عنب بلدي – حلب
البضائع المكدسة على رفوف المحال لا تعطي انطباعًا بأزمة اقتصادية أو إنسانية، ووجوه المارين المبتسمة عند التحية والسلام لا تبدو متأثرة بفيروس كمم أفواه الناس حول العالم، وصُنفت لأجله مدينتهم بـ”المنكوبة”.
سجلت مدينة الباب في ريف حلب الشمالي أعلى معدلات الإصابة بفيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) منذ بدء انتشاره في شمال غربي سوريا، في 9 من تموز الماضي، ما دعا لوصفها من قبل وزير الصحة التابع لـ”الحكومة المؤقتة”، مرام الشيخ، بـ”المدينة المنكوبة”، في 11 من تشرين الأول الحالي، بعد أن بلغت أعداد المصابين المسجلين فيها 463 إصابة.
زادت أعداد المصابين أكثر من 100 إصابة خلال الأيام العشرة اللاحقة، لكن أهالي المدينة لم يبدوا اهتمامًا أكبر للوقاية ومحاربة الفيروس، معتبرين أن “نكبة” الغلاء أكثر أهمية وخطورة.
المعابر والليرة.. مشاكل لا يحلها الاتهام
تأخر تسجيل حالات إصابة بفيروس “كورونا” في منطقة شمال غربي سوريا أشهرًا عن المناطق المجاورة، في تركيا والمناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وأغلقت على إثره المعابر الحدودية الداخلية والخارجية خوفًا من انتقال المرض.
إغلاق المعابر حوّل المدينة إلى “سجن”، حسب وصف غزال حمادي صاحب محل بيع الأغذية بالجملة، “المعابر مفتوحة للاستيراد، والشعب يستقبل ويدفع فقط”، كما قال لعنب بلدي.
المنتجات متوفرة لكن القدرة الشرائية لدى السكان منخفضة، والوضع “يزداد سوءًا”، حسب رأي الباعة الذين التقت بهم عنب بلدي، “لولا تركيا لا تعيش المنطقة الشمالية”، كما قال “الخضرجي” مروان الشامي.
غلاء الأسعار المستمر ونقص أجور العمال أرجعه العاملون في السوق إلى تدهور قيمة الليرة التركية مقابل الدولار، التي استبدلت بالعملة المحلية في التعاملات التجارية منذ حزيران الماضي.
“من قبل كانت الطرقات مفتوحة والعمل أفضل بكل المجالات، ولم نكن ضائعين بين الليرة السورية والدولار وغيرهما”، كما قال “أبو أشرف” الذي يدير متجرًا لبيع الألبسة الرجالية منذ خمس سنوات في المدينة.
مواجهة الغلاء من قبل السكان اعتمدت على سياسة “الألزم فالألزم” لتأمين الاحتياجات التي ربط المشترون قدرة الحصول عليها بالأجر اليومي الذي يتلقونه من أعمالهم المختلفة.
وزير الاقتصاد في “الحكومة المؤقتة”، الدكتور عبد الحكيم المصري، قال لعنب بلدي إن تصنيف المدينة بـ”المنكوبة” لا بد أن يكون له أثر اقتصادي على التجارة والمحال وتوقف الأعمال، إلا أن الأوضاع “غير الطبيعية” في المدينة، من انتشار البطالة والفقر وتردي الوضع الاقتصادي، قد تحول دون ذلك.
وأشار الوزير إلى أن مشاكل تغيير العملة “تحتاج إلى وقت حتى تنتهي”، وعدم استقرارها قاد البعض للاستغلال ورفع الأسعار، إضافة إلى أن الخسارة التي عانتها المنطقة نتيجة تقدم قوات النظام بداية العام الحالي في ريف حلب الغربي وإدلب الجنوبي في المناطق الزراعية، أدت إلى قلة الإنتاج المتوفر في المدينة، وبالتالي زيادة الأسعار.
وأما جهود الحكومة للتخفيف عن المواطنين فهي محدودة بالتواصل مع الجهات المعنية وتأمين الدعم، خاصة الطبي، وتشجيع الاستيراد والتصدير للمواد المنتجة، حسبما قال المصري.
ورغم ارتفاع سعر السلة الغذائية في عموم شمال غربي سوريا، وفقًا لأحدث تقييم واستطلاع أجرته مبادرة “REACH” في أيلول الماضي، والذي بلغ 107 دولارات زادت بنسبة 3% على سعرها في آب الماضي و100% على قيمتها في آذار الماضي، فإن الأسعار في الباب كانت أقل من غيرها.
انخفضت قيمة السلة الغذائية خلال أيلول الماضي في المدينة بنسبة 6% عما كانت عليه قبل شهر، مع احتفاظها بارتفاع وصل إلى 84% عن قيمتها قبل ستة أشهر، وانخفضت أسعار مستلزمات النظافة 4% عن آب الماضي، في حين ارتفعت أسعار الغاز وصهاريج المياه 2%.
أسهم في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في مدينة الباب عاصم الملحم