عرض بحث أجراه مشروع “الأرشيف السوري” معلومات جديدة حول مركز الدراسات والبحوث العلمية السوري (SSRC)، حيث يجري إنتاج الأسلحة الكيماوية السورية، بالإضافة إلى الهيكلية الإدارية المشرفة على تصنيع تلك الأسلحة.
وركز البحث، الصادر في 20 من تشرين الأول الحالي، بالتعاون مع مبادرة “عدالة المجتمع المفتوح” وشركة “ArcticWindSolutions” المختصة بتحليل البيانات، على كيفية قيام حكومة النظام السوري بتنظيم هجمات باستخدام غاز السارين عام 2013، وهو غاز أعصاب محظور يعتبر استخدامه جريمة حرب.
كما ركز على هيكل وعمليات مركز البحوث وأفراده وتسلسل قيادته، ودوره في تنفيذ الهجمات بالأسلحة الكيماوية.
وقُدّم البحث إلى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والآلية الدولية المحايدة والمستقلة الخاصة بسوريا (OPCW) والمدعين العامين في ألمانيا وفرنسا، لاستخدامه في دعم المساءلة الجنائية.
وبحسب البحث، أسست حكومة النظام السوري مركز الدراسات والبحوث العلمية في عام 1971 لتعزيز البحث العلمي داخل سوريا، وكان مركز البحوث بشكل أساسي مؤسسة بحثية مدنية إلى أن اقترح الرئيس السابق، حافظ الأسد، إطارًا عسكريًا وأمنيًا لهذا المركز في عام 1973.
وضع هذا المقترح مركز البحوث (SSRC) تحت الإشراف المباشر للقصر الرئاسي المتمثل بالرئيس ودائرته المقربة الأكثر ثقة.
وبدأ برنامج الأسلحة الكيماوية السوري في منتصف الثمانينيات بتوجيه من كبار الضباط المتعاقبين داخل المخابرات الجوية، بمن فيهم نائب الرئيس للشؤون الأمنية، الضابط علي مملوك، والمدير السابق للمخابرات الجوية، جميل الحسن.
وعملت أجزاء من البرنامج بشكل وثيق مع خبراء من روسيا وكوريا الشمالية وإيران، وفق ما ذكره البحث.
وعندما بدأت الثورة 2011، بدأ مركز الأبحاث (SSRC) بتوفير الأسلحة والمعدات الأخرى لحكومة النظام السوري لقمع المظاهرات واستعادة الأراضي من قوات المعارضة، بحسب ما جاء في البحث.
ويشرف اليوم مركز البحوث على تطوير وإنتاج الأسلحة الكيماوية وأنظمة إيصالها، وتخزين الأسلحة، وتركيب الرؤوس الحربية الكيماوية على الصواريخ قبل الهجوم مباشرة.
وبالإضافة إلى الأسلحة الكيماوية، أنتج مركز البحوث (SSRC) براميل متفجرة وقنابل حرارية وذخائر مميتة أخرى، وغالبًا ما تكون لهذه الأسلحة آثار عشوائية ومدمرة على المدنيين، ومع ذلك، فقد استخدمتها حكومة النظام مرارًا وتكرارًا طوال النزاع في انتهاك للقانون الدولي.
وأظهرت التحقيقات الدولية أنه جرى استخدام السارين ضد المدنيين، بمن فيهم الأطفال، ودعا مجلس الأمن الدولي إلى تدمير برنامج الأسلحة الكيماوية السوري، وأشرفت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية (OPCW) على تدمير ترسانة النظام.
بناء مركز الدراسات
ويتسم بناء المركز بالسرية، وفقًا لما ذكره البحث، وتكون عملياته مدفونة في أنفاق تحت الأرض ومخبأة في الجبال، وتتم مراقبة موظفيه عن كثب والاعتقال أو القتل إذا اعتبروا تهديدًا.
وتشرف الإدارة العامة لمركز الدراسات والبحوث العلمية على المعاهد والنشاط ككل، وهي مسؤولة عن الأمن وتوريد المواد الكيماوية والعقود والجوانب الإدارية الأخرى.
وتقع المديرية العامة في منطقة برزة بدمشق، ويقع معهد “2000” في مبنى مجاور.
وبحسب البحث، يدير مركز “SSRC” أربعة معاهد تابعة للإدارة العامة، هي: “المعهد 1000″، “المعهد 2000″، “المعهد 3000″، “المعهد 4000″، والمدير العام لمركز الأبحاث (SSRC) هو الدكتور عمرو الأرمنازي.
وكل معهد مسؤول عن مجموعة متخصصة من الأنشطة المتعلقة بتطوير وتصنيع وصيانة الأسلحة، بما في ذلك الأسلحة الكيماوية.
كما تشرف لجنة “SSRC” على عدد من منشآت الإنتاج والتخزين العالية السرية المنتشرة في جميع أنحاء الجزء الغربي من البلاد.
اقرأ: كي لا تُخنق الحقيقة.. خطوات على طريق العدالة لضحايا الكيماوي
مركز “جمرايا”
ويقع مركز “جمرايا” خلف جبل قاسيون شمال غربي دمشق، وتوجد العديد من وحدات “SSRC” المهمة داخل المركز: “المعهد 1000″، “الفرع 450″، “الفرع 410″، المختبرات البحثية لـ”المعهد 3000”.
ويقع مركز “جمرايا” بالقرب من الإدارة العامة لمركز الدراسات والبحوث والقصر الرئاسي وبعض القواعد العسكرية الاستراتيجية في سوريا، مثل “الفرقة الرابعة المدرعة” و”الحرس الجمهوري”.
“الفرع 450”
ويعتبر “الفرع 450” من أهم فروع مركز الأبحاث (SSRC)، وفق البحث، ويقع داخل “المعهد 1000” في مركز “جمرايا”.
ونظرًا لأنشطته شديدة الحساسية، وفقًا للبحث، فإن “الفرع 450” غير مرتبط بمعهد مثل الفروع الأخرى، وهو تحت الإشراف المباشر للقصر الرئاسي نفسه.
ونطاق مسؤولية “الفرع 450” تكمن في تخزين وخلط وتحميل الرؤوس الحربية بالذخائر الكيماوية قبل الهجوم.
وأشرف مدير “الفرع 450″، العميد غسان عباس، بشكل مباشر على استخدام الأسلحة الكيماوية في هجوم الغوطة الشرقية، وفق ما ذكره البحث، وساعده بذلك اللواء علي وانوس، الضابط الملحق بين “اللواء 105″ بـ”الحرس الجمهوري” ومركز الأبحاث (SSRC).
“المعهد 1000”
يقع “المعهد 1000” (معهد الإلكترونيات) داخل مركز “جمرايا”، ويعمل بشكل أساسي عبر الأنفاق والورش الجوفية، كما أنه يضم “الفرع 450”.
ويعد “المعهد 1000” مسؤولًا عن إنتاج وتطوير الأنظمة الإلكترونية والمحوسبة، وتشمل أنظمة الملاحة والتوجيه والإشارات والاتصالات وأجهزة الرؤية والرادار.
وقام “المعهد 1000” بتخزين الأسلحة الكيماوية في مستودعات “الفرع 450” وفي مستودعات “اللواء 105” بـ”الحرس الجمهوري”، وفق ما ذكره البحث.
ويدير المعهد الدكتور محمد خالد نصري، رئيس مكتب أمن النقيب فراس أحمد، وعوقب أحمد لدوره في نقل وإخفاء المواد المتعلقة بالأسلحة الكيماوية.
ويعتبر العميد طارق ياسمينة شخصًا رئيسًا آخر في “المعهد 1000″، وكان هناك ارتباط بالقصر الرئاسي لهذا المعهد، ولدى ياسمينة تصريح للوصول والإشراف والتدخل في جميع مجالات أنشطة المعهد.
اقرأ: شكوى جنائية ضد النظام السوري بشأن استخدامه الأسلحة الكيماوية في سوريا
“المعهد 2000”
يقع “المعهد 2000” في منطقة برزة بدمشق بالقرب من جبل قاسيون، وهو مجاور للمديرية العامة لمركز الدراسات العليا.
“المعهد 2000” المعروف أيضًا باسم “المعهد الميكانيكي”، كان مسؤولًا عن البحث والتطوير والإنتاج الميكانيكي لبرنامج الأسلحة الكيماوية في سوريا.
ويتكون “المعهد 2000″ من قسمين، قسم للبحث والتطوير، وقسم للإنتاج، وسمي قسم الإنتاج بـ”الفرع 410”.
