المعارض سمير سطوف: القرار “2254” تحريف لبيان “جنيف 1” وللقرار “2118”
حوار: أسامة آغي
ما زال المسار السياسي السوري المعارض يعاني من مشكلة إيجاد شخصيات قيادية تضمن استقلالية قراراتها في المرحلة المقبلة، بعيدًا عن أي استقطاب سياسي يتبع لجهات أجنبية تتعارض مصالحها في سوريا.
وحول أهمية وجود تلك القيادات السورية المعارضة المستقلة في فترة الانتخابات الرئاسية السورية لعام 2021، تحدث المعارض السوري وهو من مؤسسي المجلس الوطني السوري، سمير سطوف، إلى عنب بلدي عن نضج التشكيلات السياسية التي ظهرت في ظل ثورة 2011.
خطوة سابقة لأوانها
“كانت العين الإقليمية والدولية الراصدة للتطورات والأشخاص تعمل على منع الثورة من إنجاز نصرها الحقيقي”، بحسب ما يعتقده سطوف، وهذا الموقف الإقليمي “بدأ مع مرحلة الأوج في العطاء الثوري السلمي عام 2011”.
وخُطط بشكل ممنهج ومدروس، وفق ما قاله سطوف، من قبل عدة جهات أجنبية ساعدت على تشتيت تركيز “الثوار” داخل سوريا عن أهداف الثورة، والدفع باتجاه تراجع قوى المعارضة السورية الخارجية.
ويرى سطوف أن “تشكيل المجلس الوطني كان بمثابة خطوة سابقة لأوانها في ظروف غير ناضجة، لإجهاض فكرة تشكيل وفرز قيادة حقيقية للثورة، قادرة على إنجاز مهمة التغيير، عبر إسقاط النظام”.
وينظر سطوف إلى التحالف الذي نشأ في تلك المرحلة بين تنظيم “الإخوان المسلمون” و”إعلان دمشق”، على أنه كان لمصلحة “الإخوان” في الهيمنة على “المجلس الوطني” الوليد، مضيفًا أنه “بعد أقل من سنة تم تجاوز المجلس الوطني عبر ترهيله، وتفييله، عوضًا عن ترشيقه”، في إشارة منه إلى تكبير حجمه دون أي فائدة بدلًا من تنسيق جهوده، “ليتم بعدها تشكيل الائتلاف استجابة لمطالب الدول المؤثرة”.
ويعتقد سطوف أنه “تم استقطاب العناصر الرخوة والضعيفة المناعة وطنيًا إلى الائتلاف”، حيث غلبت ونمت الممارسات الانتهازية والتسلق، وبالتالي التبعية والارتباط والارتهان لـ”أولياء النعمة”، بحسب توصيفه.
“الائتلاف منتج غير وطني، يهدف إلى دحرجة المعارضة لحلٍ سياسي غير متوازن مع النظام”، قال سطوف.
ويقيس المعارض السوري أمر تشكيل “هيئة التفاوض” على نفس المقياس، فهو تكرار لتجربة تشكيل “الائتلاف” بصورة جديدة، وبنفس النتائج غير المرضية.
“القرار 2254 ملتبس”
حول بنية القرار “2254” وجدية الأمريكيين بتنفيذه، يعتقد سطوف أن القرار “جاء ضمن سياق إدارة الأزمة السورية، بعيدًا عن اعتماد أي آلية جدية لحلها”.
ويرى سطوف أن القرار “يفتقر لإلزامية التنفيذ تحت البند السابع”، وفيه تحريف لجوهر بيان “جنيف 1” وجوهر القرار الدولي “2118”، لأنه قابل للتأويل ولشراء الوقت، وإتاحة الفرصة لمحاولة الحسم العسكري.
و”جاء مسار أستانة كمدخل لمحاولة تحقيق ذلك (الحسم العسكري)، وكانت بدعة مناطق خفض التصعيد ثمرة لهذا المسار”، وفق سطوف.
ويرى سطوف أن القوى الدولية، وخاصة الولايات المتحدة، لو أرادت تنفيذ القرار الدولي “2254” لكان الأمر متاحًا دائمًا، انطلاقًا من المواد “12” و”13″ و”14″ ضمن القرار، التي تنص على أن وقف إطلاق النار وفك الحصار وإطلاق سراح المعتقلين مبادئ فوق التفاوض وواجبة التنفيذ الفوري.
