احمرار الدم.. ما أعراضه وهل يستدعي العلاج؟
د. أكرم خولاني
إذا كنت تعاني من حكة في معظم أنحاء جسمك مع صداع وطنين وتعب عام واضطراب في الرؤية، فربما أنت مصاب باحمرار الدم، ولذلك فإننا سنعرفك بهذا المرض وأنواعه وطرق علاجه.
ما المقصود باحمرار الدم؟
يعرف احمرار الدم، أو ما يعرف بكثرة كريات الدم الحمر (Polycythemia)، بأنه الازدياد غير الطبيعي في مجموع كتل كريات الدم الحمر عن المعدل الطبيعي لنفس الجنس والعمر والبيئة، ويعتبر هناك احمرار دم في حال كان خضاب الدم أكثر من 18.5 غ/ دل لدى الرجال و16.5 غ/ دل لدى النساء أو ما يعادله من دلائل أخرى على زيادة كتلة الكريات الحمر، مثل ارتفاع هيماتوكريت الدم، ولا يشترط في كل الحالات ازدياد عدد كريات الدم الحمر في الجسم، حيث يمكن أن نميز نوعين لاحمرار الدم:
احمرار الدم الكاذب: تكون زيادة الكريات الحمر نسبية (relative increase)، أي إنها تنتج عن نقصان في حجم البلازما، ما يزيد تركيز الكريات الحمر بالنسبة إليها، وتحدث في حالات نقص الإماهة لأي سبب كان، كحالات الحروق أو الاستخدام المفرط للأدوية المدرة للبول، كما نجد هذا النوع عند مرضى التالاسيميا الصغرى.
احمرار الدم الحقيقي: تكون زيادة الكريات الحمر مطلقة (absolute increase)، وتحدث الزيادة لأسباب مرضية وفيزيولوجية متعددة، ونميز بين نوعين من احمرار الدم الحقيقي:
1- احمرار الدم الأولي: يسمى كثرة الحمر فيرا (polycythemia vera)، وفيه ينتج نقي العظم كمية كبيرة من بعض أنواع الخلايا الدموية (الحمر والبيض والصفيحات) بسبب طفرة في جين البروتين “jack2” (janus kinase 2) المسؤول عن تكاثر الخلايا، ما يؤدي إلى تكاثرها بشكل ورمي، فهو نوع من الأورام النقوية التكاثرية ببطء خلال مدة زمنية طويلة.
هذا النوع من احمرار الدم غير شائع لحسن الحظ، والطفرة المسؤولة عنه لا تورث، بل تحدث دون سبب مباشر معروف، ويزداد الحدوث عند الأشخاص الأكبر من 60 عامًا.
2- احمرار الدم الثانوي: وفيه تحدث زيادة الكريات الحمر نتيجة زيادة تحفيز إنتاجها، وقد يكون هذا التحفيز رد فعل فيزيولوجيًا من الجسم نتيجة نقص أكسجة يتعرض لها، أو نتيجة اضطرابات كلوية دون وجود نقص أكسجة، فيتم تحفيز إفراز الأريتروبيوتين وزيادة عدد الكريات الحمر، وأهم العوامل المحفزة لإفراز الإريثروبيوتين:
- نقص تركيز الأكسجين في الهواء، كما يحدث عند العيش في المرتفعات.
- التعرض الكبير لأول أكسيد الكربون، كما يحدث عند التدخين أو العمل في أنفاق السيارات.
- نقص إشباع الأكسجين في الدم نتيجة بعض الأمراض، كالآفات الرئوية السادة، وانقطاع النفس في أثناء النوم، والبدانة المرضية، واختلاط الدم الوريدي بالشرياني في التشوهات القلبية الوعائية المزرقة.
- نقص الأكسجة في الكلية نتيجة نقص التروية الموضع فيها، كما في حالات زرع الكلية، والتصلب وأمهات الدم في الشرايين الكلوية، أو التهاب الكبب والكلية البؤري.
- بعض أمراض الكلية التي تحفز إفراز الأريتروبيوتين مباشرة دون وجود نقص أكسجة، مثل كيسات الكلية أو أورامها.
- بعض الأورام المفرزة للأريتروبيوتين في الكلية أو الرحم أو الكبد أو الدماغ.
ما التظاهرات السريرية التي يسببها احمرار الدم؟
نسبة كبيرة من المصابين لا تبدو عليهم أي تظاهرات للمرض، وتكشف الإصابة عندهم في أثناء إجراء فحوصات روتينية، وبشكل عام معظم التظاهرات تكون ناتجة عن فرط لزوجة الدم وبطء جريانه، وهي تشمل:
- الحكة، خاصة بعد حمام ساخن أو التعرق المفرط.
- الصداع والدوار.
- وجه داكن محتقن (مزرق).
- تعب ووهن عام.
- الشعور باضطراب الرؤية.
- طنين في الأذنين.
- تعرق شديد.
- حس بالخدر والنمل والضعف في اليدين أو القدمين.
- توهج البشرة، خاصة الوجه والراحتين والقدمين.
- ضيق النفس.
- تورم واحمرار وآلام مفصلية، خاصة مفصل إبهام القدم.
- مشكلات نزف صغيرة، مثل نزف من الأنف أو من اللثة أو حدوث كدمات.
- ارتفاع التوتر الشرياني.
وفي حال عدم العلاج يمكن أن يسبب احمرار الدم بعض المشكلات مثل:
- تضخم في الطحال.
- الخثرات الدموية.
- الذبحة الصدرية.
- الصدمة.
- القرحة الهضمية.
- مرض قلبي.
- النقرس.
- اضطرابات الدم الأخرى، مثل التليف النقوي أو ابيضاض الدم.
كيف يشخّص احمرار الدم؟
يشتبه بالإصابة من خلال الأعراض والعلامات السريرية، ويتم تأكيد التشخيص من خلال الفحوص المخبرية التي تظهر ارتفاع الخضاب.
ويتم تشخيص احمرار الدم الأولي (فيرا) من خلال نفي الأسباب الثانوية لاحمرار الدم، ووجود ارتفاع بالكريات الحمر والبيض والخضاب، إضافة إلى نقص الأريتروبيوتين، ولكن تأكيد التشخيص يتم وفق المعايير التالية:
1- ارتفاع خضاب الدم.
2- وجود طفرة “jack2”
3- وجود أحد المعايير التالية:
- خزعة نقي عظم تظهر زيادة بالخلوية لأنواع معينة للخلايا.
- عيار منخفض للأريتروبيوتين بالدم.
- نمو ذاتي لسلالة الكريات الحمر المأخوذة من النقي في المختبر.
هل جميع حالات احمرار الدم تستدعي العلاج؟
بالنسبة للاحمرار الثانوي فإنه لا يستدعي العلاج إلا إذا تجاوز الهيماتوكريت 60% أو إذا ظهرت الأعراض على المريض، وتتألف المعالجة من شقين:
- إجراء الفصادة (سحب الدم) المتكررة.
- معالجة المسبب الأساسي.
- أما بالنسبة للاحمرار الأولي فإنه يعالج وفق ما يلي:
- الفصادة المتكررة لتخفيف الأعراض، وقد يحتاج المريض إلى سحب الدم كل أسبوع خاصة عند الشباب.
- جرعة صغيرة من الأسبرين يوميًا للوقاية من حدوث الجلطات.
- العلاجات الكيماوية في حال بدأت أعراض ضخامة الطحال بالظهور، مثل هيدروكسي يوريا وألفا انترفيرون، وقد كان يستخدم الفوسفور المشع لكونه فعالًا في ضبط المرض، ولكن ثبت أنه يزيد التحول إلى ابيضاض دم حاد لذلك قل استخدامه.
- في حال لم يستجب الجسم على الأدوية الأخرى يمكن استخدام أدوية مثبطة لـ” jack2″ مثل الروكسوليتنيب (ruxolitinib).
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :