تشهد مناطق مختلفة من حوض المتوسط ومنها سوريا، ارتفاعًا كبيرًا في درجات الحرارة، إذ وصلت درجة الحرارة إلى 47 درجة خلال الأسبوعين الماضيين، منذ مطلع الشهر الحالي، في بعض المناطق في سوريا، وأكد المركز السوري للطقس والمناخ، أن كتلة شديدة الحرارة بدأت في المنطقة في الأسابيع الماضية، وحذر المركز من التعرض المباشر لأشعة الشمس، خاصة في أوقات الذروة.
كما حذّر فريق “منسقو استجابة سوريا” من مخاطر ارتفاع درجات الحرارة على النازحين السوريين في مخيمات الشمال السوري، إذ قال الفريق في بيان نشره في 31 من آب الماضي، إن على سكان المخيمات توخي الحذر والتزام الخيام في وقت الذروة.
نقص المياه في المخيمات
يشكل نقص المياه في المخيمات، خطرًا على ساكنيها، خاصة خلال موجة الحر الحالية، ونتحدث عن 1293 مخيم يسكنها مليون و43 ألف نسمة، ما يعادل ربع سكان المنطقة الشمالية، وتبلغ نسبة العجز بالمياه في المخيمات 69%، بحسب ما قاله مدير فريق “منسقو الاستجابة”، محمد حلاج لعنب بلدي.
وتعاني المخيمات من نقص كبير في المياه، حتى المدعوم منها بالخدمات، لكن مصادر المياه غير موثوقة، وبالرغم من تعقيمها بالكلور، إلا أن نقلها يتم بصهاريج غير معقمة، والمياه المتوفرة لا تتناسب مع كمية الاحتياج العالمي للفرد، ولذلك لدينا فجوة كبيرة بين حاجة الفرد والكمية المتوفرة، بحسب الحلاج.
وقال مسؤول “مشروع المياه والإصحاح في مؤسسة تكافل” محمد حسن، لعنب بلدي، “نحن نوزع حصة الفرد في اليوم بما يعادل 40 ليترًا من الماء تقريبًا، ولا تتعلق كمية المياه التي نقدمها بارتفاع درجات الحرارة أو انخفاضها، فقد زدنا الكمية بسبب انتشار فيروس (كورونا)، ونخدم اليوم ثماني مخيمات فقط”.
ويُعتبر وضع المخيم في ظل ارتفاع درجات الحرارة، سيء جدًا، ويحاول أهل المخيم الاحتفاظ بالماء بدرجات حرارة معتدلة، من خلال وضعها في “بيدونات”، ولفها بمادة الخيش، ومن ثم تعريضها للهواء الطلق ليلًا، بحسب ما قاله مدير “مخيم أهل التح” في إدلب، عبد السلام اليوسف، لعنب بلدي.
وأضاف اليوسف أن كمية المياه في المخيم قليلة، ومخصصات الفرد لم تعد تكفيه، والخزانات في المخيمات سعتها 1000 ليتر فقط، وعددها قليل، وبالرغم من تقديم بعض المنظمات مساعدتهم لبعض المخيمات، إلا أن النقص موجود ولا تستطيع هذه الجمعيات تغطيته بالكامل، ولحل هذه المشكلة يجب توفير خزانات في جميع المخيمات، وتوزع المياه عليها بشكل منتظم من قبل المنظمات العاملة في الشمال السوري.
وأشار اليوسف إلى نقص مكعبات الثلج وعدم قدرة قاطني المخيمات على شرائها بسبب غلاء سعرها، في ظل ضائقة مادية يمر بها أهل المخيم، موضحًا إن إدارة المخيم حاولت لفت نظر المنظمات إلى أن وضع المخيمات خاص ويختلف عن القرى والبلدات المحيطة.
محمود الكردي، وهو أحد سكان مخيم أهل التح، قال لعنب بلدي، إن كل فرد يحصل على ما يقارب 35 ليترًا من المياه يوميًا، ولا تكفي هذه الكمية في الجو الحار، برأيه.