وبدأ “الفرع 410” العمل في عام 2001، وكان مقره في مركز “جمرايا”، وعمل “الفرع 410” بشكل وثيق مع خبراء أجانب، واستقبل العديد من الزيارات من وفود إيرانية وكورية شمالية.
في عام 2011، بدأ “المعهد 2000” بتزويد حكومة النظام بالأسلحة التي يمكن استخدامها ضد الشعب السوري.
وبدأ “المعهد 2000” بصنع البراميل المتفجرة في عام 2013، وقام بتحويل الألغام البحرية وإعادة تدوير القنابل القديمة والصواريخ القادرة على حمل المواد الكيماوية والبراميل المتفجرة.
وألقت حكومة النظام بشكل غير قانوني عشرات الآلاف من البراميل المتفجرة على المدنيين،
وأنتج “المعهد 2000” أيضًا قاذفات صواريخ وصواريخ طويلة وقصيرة المدى، بما في ذلك صواريخ البركان المستخدمة في هجوم السارين على الغوطة الشرقية في 21 من آب 2013.
“المعهد 3000”
كان لدى “المعهد 3000″، المعروف أيضًا باسم “المعهد الكيماوي”، مختبرات تقع في مركز “جمرايا”، داخل أسوار “المعهد 1000”.
وتقع مسؤولية هذا المعهد في إنتاج العوامل الكيماوية، بما في ذلك السلائف، وهي مركب يشارك في تفاعل كيماوي ينتج مركبًا آخر.
ويمارس المعهد نشاطه من خلال العديد من المراكز السرية المنتشرة في البلاد، الموجودة في الأنفاق أو الجبال.
ويدير “المعهد 3000” الدكتور زهير فضلون، وهو أيضًا مدير شركة “ديماس للأدوية“، أكبر شركة أدوية في سوريا.
وفي عام 2017، وقعت شركة “Dimas Pharmaceuticals” اتفاقية لتوفير المواد الكيماوية إلى “SSRC” اعتبارًا من عام 2018.
كما يتمتع ضابط الأمن في “المعهد 3000” الدكتور سعيد سعيد، بسلطة كبيرة داخل المعهد.
“المعهد 4000”
كان موقع “المعهد 4000″ سابقًا خارج حي السفيرة بحلب شمالي سوريا، وفي عام 2012، مع تقدم قوات المعارضة باتجاه المدينة، نقلت جميع الآليات إلى مصياف وحماة في شاحنات كبيرة برفقة عناصر من الجيش ومرافقة عسكرية أخرى.
وبعد النقل، ألقت حكومة النظام قنابل كبيرة على أحد الفروع السابقة لـ”المعهد 4000” لمنع اكتشاف مخططات أسلحة سرية للغاية.
في مصياف، يضم “المعهد 4000” مصنعًا سابقًا للدفاع ومصنعًا للألمنيوم، بالإضافة إلى عدد من المباني الإضافية وورش العمل تحت الأرض والأنفاق.
ويحتل “المعهد 4000″ مساحة جغرافية واسعة تشمل أجزاء من الوادي بين مركز مصياف ومدينة المحروسة.
وكانت الوظيفة الأساسية لـ”المعهد 4000” إنتاج صواريخ أرض- أرض.
وأنتج “المشروع 99” داخل “المعهد 4000” صواريخ “سكود SSM” بالتعاون مع كوريا الشمالية، ولاحقًا مع خبراء إيرانيين.
كما قام “المعهد 4000” بتصنيع وإنتاج صواريخ باليستية قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى من طراز “شهاب 1” و”شهاب 2″، وصواريخ “فاتح”، وقنابل “M600″، وقنابل الضغط الحراري “ODAB”.
وأشرف “المعهد 4000″، الذي صار جزءًا مما كان يسمى “القطاع 4″، على عدد من الفروع والمشاريع التابعة بما في ذلك “الفرع 340″ (متخصص في أبحاث الصواريخ وتطويرها)، و”الفرع 350″ (متخصص في إنتاج الصواريخ)، و”المشروع 99” (متخصص في إنتاج الصواريخ الباليستية).
واكتسب مركز الأبحاث “SSRC” في مصياف سمعة سيئة باعتباره أول من صنع البراميل المتفجرة في عام 2012.
–