عبد اللطيف الحمصي- حمص
ظن الكثيرون أن طريق حمص-دمشق بات آمنًا وسالكًا، بعد انتهاء المعارك على جانبي الطريق وسيطرة قوات الأسد على القرى التي كانت محور اشتباكات بين الجيش الحر من جهة، وبين جيش النظام وعناصر حزب الله اللبناني من جهة أخرى.
إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك، فالطريق الدولي يشهد نقاطًا عسكرية كثيرة واختناقًا مروريًا في العديد من تلك الحواجز التي تعيق حركة المواطن، إضافة إلى حواجز الجمارك الطيارة التي لا توفر شاحنة ولا حافلة من إيقافها وأخذ “المعلوم” قبل أن تسمح لهم بإكمال طريقهم الصعب.
حواجز واستراحات على الأوتستراد
يقول (ن. ك) وهو شاب من مدينة حمص سافر إلى دمشق مؤخرًا “أحصيت 11 سيارة جمارك نوع (جيب) في الثلث الأول من أوتستراد حمص- دمشق، ثم توقفت عن العد بعد أن شعرت بالملل والقرف من وضع الطريق”.
ويتحدث الشاب (أ.م) لعنب بلدي عن رحلته الطويلة “الخارج من حمص إلى دمشق يواجه أول الحواجز عند مدينة حسياء، وهذا الحاجز قليل التدقيق على السيارات الخاصة وعلى الحافلات أيضًا، ثم عند الوصول إلى مدينة قارة يواجهنا حاجز متوسط الازدحام وهو الحاجز المسؤول عن تغطية مناطق النبك ودير عطية ويبرود على جانبي الطريق، ويلاحظ الناظر إلى التلال المحيطة انتشارًا لبعض الدبابات المتفرقة في قمم الجبال وبعض الخيام والقطع العسكرية ذات العناصر القليلة من الجهتين”.
ويلي ذلك حاجز القطيفة “سيئ السمعة”، ويعد من أكثر الحواجز اعتقالًا للمسافرين ويشهد ازدحامًا كبيرًا في ثلاثة طوابير طويلة جدًا أحدها خط عسكري لتسهيل مرور السيارات العسكرية والضباط وحاملي البطاقات الأمنية التابعين للنظام، ويتابع “يزداد التدقيق على المسافرين في الحافلات الكبيرة أكثر من التدقيق على المسافرين في السيارات الخاصة، فلا يمكن أن يمر مسافر في حافلة ركاب من حاجز القطيفة دون أن يتم تفييش اسمه، وأما الانتظار عند الحاجز فيكون في استراحة أنشئت حديثًا عند هذه النقطة، وهي عبارة عن بسطة كبيرة مسقوفة بـ (لوح توتة) وهذا ما يسميه الحماصنة بالبراكية الكبيرة”.
ولفت (أ.م) إلى أن “العاملين في الاستراحة مؤيدون، وربما بعضهم عساكر من نفس الحاجز، وجدوا باب رزق جديد فأقاموا الاستراحات والبراكيات، بالإضافة للرشاوى والإكراميات التي يجبرون المسافرين على أدائها”، وأضاف “يقف المسافرون وخصوصًا الشباب بحالة ترقب وقلق ريثما يأتي إليهم العسكري ليعلمهم بأسماء المطلوبين أو يعيد البطاقات الشخصية إلى أصحابها ويطلب منهم العودة إلى الحافلة، وتستغرق هذه العملية مدة تتراوح بين النصف ساعة والساعتين في بعض ساعات الذروة”.
يلي نقاط التفتيش العسكرية على أوتستراد حمص-دمشق، حاجز عسكري أخير قبل دخول العاصمة، ويحتوي على جهاز لكشف المتفجرات، بينما لا يدقق على أسماء المسافرين إلا نادرًا.
مفترق طرق
وعند الوصول إلى دمشق هناك خياران، إما الدخول من طريق التل وضاحية الأسد، وإما الاستمرار في الأتوستراد باتجاه حرستا، حيث تفضل الحافلات الاستمرار في الطريق الأخير لأنه قريب على الكراجات وقليل الحواجز، لكنه أكثر عرضة للقنص فيضطر السائق إلى زيادة سرعته بشكل كبير بغية الهروب من أي عملية استهداف متوقعة، والناظر يشاهد على جانبي الطريق سيارات وشاحنات مقلوبة بعد تعرض سائقيها للقنص.
أما السيارات الخاصة والعسكرية فغالبًا ما تسلك طريق التل الذي يشهد تدقيقًا وتفتيشًا للسيارات بما فيها العسكرية دون استثناء.
ويختلف التدقيق على المسافرين بحسب مكان القيد، فمن كان ينتمي إلى المناطق الساخنة يشهد تدقيقًا وربما تحقيقًا في مكان الحاجز، وأما من ينتمي للمناطق الموالية للنظام فلا يتم تفييش اسمه نهائيًا ويكتفى بالنظر إلى بطاقته الشخصية وإرجاعها له.
وتستغرق الرحلة بين حمص ودمشق حوالي 3 ساعات ونصف، يملؤها الخوف والتوتر والإرهاق من التوقف المتكرر والتفتيش، بعد أن كانت لا تتجاوز ساعتين قبل بداية الثورة.