العقارات “المتروكة المرفقة” ليست حالة جديدة في سوريا، فمنذ عهد الدولة العثمانية كان توْقف منافع بعض الأراضي، أو حق التصرف بها على أهالي قرية ما، أو أهالي عدة قرى متجاورة، ليقوموا باستعمالها باعتبارها مرعى، أو بيدرًا، أو محتطبًا، ونصت التشريعات العقارية التي صدرت في سوريا فيما بعد على إمكان إحداث عقارات متروكة مرفقة.
ويرى البعض أن العقارات المتروكة المرفقة هي من بقايا النظام الإقطاعي البائد في سوريا، إذ كان المزارعون يقتسمون الأرض قسمة مهايأة (قسمة منافع) على أن يكون لهم مرعى مشترك.
ويتم ذلك عند إزالة الشيوع بالقرى، سواء في المناطق المحددة والمحررة، أو غير المحددة والمحررة، وذلك بقصد إحداث بيادر أو مراعٍ.
وتستثنى من عمليات التجميل وإزالة الشيوع في المناطق المحددة والمحررة العقارات التي ترى لجنة التجميل وإزالة الشيوع ضرورة لاستثنائها، فإذا كان هذا الاستثناء بغية إحداث بيادر ومراعٍ تدخل هذه العقارات حتمًا في نوع الأراضي المتروكة المرفقة.
وفي المناطق غير المحددة والمحررة، يتم فرز قطع المرافق العامة التي تجد هذه اللجان حاجة إليها (كالمدارس، والمقالع، والمناجم، والمرامل، والمقابر، والبيادر، والمراعي …)، وتسجل ملكية قطع الأرض التي لأهل القرية أو البلدة حق استعمال عليها (البيادر والمراعي) باسم الدولة ومن نوع “المتروك المرفق”، والذي يعود حق الاستعمال عليه لأهل هذه القرية.
أما المقابر الإسلامية والجوامع فتسجل باسم وزارة الأوقاف، وتسجل دور العبادة والمقابر غير الإسلامية باسم الطائفة التي تعود لها.
وقد عرّف القانون المدني السوري في المادة (86) منه العقارات المتروكة المرفقة، بأنها “العقارات التي تخص الدولة، ويكون لجماعة ما حق استعمال عليها تحدد مميزاته ومداه العادات المحلية والأنظمة الإدارية”، ويصدق هذا التعريف على المحتطبات، والبيادر والمراعي المتروكة لانتفاع أهل قرية، أو عدة قرى.
وحق الجماعة في العقار المتروك المرفق هو حق دائم، يولي الجماعة حق الاستعمال فقط دون حق التصرف أو الاستغلال.
ويحدد مدى هذا الحق بالاستناد إلى مصدره، فإذا كان صادرًا عن عادات محلية قديمة فإنه يتصف بالطابع المدني ويرجع في أحكامه إلى العرف والعادة، أما إذا كان صادرًا عن أنظمة إدارية فإنه يتصف بالطابع الإداري، ويرجع في أحكامه إلى الأنظمة الإدارية التي صدر عنها.
وحقوق الجماعة مقيدة بالعادات والأنظمة الإدارية التي تحدد هذا الحق، ولا يحق تجاوزها أو تعديلها أو تغييرها إلا بموافقة إدارة أملاك الدولة صاحبة رقبتها والرقابة على استعمالها، فإذا خرج أهل القرية في استعمال حقهم على الوجه المخصص لهم عرفًا أو بمقتضى الأنظمة الإدارية (كأن يكون العقار مخصصًا منذ القدم وبحسب العادات المحلية ليكون مرعى لمواشي القرية، ويعمد أهلها إلى تغيير استعماله، كأن يستعملوه للزراعة، أو يحولوه إلى بيدر، بغير موافقة إدارة أملاك الدولة)، فإن ذلك يعد إساءة في استعمال الحق يجيز لإدارة أملاك الدولة إقامة دعوى عليهم من أجل طلب إسقاط حقهم في استعمال الأرض المتروكة المرفقة.
وتحرير العقار المتروك المرفق من حق الجماعة عليه، يجري طبقًا لمقتضيات المصلحة العامة بقرار من وزير الإصلاح الزراعي، ويجب تبليغ هذا القرار إلى الدوائر العقارية لتنفيذه في السجل العقاري، أو في دفاتر التمليك، ويجوز الاعتراض على هذا القرار أمام اللجنة القضائية في قانون الإصلاح الزراعي، وينتصب في دعوى الاعتراض بعض أهالي القرية خصمًا عن الباقين إذا تجاوز عددهم المئة، ويجب أن يقدم الاعتراض على قرار الوزير أمام المحكمة المختصة خلال شهر من تاريخ إعلان القرار في القرية.
وفي حال تم إسقاط حق الجماعة عنه يعود عقارًا خالصًا من عقارات أملاك الدولة الخاصة.
ويكون المنتفعون بالأراضي المتروكة المرفقة جماعة غير معلومين بذاتهم، ويظل انتفاعهم محصورًا فيهم باعتبارهم جماعة، وإذا توفي أحدهم لا ينتقل حقه إلى ورثته، وإنما ينتفع الوارث من هذا الحق باعتباره مقيمًا في القرية ويسقط حقه إذا تركها.