عنب بلدي – إدلب
لحاجتها إلى المال، قررت مريم (اسم مستعار لأسباب أمنية) من سكان مدينة بنش شرقي مدينة إدلب بيع منزلها الواقع في وسط المدينة، لتعلم عن طريق أحد المحامين الذين كانت تستفسر منهم عن إجراءات بيع المنزل وآلية توثيق البيع، بضرورة استخراجها “موافقة أمنية”، كواحدة من الأوراق اللازمة لإتمام عملية البيع.
استنكرت مريم، بحسب ما قالته لعنب بلدي، ضرورة استخراج أطراف عملية البيع “الموافقة الأمنية”، وتساءلت “كيف من الممكن أن يمنع إثبات صلة شخص بالنظام السوري، من بيعه لمنزل أو أرض ملك له في المدينة التي ولد ويقيم فيها؟”.
كيفية توثيق التصرفات العقارية
تجري عمليات توثيق الملكيات وبيع وشراء العقارات في “مكتب التوثيق” بـ”مديرية المصالح العقارية” (الطابو) التابعة لحكومة “الإنقاذ” العاملة في مدينة إدلب.
وفي بيوع العقارات بالمدينة، يجري الأطراف معاملة بجميع بياناتهم، ثم يرفع المشتري دعوى تثبيت العقار لمصلحته، ويحضر على أساسها الأطراف عدة جلسات عند القاضي، وعليها يحكم القاضي بنقل ملكية العقار من البائع إلى الشاري، بحسب ما قاله المدير العام للعقارات في إدلب، عبد الرحمن زين، لعنب بلدي.
ويتطلب توثيق التصرفات العقارية في المدينة استخراج قيد مدني أو صورة طبق الأصل عن الهوية المدنية لمالك العقار وهوية الطرف الثاني، بالإضافة إلى عقد محدد فيه وصف التصرف الذي طرأ على العقار، سواء كان بيعًا أم رهنًا أم استئجارًا، بحسب ما أوضحه المحامي العامل في إدلب أحمد خبو، في حديث سابق إلى عنب بلدي.
كما يتطلب أن يُقدم الطرفان أصحاب المصلحة في التصرف بالعقار، وثيقة تثبت أنهما غير ممنوعين من التصرف بسبب حجز المحكمة عليهم بسبب عته أو سفه أو جنون، أو الحجز على العقار بسبب تنفيذ دعوى قضائية معينة، وتصدر هذه الوثيقة من “مكتب الممنوعين من التصرف” في إدلب، بالإضافة إلى “موافقة أمنية”، تثبت عدم تعامل أي طرف من أطراف العقد مع أي جهة تابعة للنظام السوري.
“بيان وضع” يكشف الصلة بالنظام
قررت حكومة “الإنقاذ” استحداث “بيان وضع” (موافقة أمنية) للأشخاص قبل إبرام عقود العمليات العقارية، سواء عقد الإيجار أو تمليك عقارات، أو أي أمور ذات صلة، للتثبت من سلامة سجلهم القضائي في قضايا الجنايات، أو قضايا “شبه العمالة” للنظام السوري، بحسب مدير المكتب الإعلامي في الحكومة، ملهم الأحمد.
وبرر الأحمد لعنب بلدي أن قرار الحكومة باستصدار “بيان وضع” أو “موافقة أمنية” جاء بسبب عدم توفر بطاقات شخصية في مناطق الشمال السوري، ولضرورة التأكد من الحال الأمنية للمستأجر والمؤجر، أوالمالك والمستملك.
وقال الأحمد إنه في حال ثبوت صلة الشخص مع النظام، يُنظر لماهية هذه الصلة، فإما تكون الحالة من اختصاص جهة قضائية مدنية للنظر فيها، وإن كانت ترقى لدرجة “التخابر والعمالة”، فهذا يُعد جرمًا يُحيل مرتكبه للجهات الأمنية.
وأضاف أن هذا إجراء لا بد منه، وتُلام الجهات المعنية في حال التقصير به في أي بلد من بلدان العالم.
ولم تُجب حكومة “الإنقاذ” عن الاستفسارات المتعلقة بكيفية استخراج “الموافقة الأمنية”، والجهة المانحة لها، ومدة استخراجها، والفترة الزمنية التي بدأت الحكومة بمنح الموافقة خلالها، وآلية بيع الشخص لعقاره في حال إثبات صلته بالنظام السوري.
إلا أن المحامي أحمد خبو كان قد ذكر أن “مكتب الدراسات في إدلب” هو الجهة المسؤولة عن منح الموافقات الأمنية.
وكانت حكومة النظام السوري أصدرت عام 2015 القرار “رقم 4554″، القاضي بإضافة البيوع العقارية وعمليات إيجار وفراغ المنازل والمحلات إلى القضايا التي تستوجب الحصول على “موافقة أمنية” مسبقة من الجهات المختصة.
ويُخالف قرار إلزام إصدار “الموافقة الأمنية” حقوق الملكية الفردية في الدستور السوري لعام 2012، الذي ينص في مادته “رقم 15” على حق الفرد بحرية التصرف بأملاكه وعدم جواز مصادرتها.