“مسد” في موسكو.. اقتحام لمسار الحل السياسي يحكمه الموقف التركي
أثار الاتفاق بين مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) وحزب “الإرادة الشعبية” المدعوم من موسكو، في 31 من آب الماضي، التساؤلات حول إمكانية دخول “مسد” كطرف لاعب في أعمال اللجنة الدستورية السورية، ولا سيما أنها نالت اعترافًا روسيًا بذلك.
الدور الذي قد يلعبه “مسد” في سياق الحل السياسي ومدى تأثيره في سير عمل اللجنة الدستورية يحكمه توافق أمريكي- روسي- تركي، وسط رفض أنقرة فكرة استقبال موسكو لوفد يعد ذراعًا سياسية لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، والتي تصنفها تركيا كمنظمة إرهابية باعتبارها امتدادًا لـ”حزب العمال الكردستاني”.
وكان وفد من “مسد”، يضم رئيسة الهيئة التنفيذية إلهام أحمد ونائبها حكمت الحبيب، ورئيس الاتحاد السرياني سنحريب برصوم، إضافة إلى العضو في المجلس سيهانوك ديبو، قدم إلى روسيا لتوقيع مذكرة تفاهم مع حزب “الإرادة الشعبية” تتعلق بالحل السياسي في سوريا.
تطورات في مهب التفاهمات الدولية
الباحث السياسي فراس علاوي رجح، في حديث إلى عنب بلدي، أن روسيا قد تضغط على تركيا في إدخال “مسد” إلى اللجنة الدستورية، وأضاف، “إذا انسحبت موسكو من أعمال اللجنة الدستورية بهدف إدخال مسد وبالتالي تعطيلها”.
ويتوقع علاوي أنه في الأيام المقبلة قبيل انعقاد جولة اللجنة الدستورية الرابعة ستُعلن “مسد” بالاتفاق مع “الإرادة الشعبية” وروسيا كطرف في منصة موسكو، وبالتالي “سيكون تلقائيًا ضمن المعارضة” (منصة موسكو تنضوي في هيئة التفاوض العليا)، مؤكدًا أن ذلك مرهون بالموقف التركي.
في حين يذهب المحلل السياسي حسن النيفي إلى أن إدخال “مسد” في أعمال اللجنة الدستورية أمر حساس بالنسبة لتركيا.
وقال النيفي لعنب بلدي، “قسد تسعى جاهدة إلى أن تصبح جزءًا من المعارضة السورية، ويصبح لديها مقاعد في هيئة التفاوض، ولكن تركيا حالت دون ذلك (…) وحاولت أمريكا سابقًا أن تُدخل قسد في المعارضة السورية لكنها عجزت وسط الرفض التركي”.
وأضاف النيفي أن موضوع إدخال “قسد” بمسار المفاوضات لن يتم إلا بتوافق أمريكي- تركي- روسي.
ويعدّ “مسد” الذراع السياسية لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، التي شُكّلت في تشرين الأول 2015، وتدعمها الولايات المتحدة الأمريكية.
ترك المظلة الأمريكية
وأشار النيفي إلى أن موسكو تنظر بعين الرضى إلى هذا الاتفاق، موضحًا أن روسيا تستغل حالة انعدام ثقة “قسد” بالجانب الأمريكي، وبالتالي تودّ ضم “قسد” لطرفها.
بدوره، قال الباحث في “مركز عمران للدراسات” معن طلّاع، لعنب بلدي، إن “الأمر الأهم هو الطعم الذي يحاول النظام إطعامه لـ”مسد” عبر هذا الاتفاق، وهو البدء بجرّه لطرفه أكثر من أمريكا.
وأشار إلى أن النظام يحاول على الأقل استغلال هذا الاتفاق لجعل منطقة شرق الفرات (سوريا الغنية بحسب تعبير طلاع)، منطقة غير محرمة عليه.
وكانت واشنطن أعلنت عام 2019، قرارها بسحب قواتها من شرق الفرات، وهو ما اعتبرته “قسد” خذلانًا لها، وسارعت حينها إلى التفاهم مع روسيا، تفاديًا للتهديدات التركية بشن عملية عسكرية ضدها.
مصالح متبادلة
ويرى طلاع أن بنود الاتفاق تحمل مصالح متبادلة، فـ”مسد” أخذت اعترافًا بضرورة أن تكون حاضرة بالمفاوضات، مضيفًا أن رئيس “حزب الإرادة الشعبية”، قدري جميل، قرب وجهات النظر مع النظام، لا سيما في قضية اعتبار “الجيش كجسم عسكري وإنهاء الاحتلالات ورفع عقوبات قيصر”، وفق تعبيره.
وأشار طلّاع إلى أن الجميع يريد أن ينخرط في مرحلة إعادة تشكيل المظلة الكردية شرق الفرات، مذكرًا بأنه قبل قدري جميل، أسس المعارض السوري أحمد الجربا مع الآشور والمجلس الوطني الكردي “جبهة الحرية والسلام”.
بين الترحيب والرفض
الجهود التي بذلتها وقد تبذلها موسكو في إنجاح هذا الاتفاق، وسعي النظام النظام لاغتنام فرصه في كسب “مسد” لصفه، يقابلها رفض من المعارضة السورية وتركيا.
وكانت وزارة الخارجية التركية دعت، في 31 من آب الماضي، روسيا إلى تجنب أي خطوات تخدم أجندات أطراف مرتبطة بتنظيمي “YPG/PKK” (وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها تركيا امتدادًا لحزب العمال الكردستاني)، معربةً عن قلقها من دعوة موسكو للوفد إلى روسيا، واستقباله من قبل مسؤولين رفيعي المستوى.
كما شدد البيان حينها أن التنظيم (YPG/PKK) يستهدف وحدة الأراضي السورية، ويمارس الاضطهاد على السكان في المناطق التي يسيطر عليها عبر اتباعه أجندات إرهابية وانفصالية، بحسب تعبيره.
وكان رئيس “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”، نصر الحريري، قال في تصريح لوكالة “الأناضول”، “نرفض أي اتفاق سياسي مع أي تنظيم إرهابي”.
وأضاف أنه “لا يمكن إجراء أي تفاهمات إلا في إطار إنهاء الدور الإرهابي لهذه المليشيات الانفصالية، ووقف تبعيتها لتنظيم (PKK) الإرهابي، وضمان خروج هذا التنظيم من سوريا، وتفكيك أجهزته الإرهابية، وخضوعه لسلطة القانون، من خلال المؤسسات الشرعية الممثلة للشعب السوري وحقوقه وتطلعاته”.
واعتبر أن “كل من يمد يده للتواصل مع هذه المليشيات وقياداتها، يضع نفسه في صفها، ويتسبب بنسف الجهود الدولية الرامية للحفاظ على وحدة سوريا، وفتح الباب أمام تكريس أمر واقع مشوه، في إجراء لن يكون له أي محل في الإطار الرامي لإيجاد حل سياسي في سوريا”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :