“مجنون جبران”.. مرآة مجتمع تغيب عنه الأخلاق
يعتبر كتاب “المجنون” من ضمن الأعمال الأدبية التي صدرت باللغة الإنجليزية للشاعر اللبناني جبران خليل جبران، الذي خرج من خلاله على كثير من الموروثات والتقاليد الاجتماعية التي رآها بالية لا تصلح ليعيش فيها المجتمع بسلام وطمأنينة.
يتقمص جبران شخصية المجنون الذي وجد بجنونه الحرية والنجاة معًا، “حرية الانفراد، والنجاة من أن يدرك الناس كياني، لأن الذين يدركون كياننا إنما يستعبدون بعض ما فينا”، بحسب صفحات الكتاب.
و”حرية الانفراد” التي تحدث عنها المجنون، تتمثل برغبته في المشي وحده في حارات وشوارع المدينة وعلى شاطئ بحرها، بعيدًا عن تناقضات ما يعيشه من واقع بائس مرير، ويبرز ذلك في حديثه متخيلًا صاحبًا له يناجيه ويُفضي إلى عدم التقارب بينهما رغم الصداقة، إذ تختلف نظرة كل منهما إلى فكر الآخر، قائلًا له “أما أنت فقد مزقت الأرياح نسيج أفكارك القديمة البالية، فبت قاصرًا عن إدراك أفكاري العميقة المرفرفة فوق البحار، وحسن أنك لم تدرك كنهها، لأنني أريد أن أمشي على البحر وحدي”.
وتتنوع القضايا التي ناقشها الكتاب بين السياسية والفكرية والاقتصادية وحتى الرومانسية، من خلال عرضه قصصًا قصيرة تتناول هذه القضايا.
وقدم الكتاب (143 صحفة) حكاية ناسكين يدوران حول الحقيقة ولا يقبلانها في أي نقاش بينهما، فيستسلمان أمام عدم جدوى حديثهما دون تحقيق هدف معيّن، إشارة إلى ما كان يدور بين الناس في المجتمع من أعمال لا تقترب أبدًا من أي قيمة أخلاقية، وفق وجهة نظر شخصية المجنون، وينعدم فيها تطبيق العدالة بسبب كثرة الفساد واستسلام الناس ليأسهم فلا يميزون بين الشر والخير.
يرى المجنون ما لا يراه الناس بأنفسهم، ينسج من خلال تحليله للمجتمع حقائق لا يتقبلها الناس على الرغم من جنونه، فيصور جبران هذه الشخصية بأنها أعقل الناس كونها تواجه الواقع غير المرغوب به وغير الفاضل، الذي تسود فيه الفوضى، ويحكمه الشر المطلق، حيث يتجرد الإنسان من إنسانيته، وفق الكتاب.
جبران خليل جبران شاعر وروائي لبناني، ولد في بلدة بشري شمالي لبنان عام 1883، سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية صغيرًا فأخذ جنسيتها وبدأ مسيرته الأدبية هناك، درس الرسم، وأسس “الرابطة القلمية” التي جمعت عددًا من أدباء المهجر، مثل ميخائيل نعيمة ونسيب عريضة، وكانت رواية “النبي” إحدى أهم رواياته التي اشتهر بها في الغرب عام 1923، ومن أهمها أيضًا “عرائس المروج”، و”الأرواح المتمردة”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :