تعا تفرج
أكل هوا دولي
خطيب بدلة
أبناء الشعب السوري، حينما يشاهدون رجلًا يعجّق في رزق عباد الله، ويقول ما يخطر، وما لا يخطر بباله دون تفكير أو مراجعة، ويأتي بكلمة من الشرق وكلمة من الغرب، يطلقون عليه تشكيلة واسعة من الصفات، منها: حكاء، وكرار، وعلاك، وفرام، ولتات، وأكّال هوا… وهم يعتقدون أن مثل هذه الأوصاف تنطبق على بعض الأفراد فقط، ولا يخطر ببالهم أنها تصلح لوصف الدول.
الحقيقة أن العلاك و”التبجيق” وأكل الهوا الدولي، حينما يتعلق الأمر بالقضية السورية، قد وصل في الآونة الأخيرة إلى محازم الخيل، فحيثما تلفتَّ، أو أصغيت لنشرة أخبار، أو دخلت إلى موقع إخباري، وحتى في “فيسبوك” و”تويتر” و”إنستجرام”، يطالعك حضور آسر لممثل دولة كبرى، أو صغرى، أو متوسطة الحجم، وهو مسترسل في تعجيقه وأكل هوائه… من ذلك التصريح الذي أدلى به نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، حيث قال: الأمر لا يتعلق فقط بوجود أو تقليص القوة العسكرية للدول الأجنبية، بل يتعلق بحل مشكلة الإرهاب! وقال أيضًا: إن سوريا يجب أن تكون موحدة ومتكاملة إقليميًا وذات سيادة! (المصدر عنب بلدي).
لو كان أكل الهوا، يا سيدي، يصلح للمناقشة، لانبرينا لهذا المسؤول وسألناه على طريقة أهل إدلب: إرهاب أشو يا عين عمك؟ عليك الطلاق من الرفيقة بوغدانوفة، هل بقي أحد في العالم لم يمارس الإرهاب على الشعب السوري ابتداء من ابن حافظ الأسد وليس انتهاء بوزير خارجيتك لافروف الذي يسهم في أكل الهوا بتصريح يقول فيه إنه لا توجد ضرورة لعمل عسكري في إدلب؟ ومتى؟ بعد 2800 طلعة للطيران الروسي والأسدي فلحت البلاد الإدلبية فلاحة، وقتلت ما فتح الله ورزق من الناس الذين كرهوكم، وكرهوا نظام الأسد، والمعارضة، والثورة، ولجان الإغاثة، وربطة الخبز، وأمبيرات الكهرباء، وما عادوا يريدون منكم شيئًا غير أن تحلوا عن سمائهم؟
وتتحدث عن وحدة سوريا، يا بوغدانوف البطل، بعدما مزقتموها، ورفعتم “الفيتو” عشرات المرات ضد تحررها من الاستبداد، وحميتم مَن ضربها بالكيماوي، ومنعتم تطبيق القرار 2254 الذي أسهمتم في صياغته، وسحبتم البساط من الشرعية الدولية، ونقلتم المفاوضات إلى أستانة وسوتشي وبطيخ مبسمر، وجعلتم أقصى طموح شعبها التفكير بما يجري في اللجنة الدستورية التي ولدت ميتة، أو على طريق الدوريات المشتركة في “M4″ و”M5”. هل تستطيع، يا رفيق بوغدانوف، أن تحافظ على سيادة سوريا (حتى ولو بقيادة زلمتكم بشار الأسد!) فتجبر الإيرانيين على الخروج من سوريا؟ وهل لديك الجرأة على مطالبة الجيش التركي بالانسحاب فيما لو كان هذا الانسحاب لمصلحة السيادة التي تأكلون هَوَا بخصوصها؟ هل تستطيع الطلب من إسرائيل أن تقلل (إقلالاً وليس إلغاء) من قصف المواقع السورية والإيرانية، وتقنع أمريكا بمغادرة شرق الفرات؟
صدقني يا رفيق بوغدانوف أن تدخلكم في الشأن السوري قد حولكم إلى مضحكة بين الأمم، وعلى الرغم من السلبطة الهائلة التي مارستموها على ابن حافظ الأسد، وجعلتموه يبيعكم سوريا بالجملة والتقسيط، فقد أصبحت تصريحات مسؤوليكم شديدة الشبه بتصريحات أحمد شلاش وبثينة شعبان. فتأمل!
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :