إعلان تحريري
على مدار تعاملات الأسابيع القليلة الماضية شهدت الأسواق المالية العالمية ارتفاعات كبيرة لتستعيد جميع خسائرها التي تكبدتها خلال أزمة فيروس “كورونا”، من بين العوامل التي أسهمت في ذلك انخفاض قيمة الدولار الأمريكي.
هوى الدولار الأمريكي بوتيرة سريعة ليتداول حاليًا عند أدنى مستوياته في أكثر من عامين، بعد أن سجل أعلى مستوياته في عدة سنوات عقب أزمة فيروس “كورونا” في 23 آذار/ مارس، خلال عمليات البيع المكثفة التي شهدتها أسواق الأسهم العالمية والتي أوصلتها إلى القاع.
لكن ضعف العملة الأمريكية لا يحمل بالضرورة أخبارًا سلبية لأسواق الأسهم، إذ إن محللي السوق متفائلون بما يعنيه تراجع الدولار بالنسبة لأسعار الأسهم خلال الأشهر المقبلة، وبالرغم من ذلك هناك الكثير من التساؤلات التي أثُيرت في الفترة الأخيرة حول ما إذا كان انخفاض الدولار يشير إلى نهاية عهده كعملة احتياطية في العالم.
علامات الضعف في الاقتصاد الأمريكي
خلال تداولات شهر آب/ أغسطس الماضي وصلت أسواق الأسهم لأعلى مستوياتها على الإطلاق، فقد سجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 لمستوى قياسي جديد منذ شباط/ فبراير، كما حقق مؤشر ناسداك أرقام قياسية بقيادة أسهم التكنولوجيا.
في نفس الوقت لا يزال الاقتصاد يظهر علامات الضعف نتيجة عمليات الإغلاق الاقتصادية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا، حيث تجاوزت معدلات البطالة مستوى 10% وهبط اجمالي الناتج المحلي خلال الربع الثاني بنحو 32.9% مسجلًا أسوأ أداء فصلي على الإطلاق.
يعاني الاقتصاد الأمريكي من حالة من الركود وهذا بدوره ينعكس سلبًا على الدولار الأمريكي الذي يتأرجح أمام العملات العالمية مع استمرار انتشار الفيروس في الولايات المتحدة، على الرغم من اكتسابه الدعم كملاذ آمن في بداية الوباء.
تراجع الدولار الأمريكي فرصة للاستثمار في الأسهم
يري البعض أن انخفاض قيمة الدولار فرصة للاستثمار في أسواق تداول الأسهم من خلال منصات التداول مثل Plus 500 وغيرها، ويأتي تراجع الدولار في الوقت الذي تبتعد فيه الولايات المتحدة عن معظم دول العالم في الحد من انتشار الفيروس، الأمر الذي يزيد من مخاوف المستثمرين تجاه تباطؤ التعافي للاقتصاد الأمريكي، كما يزيد من الضغط السلبي على الدولار احتمالية ارتفاع العجز الأمريكي الذي قد يصل إلى عدة تريليونات، بالإضافة إلى أسعار الفائدة المنخفضة للغاية خلال الفترة المقبلة.
وتشير التوقعات أن تستمر العملة الأمريكية في تراجعها، خاصة بعد إعلان البنك الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه الأخير عن الإبقاء على السياسة النقدية أكثر مرونة لفترات زمنية طويلة، بما سيسهم في ارتفاع أسواق الأسهم.
وقال البنك الاحتياطي إنه سيسمح بإبقاء معدل التضخم الفعلي فوق المستوى المستهدف 2% لفترة طويلة، جاءت تلك التصريحات لتزيد من الضغوط على الدولار الأمريكي.
إن ضعف الدولار يعطي دفعة قوية للأسهم الأمريكية عن طريق جذب المستثمرين الأجانب للشراء، ولكنه ليس بالضرورة أن يقود هذا السوق الضخم على نطاق واسع، فهناك العديد من العوامل التي ساهمت في القفزات القوية للسوق.
يقول محللين إنه من خلال القراءة التاريخية للعلاقة بين ارتفاع الدولار أو انخفاضه وأداء الأسواق المالية اتضح أنه لا توجد علاقة طويلة المدى بين كيفية تداول الدولار في أي سنة معينة وأداء الأسهم الأمريكية، لكن ضعفه يمكن أن يكون له تأثير كبير على الشركات الفردية ونتائج الأرباح على مستوى القطاع، فكلما قل التعرض للدولار الأمريكي كان أفضل للشركة حيث أن تسويات العملة تقلل الأرباح بعد تحويل المبيعات الأجنبية إلى الدولار.
في العموم يُنظر إلى الدولار الأضعف على أنه ميزة للاقتصاد الأمريكي والشركات متعددة الجنسيات الكبيرة التي لديها جزء كبير من عائداتها في الخارج، لكنها تتحمل معظم تكاليفها في الداخل.