ولذلك يجب أن يتوجه وعي الجمهور، وفق ما أوصى به سطوف، إلى أن القوى المؤثرة تهدف “إلى تحويل سوريا إلى دولة فاشلة، وترويض الشعب السوري، ومحاولة قتل شعلة الثورة فيه”، وأن “هياكل المعارضة التي تغتصب صدارة المشهد التمثيلي للثورة، صارت مساعدًا للأجندات في ذلك”.
ويرى سطوف أن أقصر طريق لتنفيذ القرار “2254” هو “القناعة الأمريكية بنضج الظروف في الوصول إلى صياغة معادلة توازن بين المصالح والأطراف المؤثرة في المشهد السوري”.
وإذا لم يعِ الجمهور أهمية إنجاز التفاهمات بين التشكيلات السياسية المتفرقة لتشكيل قوة ضغط على المجتمع الدولي، وشعر باستحالة توفر إمكانية تسويق أي حل سياسي، فستغيب أهداف ثورة 2011 عن المشهد السياسي “كما هو حاصل الآن”، وفق ما يعتقده سطوف.
تمييع للعملية التفاوضية
في 30 من تشرين الأول 2019، انطلقت الجولة الأولى من أعمال اللجنة الدستورية، بمشاركة جميع أعضائها (150 عضوًا)، وسط ترحيب ودعم دوليين، بعدما عانت من مخاض دام طويلًا، قبل ولادتها بجهود الأمم المتحدة.
وبعد أقل من شهر، في 25 من تشرين الثاني 2019، عقدت جولة ثانية اقتصرت على المجموعة المصغرة (45 عضوًا)، لكنها وُصفت بـ”عدم الجدية”، خاصة من قبل وفد النظام السوري، الذي حاول “فحص وطنية” وفد المعارضة بمناقشة ما أطلق عليه “الثوابت الوطنية”، ليحكم عليها بالفشل.
ويعتقد سطوف أن “اللجنة الدستورية طُرحت كي تقضم الوقت، وهي تمييع للعملية التفاوضية برمتها”.
و”مسار سوتشي هو ابن شرعي لمسار أستانة، الذي أطلق المحطة الدستورية كوسيلة فعالة لشراء الوقت، ولاستمرار العملية العسكرية، وكملهاة يتم التفاعل معها وحولها من قبل هياكل المعارضة”.
ويرى سطوف أن “الروس والإيرانيين لا يريدون البدء بسلة الحكم الانتقالي، وقد طلب الروس من دي مستورا آنذاك البدء بالسلة الدستورية، التي وافق عليها رئيس لجنة التفاوض في حينها، نصر الحريري”.
وبرأيه فإن “الموافقة على تبديل السلال جريمة بحق الشعب السوري، لأنها بيع للوقت ولتكلفة كثير من الدماء والدمار والمعاناة”.
السوريون بعيدون عن التأثير
العمل العسكري لم يعد يحقق أي نتائج، وفق ما يراه سطوف، بعد أن اُلتف على “الجيش الحر”، وتم إبعاد “الضباط الشرفاء” المنشقين عن تصدر المشهد العسكري، وحرص الأجندات على دعم “الفصائل الإرهابية” بالمال والسلاح.
ويرى سطوف أنه بهذه الإجراءات تم إبعاد السوريين عن مسرح التأثير، و”ليس أمامنا الآن إلا الضغط على المجتمع الدولي لمنع الشطط والمغالاة في إقصاء الشعب عن رسم مستقبل بلده”.
وأضاف أنه “يجب إفهام المجتمع الدولي أن أي حل لا يفضي إلى هيئة حكم انتقالي دون الأسد كمحطة إجبارية لإنجاز التغيير سيكون أشبه بعلاج السرطان بالبنادول”.
المعارض سمير سطوف
سمير سطوف، إعلامي سوري ومعارض للنظام السوري منذ العام 1970، ولد عام 1954.
لجأ في السبعينيات إلى الجزائر وعمل فيها إعلاميًا، وكان حينها قريبًا من صناع القرار هناك.
وأسهم سطوف في تشكيل “المجلس الوطني السوري” في بدايات الثورة السورية، في آب 2011، إذ كان من الأعضاء المؤسسين للمجلس.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :