عنب بلدي – إدلب
“إذا كانت إصابته كبيرة يا بوصل معنا أو ما بوصل”، هكذا وصف صخر بدران خطورة الاضطرار لإسعاف المصابين والمرضى عشرات الكيلومترات للحصول على العناية الطبية.
يعاني سكان جبل الزاوية جنوبي إدلب من تردي الوضع الصحي في ظل غياب المنظمات الطبية عن المنطقة، إذ يقتصر العمل على مركز طبي وحيد “إسعافي” يعمل فيه متطوعون دون وجود أطباء مختصين.
في استطلاع أجرته عنب بلدي ضمن المنطقة، من خلال برنامج “شو مشكلتك”، اشتكى السكان من عدم وجود مستشفيات أو مراكز طبية مجهزة في المنطقة، رغم عودة السكان الذين اضطروا للنزوح بداية العام الحالي.
أقرب الطرق للوصول إلى المراكز الطبية تحتاج إلى قطع أكثر من 35 كيلومترًا، ما يفرض المخاطرة بحياة المريض ودفع تكاليف “باهظة” حسب الوضع المعيشي لذويه.
“الخطر”.. سبب ونتيجة
أُصيب ابن صخر نتيجة القصف على إحسم، ولم يجد سبيلًا لإنقاذه سوى بالإسراع إلى المستشفى البعيد الذي تمكنوا فيه من إزالة ثلاث من الشظايا الأربع العالقة في جسده الصغير، “لا علاج في المنطقة، إننا مضطرون لاستخدام السيارات الخاصة إلى إدلب أو باب الهوى لعدم وجود سيارات لإسعاف المصابين”.
لا يملك المركز الطبي المتوفر في المنطقة التجهيزات والكوادر الملائمة لعلاج حالات الإصابة بالشظايا لكنه يستقبل 120 حالة يوميًا، “يقدم لها الخدمات الصيدلية والإسعافات الأولية، والحالات الصعبة نحولها إلى مستشفيات مدينة إدلب”، حسبما قال مدير المركز، محمد نذير الخطيب، لعنب بلدي.
وقال مدير مركز “الدفاع المدني” في جبل الزاوية، طارق علوش، إن فرق الإسعاف تعمل يوميًا على نقل أكثر من 15 حالة مرضية إلى مدينة إدلب التي تبعد عن المنطقة أكثر من 40 كيلومترًا.
وصف أحمد رحال، من خلال مشاركته في استطلاع عنب بلدي، الخدمات الصحية المتوفرة بالمنطقة بـ”صفر”، مشيرًا إلى أن ما يقوم به المركز الصحي هو تقديم الحبوب أو الحقن مع اضطرار المرضى والمصابين إلى استئجار سيارات خاصة للوصول إلى المستشفيات القريبة.
في حين اعتبر الخطيب أن قلة الاهتمام بالمنطقة ونقص رعايتها سببه الخوف والقلق من تعرضها الدائم للقصف وتصورها كخط للاشتباك، “لكن على العكس”، كما قال، فقد عاد “أغلب سكانها”.
بقي مصير جبل الزاوية مجهولًا رغم مرور أشهر على اتفاق الضامنين الروسي والتركي على وقف إطلاق النار، وتقدم قوات النظام السوري جنوب الطريق الدولي “M4″، منذ 5 من آذار الماضي.
اضطر نحو مليون شخص للنزوح من ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي شمالًا خلال الحملة العسكرية، لكن أكثر من 220 ألفًا فضّلوا العودة إلى المنطقة رغم استمرار الخروق، وفق تقدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، حتى بداية أيلول الماضي.
وبلغت عدد الخروق العسكرية لوقف إطلاق النار 2793 خرقًا، وفقًا لبيان أصدره فريق “منسقو استجابة سوريا“، في 21 من أيلول الماضي، سببت مقتل 29 شخصًا، واستهدفت 13 منشأة حيوية.
بانتظار الرد
يتواصل المركز الصحي مع المنظمات الطبية، وينتظر قدومها لافتتاح المستشفيات أو المراكز الطبية في المنطقة، حسبما قال محمد الخطيب.
رغم مرور أشهر على انسحاب المنظمات والمستشفيات، خوفًا من القصف ومن تقدم قوات النظام، ما زال هذا العائق الأول أمام عودة الخدمات للمنطقة، حسبما قال رئيس دائرة المستشفيات في مديرية صحة إدلب، حسن قدور، لعنب بلدي.
وأكد قدور أن مديرية الصحة ما زالت تتواصل مع المنظمات بهدف إعادة تفعيل المراكز الصحية والمستشفيات في جبل الزاوية، واعتبر أن الوضع الأمني في المنطقة أصبح “مقبولًا نوعًا ما” لعودتها.
أسهم في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في إدلب يوسف غريبي