شهدت مناطق سيطرة النظام السوري، خلال أيلول الحالي، أزمة بنزين، خاصة عقب تخفيض وزارة النفط والثروة المعدنية مخصصات البنزين للسيارات الخاصة مع كل تعبئة.
وبرر وزير النفط والثروة المعدنية في سوريا، بسام طعمة، في 16 من أيلول الحالي، أزمة المحروقات في مناطق سيطرة النظام، بأعمال الصيانة (العمرة) في مصفاة “بانياس”، والعقوبات الأمريكية على النظام السوري، وسيطرة واشنطن على حقول النفط السورية في شمال شرقي سوريا.
وتعوّل الحكومة على عودة مصفاة “بانياس” إلى العمل، كوسيلة للخروج من الأزمة، إذ تزود المصفاة مناطق سيطرة النظام بثلثي حاجتها من البنزين.
المصفاة ليست الحل
إلا أن انتهاء أعمال “العمرة” في المصفاة لن تحل الأزمة حسب حديث المحلل الاقتصادي يونس الكريم لعنب بلدي.
والمشكلة ليست بإصلاح المصفاة، وإنما بتأمين النفط الخام، والحكومة تحاول كسب وقت لتأمين شحنات نفط تخفف الضغط عن المحطات.
لكن إيران تخضع لعقوبات مشددة لا تستطيع الدول خرقها لأنها أممية، وروسيا ليس في نيتها منح سوريا شحنات من المحروقات قبل أن ينصاع النظام، بحسب الكريم، والنظام الآن ليس في وارد الانصياع أمام الطلبات الكثيرة لروسيا التي لا تنتهي، وعلى رأسها الطلبات الاقتصادية.
وفي حديث سابق لعنب بلدي، قال رئيس “منتدى الاقتصاديين العرب”، سمير العيطة، إن العقوبات الغربية على النظام السوري أثرت على مخزون المشتقات النفطية طوال سنوات الحرب.
وكان الميزان النفطي لسوريا يميل إلى العجز حتى قبل 2011، رغم ما كان يصدره من نفط، ثم جاءت العقوبات الغربية لتجعل هذا العجز بين مليارين وأربعة مليارات دولار سنويًا رغم انخفاض الاستهلاك “بشكل كبير”، حسب العيطة.
وأوضح العيطة أن العقوبات الغربية حالت دون استيراد المشتقات النفطية بشكل مباشر، إذ “لا يمكن فتح اعتمادات شراء ولا إجراء تأمين للسفن لنقلها كنتيجة مباشرة أو ثانوية للعقوبات، وهو ما أدى إلى زيادة التبعية لإيران وروسيا، وبالتالي ازدياد حركة التهريب”.
وبحسب بيانات موقع “بريتش بتروليوم” للنفط، فإن إنتاج النفط في سوريا بلغ 406 آلاف برميل في عام 2008، وانخفض إلى 24 ألف برميل في عام 2018.
أمراء الحرب أو الأمم المتحدة.. حلول للنظام
وأمام حكومة النظام حلان للخروج من الأزمة، حسب الكريم، إما تسليم ملف المحروقات لـ”أمراء الحرب”، وهم يؤمّنون السلعة ويبيعونها، وهذا يعني تعويم أسعار المحروقات.
وهذا الحل له تبعات تتعلق بالسياسات الحكومية تجاه تصريف الدولار الأمريكي، في حال حصر التجار بيع المحروقات بالدولار.
والحل الآخر بالضغط على الأمم المتحدة لتأمين وقود السيارات داخل سوريا، وتعتبر نقطة تعامل مع النظام، ويستطيع من خلالها خرق العقوبات والحصول على البنزين والمازوت.
وقال رئيس مجلس الوزراء في حكومة النظام، حسين عرنوس، أمام مجلس الشعب اليوم، الخميس 24 من أيلول، إن مصفاة بانياس ستعود للإقلاع بداية تشرين الأول المقبل، و”سنعمل بكل الوسائل على ألا تتكرر هذه الازمة، لكن الحصار يفرض علينا تحديات تتطلب منا التعامل معها بشكل آني”.
وأعمال الصيانة المسماة بـ”العمرة” تتضمن الصيانة والإصلاحات الفنية الضرورية للمصفاة.
وقال وزير النفط، بسام طعمة، في 16 من أيلول الحالي، إن الإنتاج سيعود بزيادة 25% في مادة البنزين، لأن “العمرة” تشكل انطلاقة جديدة للمصفاة، فهي لم تنفذ منذ سبع سنوات.
وكانت “الأفران” في المصفاة وصلت إلى مراحل “خطيرة جدًا”، وصارت تشكل خطرًا على أمن المنطقة المحيطة والبيئة، لذلك اُتخذ قرار بإيقافها وإجراء “العمرة” السنوية، حسب طعمة.
وخفضت وزارة النفط التوزيع من مخزونها الاحتياطي 10% “في مرحلة ما”، واضطرت لتخفيضه بين 30 و35% لفترة مؤقتة، لأن العقوبات الأمريكية منعت وصول التوريدات، حسب طعمة، الذي لم يبين الجهة الموردة.
ونقل مراسلو عنب بلدي في أكثر من محافظة سورية مشاهد لطوابير سيارات تنتظر لتعبئة البنزين.
ويصل سعر ليتر البنزين في السوق السوداء إلى ألف ليرة، بينما يبلغ سعره المدعوم في محطات الوقود 250 ليرة سورية لليتر الواحد من “نوع أوكتان 90” و575 ليرة من “نوع أوكتان 95″، ويحصر البيع بالسعر المدعوم بـ”البطاقة الذكية” فقط.
–