عنب بلدي –ريف إدلب
مع شروق الشمس كل صباح، تنتشر في مخيم “السلطان” بريف إدلب الشمالي رائحة خبز التنور، والنساء يتنقلن بين الخيام حاملات سلال الأرغفة على رؤوسهن.
تفتخر بثينة بسرعتها في العجن والخبز، في حين تستمتع جاراتها في التعاون والحديث في أثناء صناعة أقراص الخبز والفطائر، بعد أن أعادت لهن أفران التنور ذكريات القرى التي غادرنها.
بالطحين والعجن.. حل لأزمة الخبز
رغم نظرة التعب التي يحملها وجه المرأة الستينية، فإنها “سعيدة” بتجهيز أفران التنور، “أذكر ضيعتي وكلما عجنت أبكي”.
نزحت بثينة من قرية معرشمشة في ريف معرة النعمان قبل عام، برفقة أبنائها الـ11، ليستقروا في مخيم “السلطان”، وهم يحتاجون من ست إلى سبع ربطات خبز يوميًا، بتكلفة تتراوح ما بين ثلاثة إلى أربعة آلاف ليرة سورية، كانت العائلة تؤمّنها بصعوبة.
امتلأت يدا بثينة المجعدتان بالطحين وهي تجهز الأرغفة وتحضر ما يكفي لتأمين طعام العائلة، “خبز التنور أفضل من الخبز العادي، يبقى صالحًا طوال الأسبوع”.
بتبرع شخصي قبل أربعة أشهر امتلك أهالي المخيم، البالغ عددهم 200 عائلة، ثمانية أفران لخبز التنور، جُهزت في غرف تسمح بتحضير الخبز والعجين ضمنها.
من المغرب تبدأ بثينة بنخل الطحين وتجهيز الأقراص، التي تفردها وترقها قبل لصقها بجدار التنور المحمّى لتجهز سريعًا وتترك مكانها للرغيف التالي، “أعجن وأقرص وأخبز ومن صلاة الصبح أبدأ بفرد الأرغفة”.
جلست في إحدى غرف التنور الجارات مع بعضهن وهن يفردن حشوة الفليفلة على أقراص الخبز الرقيقة، ويتبادلن الأحاديث، ووقف الشاب الثلاثيني ليصف أثر الأفران على أهالي المخيم لعنب بلدي.
الحصول على الخبز سابقًا كان يمثل معاناة للسكان النازحين، إذ لم يكن المخيم يحصل على مساعدات كافية من المنظمات الإغاثية، حسبما قال هويدي سلطان من لجنة أعضاء المخيم.
التكلفة الوحيدة التي يضطر أهالي المخيم لدفعها اليوم، كما قال هويدي، هي وقت العجن وجهده، بعد أن تكفل المتبرع بالطحين والحطب.
تخطط المنظمات الإغاثية لزيادة أعداد المستفيدين من دعم الخبز، ووفقًا لتقييم قطاع الأمن الغذائي في شمال غربي سوريا فإن خطة توزيع الخبز زادت عدد المستفيدين في إدلب من 673 ألفًا إلى 975 ألفًا من تموز إلى أيلول الماضيين.
وفي حين ارتفعت أسعار الخبز 22% بالفترة ما بين نيسان وأيار الماضيين، وأُغلقت 30% من المخابز في المنطقة، فإن بعض عائلات المخيم “كانت تقضي أيامًا بلا خبز”.
قدمت أفران التنور حلًا لأزمة الخبز، إذ يوزع الطحين بالتساوي على أفراد المخيم، وتعجن النساء عادة مرة كل أسبوع الكمية الكافية لأسرهن.
الفرق بين خبز التنور وخبز الفرن الآلي “كبير”، برأي هويدي، فرغم استخدام طحين ذي جودة عالية في المخابز، فإن للتنور، حسب وصفه، “نكهة ولذة خاصة” ترتبط بذكريات سكان المخيم.