أصدرت “وزارة الإدارة المحلية والخدمات”، التابعة لحكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب، قرارًا بتنظيم حركة النقل الداخلي وضبط الدور في الكراجات، وتخفيض تعرفة النقل، ضمن مناطق سيطرتها، وفق خطوط ومواعيد محددة.
وصدر القرار وسط ردود فعل متضاربة من قبل الأهالي وسائقي الحافلات، في المناطق التي ينطبق عليها، إذ سيبدأ تنفيذه في 19 من أيلول الحالي.
سائقون يعترضون
عماد حمدان، صاحب حافلة في إدلب، اعتبر هذه الخطة “فاشلة”، وقال لعنب بلدي، إنه “لن يختلف شيء بعد هذا القرار، لأن أسعار المحروقات ستتحكم بالتكلفة التي ستترتب على السائق والراكب، وستتبين سلبيات هذا القرار بعد تطبيقه، خاصة في حال تسلّم مستثمر ما لهذا المشروع”.
يوسف أبو موسى، صاحب حافلة في إدلب أيضًا، اشتكى من حصر انطلاق المركبات من الكراج، واعتبر أن هذا لا يصب في مصلحة الناس ولا السائقين، لأن حافلات النقل ستنتظر في الكراج، وسيضطر الناس للذهاب إليها، وبهذه الحالة لن يستطيع كثير من الركاب الوصول إلى الكراج بسهولة، بسبب بعد منازلهم أو أماكن عملهم عن الكراج، بالإضافة إلى أن السائق سيضطر للانتظار حتى تمتلئ حافلته، وبهذه الحالة سينتظر الركاب معه ويتأخرون على أعمالهم.
بينما كانت حافلات النقل تتوزع عند كل دوار، وبهذه الطريقة يستطيع الراكب الوصول إلى وسيلة نقل من بيته بسهولة، فدوار “المتنبي” تقف عليه حافلات خط سلقين، ودوار “محريب” عليه حافلات خط سرمدا وريف حلب الشمالي، ودوار “معرة مصرين” عليه حافلات خط باب الهوى، كما قال أبو موسى لعنب بلدي.
واعتبر أبو موسى أن القرار لن ينفع إن لم تُخفض أسعار البنزين، وقال إن الناس سيعتمدون على سيارات الأجرة (التكاسي)، لأنها ستكون أسرع، وإنه في حال تسليم المشروع إلى مستثمر، فستكون له آثار سلبية على السائقين، وسيتحكم المستثمر بهم.
وشُكلت لجنة مؤلفة من مندوب عن دائرة النقل والمرور والاقتصاد، حددت التعرفة لكل خط، وستُحدث دائرة في مديرية النقل (دائرة تنظيم حركة السير)، ستكون مسؤولة عن الرقابة بالتنسيق مع فرع المرور، بحسب ما أوضحه المدير العام “لمديرية النقل” في إدلب، محمد بيلساني.
وقال إن موضوع تسليم هذا المشروع إلى مستثمر هو قيد الدراسة ولم يُنفذ بعد، ولم يُتخذ قرار نهائي حتى الآن بهذا الشأن.
ما رأي الناس بهذا القرار؟
سترجع هذه الخطة بالفائدة على الناس إذا خُفضت أجور النقل، وخاصة فئة الطلاب، برأي سلام أبو حمدان، وهو طالب من مدينة إدلب، ولكن بعض أصحاب سيارات النقل سيكونون عاطلين عن العمل، إلا إذا دعمت “الإنقاذ” السيارات بالمحروقات، وحددت التعرفة بحيث تكون متقاربة بين السيارات الخاصة والعامة، بحسب ما قاله سلام لعنب بلدي.
فايز دغيم، شاب من سكان مدينة إدلب، قال لعنب بلدي إنه ينتظر تطبيق هذا القرار، إذ إنه لن يضطر بعد الآن لطلب سيارة أجرة، أو انتظار أحد أصدقائه ممن لديهم سيارات، ليذهب إلى مكان ما، وقال إن هذا القرار فعال خاصة في فصل الشتاء، فمن الصعب الاعتماد على دراجته النارية عند نزول المطر وغيره من تقلبات الطقس.
وهذا القرار مجدٍ برأي الطالب الجامعي من إدلب، جهاد المصري، لأنه يخفف عبء الوقوف على الطرقات، بانتظار سيارة أو حافلة نقل.
وكانت الكراجات موجودة قبل هذا القرار، لكن لم يكن أحد يلتزم بوقت محدد، فكل سائق يذهب في الوقت الذي يناسبه، والتعرفة كانت أكثر من الوقت الحالي.
وحددت حكومة “الإنقاذ” في إدلب تعرفة لكل خط من خطوط النقل العام، وعممت هذه الخطوط على السائقين والسكان، بحسب إنفوغراف تنظيم النقل الداخلي، الذي نشرته على موقعها.
وأوضح بيلساني أن أسعار المحروقات ستؤثر بلا شك على تكاليف المواصلات، وسترتفع تسعيرة الركاب نتيجة ارتفاعها، ولكن لن تُفرض أي ضرائب على السائقين وأصحاب الحافلات.
من يتحكم بأسعار المحروقات في إدلب؟
ويدفع مستوردو المحروقات في شمالي سوريا أسعار الشحنات بالدولار الأمريكي، بينما تسعّر ضمن المحطات بالليرة التركية، بسبب عدم توفر فئات صغيرة من الدولار، وبالتالي فإن أسعار المحروقات تخضع لتبدلات سعر النفط عالميًا، وتبدل أسعار صرف الليرة التركية، بحسب ما قاله مدير المكتب الإعلامي في “وتد”، صفوان الأحمد، في حديث سابق لعنب بلدي.
وفي إدلب وأريافها توجد شركة “وتد”، التي توزع المحروقات بطريقتين، الأولى على نقاط معتمدة (المحطات أو الكازيات) أو ما شابه ذلك، أو في أماكن توزيع خاصة بها.
وتصدر “وتد” تقريبًا بشكل يومي نشرة أسعار، وهذه عملية ضبط أشبه بإدارة المحروقات في مناطق سيطرة النظام السوري، حيث يسعّر البنزين في ريف دمشق بنفس السعر في منطقة القامشلي بشمال شرقي سوريا (رغم التجاوزات غير الرسمية)، حسب الباحث في مركز “الشرق” ومهندس النفط سعد الشارع، في حديث سابق له مع عنب بلدي.
وتلتزم الشركات المرخصة لدى “الإنقاذ” بآلية تسعير تصدر عنها أسعار دورية، في حال تغير سعر الصرف أو ازدياد أو انخفاض في سعر المحروقات من المصدر، بحسب ما أوضحه مسؤول العلاقات العامة في وزارة الاقتصاد والموارد بحكومة “الإنقاذ” (المسيطرة على إدلب وتنسق مع “وتد”).
وفي تشرين الثاني من عام 2018، قالت حكومة “الإنقاذ”، إنها شكلت بموجب قرار عبر “وزارة الاقتصاد والتجارة” التابعة لها، لجنة لوضع تعرفة لكل خط من خطوط النقل في المحافظة، لإيجاد حلول للعديد من المشاكل في هذا الصدد، بحسب المدير السابق للمكتب الإعلامي في الحكومة، إبراهيم رضوان.
واعتبر رضوان حينها، أن تلك الخطوات تأتي في إطار سعي الحكومة لضبط حركة المواصلات، وذلك بالإعلان عبر مديرية النقل كخطوة أولية عن عملية “تلويح المركبات عبر مراحل”.
وكانت اللجنة تتضمن ممثلين من مديرية النقل والاقتصاد والداخلية والإدارة المحلية، وسائقًا من كل خط لوضع تسعيره تتناسب مع سعر الوقود، وهي بحاجة للانعقاد الدائم لدراسة وإقرار تعرفة النقل لجميع الخطوط بما يتناسب مع تغير أسعار المحروقات.