ووفقًا لمنظمة الصحة البريطانية “NHS“، تؤثر درجات الحرارة المرتفعة بشكل مباشر على جسد الإنسان، خاصة مع عدم شرب كميات كافية من المياه.
حالات إغماء
حدثت خلال 48 ساعة الماضية 11 حالة إغماء في المخيمات، في مخيم “أهل التح” في قرية باتنتا، ومخيم “الصوان” في كفر يحموم، ومخيم الزيتون في قرية باكللي، ومخيم حلب الشهباء، ومخيم نسائم الغدفة في معرة مصرين، بحسب ما أوضحه مدير فريق “منسقو الاستجابة”، محمدحلاج، لعنب بلدي.
واشتكى محمود كردي من درجة الحرارة المرتفعة جدًا، حتى داخل الخيام، إذ حدثت أكثر من أربع حالات إغماء نُقل أصحابها إلى المشافي.
ونشر الدفاع المدني مؤخرًا، عدة تحذيرات من ضربة الشمس، التي قد تصيب المدنيين في هذا الحر، وحدثت عدة حالات إغماء في المخيمات، بسبب ضربات الشمس، إذ يتسبب ارتفاع درجات الحرارة، بجفاف الجسم والإغماء.
ووفقًا لموقع “Medical News Today” الأمريكي، المتخصص بالطب، فإن التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة قد يؤدي إلى “الإرهاق الحراري” المتصل بأعراض طبية تتضمن صداع الرأس والدوخة والغثيان والإعياء والإغماء وتشنجات العضلات والتعرق الشديد.
ضرورة عزل الخيام
أوضح الحلاج أن سبب ارتفاع درجات الحرارة داخل الخيام هو اهتراؤها، فهي مصنوعة من القماش والمواد البلاستيكية، وغيرها من المواد التي لا توفر العزل من الحرارة أو البرودة.
وأكد الحلاج على أهمية عزل الخيام بعدة طرق، منها تركيب عوازل القصدير، والتي توضع على أطراف الخيام وسقفها، أو استخدام طرق تقليدية بسيطة، كسكب المياه على الخيام.
وفي حديث سابق للحلاج مع عنب بلدي، اقترح حلًا بديلًا للتخلص من مشاكل الخيام، وهو البناء الإسمنتي، وإفساح المجال لإنشاء “كرفانات”، موضحًا أن الانتقال إلى أبنية اسمنتية يخفض الحرائق الناتجة عن ارتفاع الحرارة بنسبة تصل إلى 80%.
الوقاية من ضربة الشمس
أوضح الطبيب السوري محمد الخطيب، في حديث سابق لعنب بلدي، أن شرب السوائل وخاصة الماء، ضروري عند ارتفاع درجات حرارة الجو، بمقدار لتر واحد على الأقل كل ساعة، وأضاف الخطيب أنه في حال الإحساس بأعراض تشير إلى الإصابة بضربة شمس، يجب اتخاذ تدابير فورية، كالذهاب إلى مكان بارد أو مظلل، ورش الجسم بالماء وترطيبه بالسوائل غير السكرية، ونصح بتجنب السوائل شديدة البرودة، لأنها قد تسبب تشنجات في المعدة.
وحذر الطبيب السوري علي كمال الدين، من الخروج في أوقات الذروة تجنبًا لخطر الإصابة بضربة الشمس، وفي حالات الضرورة، نصح بتغطية الرأس أو استخدام الشمسية، وارتداء الملابس القطنية بألوان فاتحة، وعدم القيام بأنشطة رياضية أو حركات تسبب جهدًا عضليًا، في أوقات النهار.
تؤثر درجات الحرارة على صحة الإنسان وخاصة من لديه أمراض مزمنة، ويشكل ارتفاع درجة الحرارة بشكل كبير مخاطر صحية، خاصة على الفئات الضعيفة كالأطفال وكبار السن، والأشخاص الذين يعملون في الأماكن المكشوفة، بحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
أسهم في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في إدلب يوسف غريبي.