تواجه البلدان في جميع أنحاء العالم مخاطر مناخية متزايدة، خاصة وهي تتصدى للموجات الجديدة لجائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).
وتسببت هذه الجائحة التي لا تزال تتكشف يومًا بعد يوم بخسائر فادحة في الصحة العالمية، وقد تدفع ما يصل إلى 100 مليون شخص للسقوط في حالة من الفقر الشديد.
وبعد أن توحد العالم من أجل التوصل إلى اتفاق “باريس بشأن تغير المناخ” عام 2015، أعدت مجموعة البنك الدولي خطة لزيادة المساندة المالية والفنية للبلدان النامية من أجل تعزيز جهود مكافحة تغير المناخ.
والتزمت المجموعة بزيادة تمويل أنشطة مكافحة تغير المناخ من 20% من حجم الإقراض في عام 2016 إلى 28% بحلول عام 2020، وتجاوز حجم الإقراض المستوى المستهدف كل عام على مدى السنوات الثلاث الماضية على التوالي، وقدمت مجموعة البنك، على مدى فترة خطة العمل، أكثر من 83 مليار دولار لتمويل أنشطة مكافحة تغير المناخ.
وكان من المفترض أن يكون عام 2020 “عامًا مصيريًا” بالنسبة للتغير المناخي، بحسب خطة البنك الدولي، لكن ظاهرة الاحتباس الحراري تراجعت إلى المرتبة الثانية في الاهتمام العالمي بسبب جائحة فيروس “كورونا”، بينما قد يُسهم الوضع الجديد في مكافحة تغير المناخ والتدهور البيئي.
كما أكد على تراجع الاهتمام بالقضايا المناخية الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في إحاطة صحفية بشأن قمة الأمم المتحدة السنوية للمناخ والتنوع البيولوجي، التي كان من المقرر عقدها في تشرين الثاني المقبل، في غلاسكو باسكتلندا، لكن تم تأجيلها إلى عام 2021.
وكان من المتوقع أن تطرح 196 دولة خططها المُحدثة للوفاء بأهداف خفض الانبعاثات المحددة بموجب اتفاقية “باريس” قبل القمة، ولكن منع تفشي “كورونا” تطبيق تلك الخطط.
المناخ ضحية من ضحايا “كورونا”
ويُمثّل ما سبق أحدث مؤشر على أن الجهود العالمية للتصدي لتغير المناخ صارت آخر ضحايا فيروس “كورونا”.
ويرجع ذلك إلى تعليق الاجتماعات الدولية المتصلة بالمناخ، مثل تلك الخاصة بالتنوع البيولوجي والمحيطات، وإذا لم تكن الحاجة إلى حشد جهود الحكومات لمعالجة قضايا المناخ أكثر إلحاحًا مما هي عليه الآن، فسيزيد الأمر صعوبة ضمن العجز عن جمع قادة العالم لمعالجة قضية التغير المناخي، وفقًا لتقرير مجموعة البنك الدولي حول التغير المناخي، الصادر في 14 من تشرين الأول الحالي.
ويمكن أن تهدد أزمة تفشي فيروس “كورونا” أيضًا الجهود المحلية داخل البلدان النامية للوفاء بالالتزامات المناخية التي تم التعهد بها بالفعل.
وخضع الاتحاد الأوروبي لضغوط من أجل تأجيل مبادرات مناخية مهمة في العام الحالي، مع دعوة بولندا إلى تعليق برنامج “مقايضة انبعاثات الكربون”، ودعوة جمهورية التشيك إلى التخلي عن مشروع قانون المناخ التاريخي للاتحاد.
وضغطت شركات الطيران أيضًا على الجهات الناظمة لتأخير سياسات خفض الانبعاثات، إذ أعلنت الصين عن تأخيرات مماثلة، ومدّدت المواعيد النهائية الممنوحة للشركات للوفاء بالمعايير البيئية، وأجلت مناقصة متعلقة بالحق في بناء العديد من مزارع الطاقة الشمسية الضخمة.
وبينما واجهت الحكومات حول العالم في الأسابيع القليلة الماضية مهمة إعادة إطلاق اقتصاداتها، يستمر عمل المنظمات المعنية بقضية التغير المناخي من أجل التأكد من أن حماية حقوق الإنسان والالتزامات المتعلقة بالمناخ لن تكون ضمن الأضرار الجانبية للاستجابة لفيروس “كورونا” حول العالم، وستحدد النتيجة قدرة تلك المنظمات على تخفيف ما يهدد بأن يكون التغير المناخي كارثة عالمية أكبر بكثير حتى من الفيروس المتفشي.
وتداول الأفراد على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول العالم صورًا ملتقطة بالأقمار الصناعية تُظهر انخفاضًا كبيرًا في تلوث الهواء في بؤر انتشار فيروس “كورونا” حول العالم، ما يعطي بعض الأمل في قضية مهمة على المستوى العالمي، لكن تلك الصور تذكر الأشخاص أيضًا بأن أزمة المناخ ستعود حين تنتهي الجائحة العالمية.
–