغطي نفقاته، وتقدموا إلى “الإدارة الذاتية” (العاملة في شمال شرقي سوريا) بطلبات لبّتها بالسماح ببيع المحصول للتجار بالسعر الحر، مع القبول بمرور المحصول من المعابر المغلقة أمام تصدير بقية المحاصيل.
ثم اجتمع رؤساء الجمعيات الفلاحية، نهاية أيلول الماضي، لرفع مقترح إلى “الإدارة” بشراء طن القطن بسعر يضمن ربح الفلاح دون أن يتعرض للخسارة على يد التجار، حددوه بـ900 ألف ليرة سورية.
وفي حال لم تقدم “الإدارة” يد العون للمزارعين فإن “أبو المعتز” مستعد لترك العمل بالزراعة، على حد قوله.
يعتبر معظم أهالي محافظة الرقة الزراعة مصدر دخلهم الرئيس لتأمين معيشتهم، وأهم محاصيلهم هي القمح والقطن والذرة وغيرها.
وتسهم محافظات المنطقة الشرقية (الرقة، الحسكة، دير الزور) بنحو 70% من إجمالي المحاصيل الزراعية في سوريا، وخاصة القمح والقطن.
وفي حين كانت سوريا من الدول المصدرة للقطن قبل عام 2011، إلا أن أعوام الحرب، وقبلها تكلفة الري والرعاية، قلّصت من مساحة الأراضي المزروعة به في أنحاء القطر.
وكانت أكبر فترات إنتاج القطن بداية الستينيات، إذ زُرعت أكثر من 250 ألف هكتار من الأراضي الزراعية به، تقلصت إلى 125 ألفًا عام 2011، وعام 2016 لم يحصد سوى 16 ألف هكتار، 12 ألفًا منها في الرقة.
وحين عاد المزارعون إلى أرضهم، إثر هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” ومغادرته دير الزور والرقة، زُرعت 33 ألف هكتار بالقطن، كان 30 ألف هكتار منها في الرقة، لكن آفة “الدود” أصابت المحصول، وسببت ابتعاد المزارعين، لذا لم تُزرع عام 2019 سوى 17.5 ألف هكتار، وفقًا لتقدير بعثة وكالة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة في أيلول من العام الماضي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :