عناصر محلية في التنظيم تضعه على خطى النظام
سيرين عبد النور – ديرالزور
يسير تنظيم الدولة في مناطق سيطرته على خطى النظام «بحرفية أكبر وتحت غطاء شرعي»، بحسب محمد من أبناء حي الحميدية، معقبًا خلال حديثه إلى عنب بلدي على اعتقال التنظيم لعدد من أبناء ديرالزور بسبب منشوراتهم على صفحات التواصل الاجتماعي.
الحادثة ليست الوحيدة المشابهة لأساليب ينتهجها نظام الأسد في مناطق سيطرته، فقائمة طويلة من الأسماء أعدها التنظيم ونشرها على حواجزه تشمل المطلوبين بتهم أبرزها قتال التنظيم والتعامل مع أعدائه ومعاداة الدولة في الفضاء الافتراضي؛ أعدت بالاستعانة بعناصر محلية وبشبكة مخبرين منتشرة في مناطق سيطرة الدولة، تتلقى مرتبات شهرية وأسلحة خاصة ومهام محددة فحواها «تلقّط» الأخبار وإعلام مسؤولي التنظيم بها، عبر تقارير شفهية غالبًا.
ويؤكد عدد من أهالي المدينة أن أغلب المخبرين المتعاملين مع التنظيم كانوا منضوين تحت جناح النظام والدفاع الوطني، بحسب محمد، الذي أوضح أن «لكل حيّ شبكته الأمنية ولكل حارة مخبرها الخاص»، نجح التنظيم في جذبهم مستغلًا اندفاع بعض المتعاطفين معه من الشبان والأطفال للمغامرة وحاجتهم إلى المال، فيغريهم بزي أفغاني مرقط، وفرصة ركوب آلياته، ما يشبع حس المغامرة والسلطة لديهم.
ومكنّت هذه الشبكات التنظيم من كشف كثير من نشطاء ومقاتلين كانوا يعملون على فضح ممارساته، فضلًا عن إلقاء القبض على عديد من مقاتلي الجيش الحر ممن لم يتمكنوا من مغادرة مناطق سيطرة الدولة.
على حاجز «الجورة»، الواقع على تماس مع مناطق النظام، يتولى «مهاجرون» الإشراف، فيما تتولى عناصر محلية مهمة تحديد هويات العابرين؛ وكذلك الحال عند الحواجز داخل المدن والقرى الخاضعة لسيطرته، حيث يستغل التنظيم أيضًا معرفة العناصر المحلية بالحارات والبيوت لإرشاده إلى المطلوبين والمساعدة في إلقاء القبض عليهم والاستيلاء على ممتلكاتهم.
ولا يقتصر دور الخلايا المحلية على ملاحقة المطلوبين، بل تعداها إلى «تسهيل غزو التنظيم لعشرات المدن والقرى والسيطرة عليها»، كما يقول الشاب علي، موضحًا أن «الاستسلام والمصالحات والتوبات وبيعات الساعات الأخيرة لعبت دورًا في ذلك»، ويرى عليّ أن التنظيم ما كان ليسيطر على كثير من المناطق الخاضعة لسيطرته الآن لولا عناصره المحلية.
كلام علي يؤكده حسن من مدينة البوكمال، في ريف ديرالزور الشرقي، الذي أوضح لعنب بلدي كيف سهلت الخلايا المحلية للتنظيم إحكام قبضته وقللت حجم خسائره، «يتفاجأ أهالي القرى ببيعة فصيل محلي، وانضمامه للقتال في صف التنظيم في اللحظات الأخيرة… وهذا ما جرى في ديرالزور والبوكمال والقورية وغيرها».
وقال الشاب إن شبكات التنظيم اخترقت دولًا حدودية ووصلت دولًا أوروبية، وبعض أمنيي النظام هاجروا عبر تركيا إلى أوروبا لاستكمال بناء شبكاته. ويشير إلى أن التنظيم غالبًا ما يتخلص منهم بعد أداء مهامهم، لتطاردهم «لعنة الشعب وبراءة الأرض ممن خانها ويسر احتلالها، وتسبب بالأذية لأبنائها وشوه صورتهم أمام العالم».
ويزداد خطر شبكة المخبرين بازدياد كم المعلومات المتوفر لدى أعضائها، حتى بات لبعضهم ألقاب «يبث ذكرها الرعب في النفوس» كما يروي محمد عن «أبو ضياء» و»الأعور» و»قاسم» وآخرين يعتبر أنهم «عماد الشبكات» و»يدفعهم الولاء الأعمى للتنظيم، أو الطمع بالمال والسلطة».
ويضيف محمد أن من الناشطين من «رموا أنفسهم في أحضان التنظيم» وأمدّوه بكم معلومات عن هوية نشطاء آخرين وطبيعة عملهم ومناطق تواجدهم وسبل الوصول إليهم وإيقاف نشاطهم سواء أكان ذلك ينطوي على تهديدهم، أو تهجيرهم أو حتى قتلهم، ولذا يعتبر هؤلاء «سكاكين انقلبت على الثورة وذبحت ناشطيها»، وبمعلوماتهم قدموا للتنظيم «هدية لم يكن يحلم بها».
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :