آثار الزوبعة وحجر الأساس
عروة قنواتي
مما لا شك فيه أن عاصفة رملية وثلجية وبركانية، هبت في محيط بيت البلوغرانا قبل أسابيع، إبان الهزيمة الثقيلة للبارسا في لشبونة أمام النادي البافاري.
ومما هو أكيد لدى أغلب المتابعين لكرة القدم العالمية أن هذه العواصف ما كانت لتأتي فجأة أو لسبب عابر يستطيع من خلاله أبناء النادي القيام بحصر الخسائر والأدوات والعودة إلى العمل، لا، الفوضى كانت تدق ناقوس الخطر وكل طبول الحرب قبل سنوات.
الفوضى كانت شاملة، وأطراف الصراع يتجهزون في كل مرحلة، اللهم إلا في حضرة النتائج الطيبة التي كانت تأتي كيفما اتفق (أداء معقول، ضعف الخصوم، وحده ميسي) وتعطي مهلة جديدة أو مسكنات قبل العاصفة الكبرى.
لن نسهب في شرح ما حصل، وما خرجت إليه نتائج الهزيمة الثقيلة التي كانت آخر ضربة لآخر جدار ما زال يقاوم السقوط، ولكنه سقط!
جاء السيد كومان قبل أسابيع إلى النادي تاركًا المنتخب الهولندي لكرة القدم في عهدة الاتحاد، جاء إلى بيته القديم لينجز مهمة اعتادتها الأيادي الهولندية، التي لطالما كانت الأب الروحي للمدرسة الكتالونية في كرة القدم ومنذ عقود طويلة، جاء وسط صراع مجلس الإدارة مع الحرس القديم من اللاعبين، وصراع الصحف والمجلات داخل وخارج إسبانيا، وصراع القائد للفريق ليونيل ميسي مع القائد لمجلس الإدارة بارتوميو.
جاء كومان وسط تحديات مشهد الانتخابات في آذار المقبل، ووسط “التعب” الاقتصادي الذي لا يسمح حاليًا بتعاقدات كبرى مع ما يحتاج إليه كومان للانطلاقة بالجيل الجديد، ووسط انقسام جماهيري في المحبة والكراهية، ووسط استعدادات الفرق الأخرى في التسلل إلى موقع برشلونة محليًا، على مستوى السنوات الأخيرة بين الصدارة والوصافة، لأن المشهد يوحي برماح دامية استوطنت ظهر وصدر فارس كتالونيا.
دارت عجلة المعارك مع قدوم السيد كومان واتصالاته ببعض اللاعبين، وهنا كانت القضية الأولى: ماذا يريد كومان؟ وماذا سيفعل للدخول إلى أسبوعه الأول في الدوري؟
بين رحيل وبقاء ميسي ضاعت جهود أولية، بحسب رأيي الشخصي، وسقطت ورقة أولى من يد كومان، مهما بلغت شدة إعجابه أو غضبه من ميسي في الفترة الأخيرة. إذا رحل ستكون خطة وإذا بقي ستكون هناك خطة بديلة، إذا بقي هل سينفذ المطلوب؟ أم أن مشاكل جديدة ستدخل إلى دائرة الفريق تنذر بصراع غير محمود بين المدرب والكابتن؟
بقي ميسي على الأقل للموسم الحالي، ما علينا، الصحافة بدأت بالإشارة إلى رغبة كومان بالاعتماد على أسماء هولندية ضمن التشكيل الكتالوني الجديد، تردد اسم فان دي بيك كثيرًا، إلا أنه عانق قميص المان يونايتد في إنجلترا، تردد اسم فينالدوم أيضًا، إلا أن الأخير لن يأتي، يتردد حتى الآن اسم ممفيس ديباي والأمور غير واضحة حتى الساعة.
ما هو واضح أن ميسي بقي في الفريق، ويبدو بأن سواريز لن يرحل بشكل سهل هذه المرة، لاوتارو لن يأتي من إنتر ميلان، وصفحات نيمار ستبقى في باريس سان جيرمان، “البقرات المقدسة”، كما يوصف بعض اللاعبين الكبار في الصحافة الإسبانية، ستبقى بأغلب أركانها ضمن الفريق، ومسألة الاعتماد عليها (بين دكة البدلاء وأرض الملعب) تخص المدرب جملة وتفصيلًا.
إذًا وحتى لا نستعجل بإطلاق عبارة: عن أي جيل جديد يتحدث كومان؟ أو عبارة: هل هذه هي الثورة في النادي؟ سنقول إن ما حصل حتى اليوم بين العواصف والصراعات، وبين الهواتف والاستبعادات، وبين الدعوات والتصريحات، لا يقنع بأن بداية جديدة مختلفة عن السنوات السابقة ستهب في أروقة النادي، وخاصة في الفريق الأول، ولن نستعجل فلأهل الاختصاص دورهم ورؤيتهم.
ولكني أخشى فعلًا أن أوراق السيد كومان دخلت في مرحلة الخلط قبل صافرة الحكم لمباراة برشلونة وفياريال، التي ستكون أولى مباريات البارسا في الموسم الحالي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :