سرطان يصيب نوعًا من الخلايا.. ماذا تعرف عن اللمفوما

  • 2020/09/20
  • 11:17 ص
اللمفوما

د. أكرم خولاني

كثيرًا ما يحدث تضخم عقدة لمفاوية أو أكثر لسبب ما، وهذا ما يسبب القلق عند المريض وذويه والخوف من كون هذا التضخم ناجمًا عن الإصابة بالسرطانات، رغم أنه من النادر أن يعني التضخم المُشاهد في العقد اللمفاوية أن الشخص مصاب بالسرطان، فالتشخيصات الأكثر احتمالًا تتضمن الإنتانات القريبة من العقدة أو في العقدة بحد ذاتها، بالإضافة إلى بعض الأمراض التي تسبب ضخامة عقد لمفاوية متعددة، ولكن حتى عند وجود سرطان بالعقد اللمفاوية (لمفوما) فإن الأعراض تكون غير نموذجية وغير نوعية، ما قد يؤخر التشخيص.

ما هي اللمفوما

اللمفوما هي السرطان الذي يصيب نوعًا من الخلايا التي تقاوم الإنتانات ضمن الجهاز المناعي عند الإنسان، والتي تُدعى الخلايا اللمفاوية، وهذه الخلايا توجد في الجهاز اللمفاوي الذي يتضمن العقد اللمفاوية (الغدد اللمفاوية) والطحال والغدة الزعترية (التيموس) ونقي العظم، قد تصيب اللمفوما كل هذه المناطق بالإضافة إلى أعضاء أخرى في جميع أنحاء الجسم، وعندما يحدث هذا السرطان فإن الخلايا اللمفاوية تصبح خارج السيطرة، لكنه قابل للعلاج.

ويوجد نمطان رئيسان للمفوما هما:

  1. لمفوما هودجكن (Hodgkin’s lymphoma)، دُعيت سابقًا بداء هودجكن، نسبة إلى مكتشفه العالم توماس هودجكن، وتشكل 15% من مجموع اللمفومات، وعادة ما تصيب الفئات العمرية ما بين 15 و40 عامًا وفوق الـ55 عامًا، وهي أكثر شيوعًا بفارق بسيط لدى الذكور مقارنة مع الإناث، كما أنها أكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين هم من طبقة اجتماعية واقتصادية مرتفعة.
  2. لمفوما لا هودجكن (non-Hodgkin lymphoma)، تعرف بأنها كل الأورام اللمفاوية عدا ليمفوما هودجكن، وهي الأشيَع، إذ تشكل 85% من مجموع اللمفومات، وتكون أكثر شيوعًا لدى الأطفال الذكور منها لدى الإناث، وأكثر شيوعًا لدى الأطفال الكبار منها لدى الصغار، وهناك أكثر من 30 نمطًا فرعيًا مختلفًا من لمفوما لا هودجكن.

يكمن الفرق الأساسي بين لمفوما هودجكن ولمفوما لا هودجكن بالخلية اللمفاوية النوعية الموجودة في كل منهما، فعند فحص الخلايا السرطانية تحت المجهر، في حال الكشف عن وجود نمط معيّن من الخلايا الشاذة يُدعى خلية ريد ستيرنبيرغ، عندها تكون اللمفوما “لمفوما هودجكن”، وفي حال عدم وجود هذه الخلايا فتكون اللمفوما من نمط “لمفوما لا هودجكن”.

يساعد تحديد نمط اللمفوما على تحديد الإنذار والعلاج المناسب، فلنمطي اللمفوما سير مرضي وخيارات علاجية مختلفة، وبالتالي فإن التشخيص الدقيق هو جزء من الرعاية المناسبة.

ما أعراض الإصابة باللمفوما؟

في المراحل المبكرة لا تتسبب اللمفوما بأي عرَض، ولكن قد يكتشف الطبيب في أثناء الفحص الدوري لسبب آخر تورما لإحدى العقد اللمفاوية، التي يمكن أن تُجس على شكل عقد صغيرة طرية غير مؤلمة تحت الجلد، في منطقة الرقبة أو أعلى الصدر أو تحت الإبطين أو في المنطقة الأربية، ويشكل تورم العقد اللمفاوية العرَض الرئيس في اللمفومات.

وفي المراحل الأكثر تقدمًا قد تظهر أعراض غير نوعية، لذلك قد يتجاهلها المريض تمامًا ظنًا منه أنها أعراض لمرض بسيط، ومن هذه الأعراض: تعب دائم، ألم عظمي، حمى، سعال، فقدان شهية، تعرق ليلي، ضيق نفس، طفح جلدي، حكة، ألم وشعور بامتلاء البطن، فقدان وزن غير مُفسَّر.

ما أسباب حدوث اللمفوما؟

تبدأ الإصابة عندما تتطور طفرة جينية في كريات الدم البيضاء اللمفاوية، تدفع الخلية لأن تتضاعف بسرعة ما ينتج عنه استمرار عدة خلايا لمفاوية مصابة بالتضاعف، كما تسمح الطفرة للخلايا بالاستمرار بالحياة في حين تموت بقية الخلايا، ما ينتج عنه عدة خلايا لمفاوية مصابة وغير فعالة في العقد اللمفاوية، ما يؤدي إلى تورم هذه العقد وتضخمها.

ولا يعرف سبب مؤكد لحدوث اللمفوما، لكن يوجد بعض عوامل الخطر التي تزيد من حدوثها، مثل:

  • العمر: بعض أنماط اللمفوما أشيَع عند البالغين الصغار، بينما يُشخص بعضها غالبًا عند أفراد أكبر من 55 عامًا.
  • الذكور: الذكور أكثر عرضة بقليل لتطوير اللمفوما من الإناث.
  • ضعف الجهاز المناعي: مثل الأطفال الذين يولدون مع مشاكل في جهاز المناعة، أو الذين أجريت لهم عمليات زراعة أعضاء، أو الأشخاص المصابين بأمراض بالجهاز المناعي، أو المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، أو من يتناولون أدوية مثبطة للمناعة.
  • وجود عدوى معينة: مثل الإصابة بفيروس إيبشتاين- بار، أو فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، أوالجرثومة الملوية البوابية.
  • المواد الإشعاعية: مثل التعرض للعلاج الإشعاعي أو الإشعاعات الناجمة عن التفجيرات الذرية أو الحوادث النووية.
  • المواد الكيماوية: مثل التعرض للبنزين أو المبيدات الحشرية المستخدمة في الزراعة.
  • الوراثة: قد يلعب وجود أخ مصاب أو أخت مصابة بلمفوما لا هودجكن دورًا في زيادة مخاطر إصابة الطفل أو الشخص بهذا المرض.

كيف يتم التشخيص؟

  • الفحص السريري: لتحري وجود العقد اللمفاوية المتورمة في العنق والإبط والمنطقة الإربية، بالإضافة للتحري عن تضخم الطحال أو الكبد.
  • الفحوص الدموية: حيث يقدم تحديد عدد الخلايا ضمن عينة الدم مفتاحًا للتشخيص.
  • إجراء خزعة من نقي العظم: ويتضمن إدخال إبرة ضمن عظم الورك أو القص لإزالة عينة من نقي العظم، وتُحلل هذه العينة للبحث عن خلايا اللفموما.
  • استئصال عقدة لمفاوية للفحص: يتم التشخيص النهائي لسرطان الغدد اللمفاوية عن طريق أخذ خزعة من العقدة اللمفاوية، وهذا يعني الاستئصال الجزئي أو الكلي للعقدة اللمفاوية التي تم فحصها تحت المجهر، ويكشف هذا الفحص المظاهر التشريحية المرضية التي قد تشير إلى سرطان الغدد اللمفاوية.
  • استقصاءات التصوير: للبحث عن وجود اللمفوما في مناطق أخرى من الجسم، ومن هذه الاستقصاءات تصوير الصدر، تصوير مقطعي محوسب (CT) مع عامل تباينيّ (Contrast agent)، تصوير مقطعي بالرنين المغناطيسي (MRI)، تصوير بواسطة مشعرات مشعة (radioactive signs)، ومؤخرًا فحص التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (Positron emission tomography- PET).

كيف تعالج اللمفوما؟

الأورام اللمفاوية تكون قابلة للشفاء إذا تم اكتشافها في مراحل مبكرة مع توفر طرق العلاج الحديثة، وتعتمد طريقة المعالجة على نوع المرض ومراحله والصحة العامة للمريض بالإضافة إلى تفضيلاته، وتتضمن معالجات اللمفوما:

  • الرعاية المسكّنة: هي رعاية طبية متخصصة تركز على الأعراض، والآلام، والقلق الناتج عن الإصابة بمرض خطير.
  • المراقبة الفعالة: تنمو بعض أنماط اللمفوما ببطء شديد خلال سنوات عديدة، لذلك قد يختار الطبيب الانتظار والمتابعة للمريض الذي لا تظهر عليه الأعراض قبل البدء بالمعالجة، وذلك لأن الأضرار والمخاطر الناتجة عن العلاج تفوق الفوائد، ويخضع المريض خلال هذه الفترة لفحوص دورية لمراقبة حالته، إلى أن تظهر أعراض وعلامات تتعارض مع النشاطات اليومية للمريض، وعندها يتم البدء بالعلاج.
  • المعالجة الكيماوية: تعطي توليفة دوائية، طبقًا لبروتوكولات أُعِدّت وبنيت على أساس مبادئ مركبة، من جانب مجموعات متعددة الجنسيات من مراكز كبيرة متخصصة بالأورام، وتعطى الأدوية عادة عبر الوريد أو كحبوب فموية.
  • المعالجة الإشعاعية: التوجه السائد يميل إلى تقليص استخدام هذه الطريقة حتى الحد الأدنى الممكن.
  • زرع نقي العظم: يُعرف أيضًا بزرع الخلية الجذعية، ويتضمن استخدام جرعات عالية من المعالجة الكيماوية والإشعاعية لتثبيط نقي العظم، ومن ثم تُحقَن خلايا جذعية لنقي العظم (من جسم المريض أو من متبرِّع) ضمن الدم حيث تنتقل إلى العظام وتعيد بناء نقي العظم.

وتتنوع نسبة الشفاء من اللمفومات بشكل كبير بين المرضى، وذلك بحسب درجة الورم الحاصلة ونوع اللمفوما، وعادة ما يتم قياس نسبة الشفاء من سرطان الغدد اللميفاوية، وكثير من أنواع السرطانات، بمعيار البقاء لمدة خمس سنوات، الذي يعني احتمالية استمرار المريض على قيد الحياة لمدة خمس سنوات منذ وقت تشخيص السرطان، ويقدر معدل البقاء لمدة خمس سنوات عند مريض لمفوما هودجكن بالمرحلة الأولى بحوالي 90%، بينما يبلغ في المرحلة الرابعة، وهي أشد المراحل، حوالي 65%، بينما عند مريض لمفوما لا هودجكن يبلغ معدل البقاء لمدة خمس سنوات حوالي 70%.

مقالات متعلقة

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية