منحت حكومة النظام السوري على حليفتها روسيا ثمانية هكتارات من الأرض، وكذلك بنفس المقدار من المياه الساحلية، في محافظة اللاذقية غربي سوريا، لإنشاء “مركز رعاية صحية تابعة للقوات الجوية الروسية”.
وبحسب ما نشرته بوابة المعلومات القانونية الرسمية الروسية، في 19 من آب الماضي، فإن حكومة النظام وقعت على الاتفاقية في 21 من حزيران الماضي بدمشق، قبل أن تصادق عليها الحكومة الروسية في 30 تموز الماضي في موسكو.
وتنص الاتفاقية على أن “الجمهورية العربية السورية وافقت على نقل قطعة أرض ومياه بحرية في محافظة اللاذقية إلى روسيا”.
وكانت هذه الاتفاقية ضمن “البروتوكول الأول الملحق باتفاقية تنظيم الوجود العسكري للقوات الجوية الروسية على أراضي الجمهورية العربية السورية” ، الذي توصل إليه الطرفان في 26 من آب 2015، وسمحت هذه الصفقة رسميًا بشكل مباشر التدخل العسكري الروسي في الصراع السوري.
ونص البند الثاني من الاتفاقية على أن روسيا ليست ملزمة بتقديم أي تعويض مقابل استخدام مساحة الأرض المجاورة لقاعدة “حميميم” العسكرية ومنشآتها، وأن الإجراء سيظل ساريًا طالما أن الاتفاق الرئيسي للوجود العسكري الروسي لا يزال ساريًا.
وحُددت الأرض بخريطة، لم تنشر حتى إعداد هذا التقرير، كما لم تنشر سلطات أي من البلدين، خريطة للمياه التي سيتم نقلها إلى روسيا، على الرغم من الإشارة إليها بأنها ثمانية هكتارات في المجموع قبالة ساحل اللاذقية بعرض 65 إلى 180 مترًا.
مخالفة للدستور السوري
ونصت المادة الأولى للدستور السوري الحالي على عدم جواز التنازل عن أي جزء من الأراضي السورية.
وبحسب ما قاله رئيس “نقابة المحامين السوريين الأحرار”، غزوان قرنفل، في حديث إلى عنب بلدي، فإن هذه المادة بكل معانيها الفقهية لا تتيح لأي حكومة سورية التنازل عن ملكية جزء من إقليم الدولة البحري أو البري أو الجوي.
وبموجب هذه المادة الدستورية فإن أي اتفاق عقدته حكومة النظام السوري مع أي جهة أجنبية للتنازل عن مساحة من الأرض “معدوم الأثر”، وفق قرنفل، لكونه مخالفًا للدستور.
وأوضح قرنفل أن النص الدستوري جاء مجردًا من أي نوع من أنواع الأراضي، أي أنه لا يجوز التنازل عن مساحة من الأرض مهما كان نوعها، سواء كانت أراضي عامة تملكها الدولة أو خاصة تابعة لأشخاص طبيعيين أو معنويين.
ويحق للحكومة السورية، فيما لا يتعارض مع نص المادة الأولى من الدستور، وضمن مفهوم الاستثمار الأجنبي لمصلحة الاقتصاد السوري، أن تمنح جهة أجنبية مساحة أرض معينة للاستثمار التجاري ولمدة معلومة ومحددة باتفاق الطرفين وبمقابل عوض مالي مناسب.
ومُنحت مساحة الأرض من محافظة اللاذقية وفق الاتفاق بين روسيا والنظام للاستخدام المجاني دون تحديد أي مقابل مالي، وفق ما جاء في نص الاتفاقية.
كما أن مثل هذه الاتفاقيات يجب أن تحصل على موافقة من مجلس الشعب السوري للمصادقة عليها إن كانت متوافقة مع مواد الدستور، أما إذا كانت مخالفًا له فلا عبرة لمصادقة مجلس الشعب لأن تلك المصادقة، وفق قرنفل، لا تسبغ مشروعية على ما هو غير شرعي وغير دستوري.
ويعتبر هذا الاتفاق بمثابة “إرهاق للدولة”، بحسب تعبير قرنفل، كونها لن تستفيد اقتصاديًا منه، ويمكن إلغاؤه مستقبلًا وإلغاء آثاره، وإن كان الاتفاق متعلقًا بأراضي جارية بملكيات خاصة فلأصحاب تلك الملكيات استرداد أراضيهم والتعويض عما فاتهم من كسب وما لحق بهم من ضرر.